مساء السبت.. وبقاعة الشهيد في مباني الخدمة الوطنية بالخرطوم.. جاء جمع كبير وكريم من أهلنا بمحلية الدبة بالولاية الشمالية.. وهم أهل منحنى النيل.. أهل التميز والصبر.. والإيثار.. جاءوا وسماء الخرطوم تلبدها غيوم ويعلوها غمام.. وأمطار تأذن بهطول.. وهكذا الخريف بخيره الوفير.. وأهل المنحنى وتحديداً بمحلية الدبة.. جاءوا يحملون الخير كمطر الخريف.. جاءوا يتأبطون هموم التعليم ومآسيه وعوراته التي بدت واضحة.. فتخطت حيشان المدارس، حيث التلاميذ جلوس كزغب الحواصل يفترشون أرضاً وتظللهم سماء.. فلف العوز حتى مباني إدارات التعليم بما فيها ومن فيها.. عوز وفقر وجفاف وتصحر.. كاد ينسينا صفحات تميز وإشراقات (مدارسنا.. وعنوانها النجاح ومصبها كليات جامعة الخرطوم).. فمشاكل التعليم بالشمال هي نتاج طبيعي لسياستنا الخاطئة.. وقوانين الخدمة المدنية التي أقعدت المدرس التربوي وهو قادر على العطاء.. بقانون مجحف حتى ظللنا كل عام نعاني في مدارسنا ومثل هؤلاء المعلمين يتسربون من بين أيادينا.. بما فيهم معلمون أقعدهم المرض والعنت والمشقة.. كما ظل الموت سارقاً لأرواح بعضهم.. ولكنهم في ذلك السبت جاءوا بهمتهم حضوراً وتفاعلاً ليؤكدوا أن (الدهن في العتاقي)، فتحدث الجميع.. وشخصوا الداء.. ووضعوا الدواء لكل أمراض التعليم بمحلية الدبة.. فكان الأستاذ محمد الحسن عمر أحمدون الذي صاغ مذكرة التعليم الأهلي في عام 1956م، اختصر مشاكل التعليم في أمراضه المالية والفنية، ومن ثم جاء الأستاذ/ ود حاج عبد الهادي الذي فصل بالأرقام وعلم الحساب والواقع، مشاكل التعليم بكل محلية الدبة ليؤكد بأن العيش ليكون ناضجاً شهياً، يجب أن يعطي لخبازه وهو مدير التعليم بالمحلية، فقد عكس واقع التعليم المزري بكل تفاصيله. أما ورقة تطوير التعليم كان لابد أن تأتي كتاباً مبيناً، لأن من صاغها قلم أستاذ خبير هو الأستاذ عمر محمد حسين.. أما الأستاذ المخضرم علي فقير عبادي فقد لملم علاجات التعليم بمحاوره الخمسة بلجان خمس تدرس.. تفصل.. تحسب وتقيم التكاليف المالية لتطرح في اجتماع لاحق وحاسم تراعى فيه أوليات الصرف والعلاج، علماً بأن ضربة بداية الورشة كانت موجهات من السيد وزير التربية والتعليم بالولاية الدكتور طه محمد أحمد طه.. وخلاصات الرجل المجرب نائب الدائرة دكتور عبد اللطيف محمد سيد أحمد.. ومؤشرات فيها الأمل من الأستاذ عادل عوض معتمد محلية الدبة. ومن إشراقات تلك الورشة التي أكدت تميز أهل محلية الدبة وتعليمها.. هي استصحابهم لظروف البلاد الآنية وتفاعلهم بصدق بالهم العام.. والتحديات التي تواجه البلاد وعواقب وخيمة وكوارث لا قدر الله إن وقع انشطار جزء عزيز من الوطن ستطال الجنوب قبل الشمال وأمنياتهم بوحدة عملوا لها في داخل مؤتمرهم تحت شعار (نتحمل قضايانا الصغيرة من أجل وطن كامل). ودرة هذا التجمع مثله شباب تسلح بالعلم واتصف بحب وطنهم الصغير والكبير، هم من شباب المنطقة اصطفوا في منظمتهم الطموحة.. التي نظمت ووجهت المنطقة ووحدت القلوب لتنمية اجتماعية.. تعنى بشؤون أهلهم الذين ظلوا يقدمون الخير والنماء والخبرات والكفاءات والعلماء لكل أهل السودان من غير منٍ ولا أذى. والختام هو مناشدة لكل أهل المحلية بأن يظلوا كما عودونا كنخلاتهم يعطوا الظل والثمر لكل السودان، ففيكم أهل العقول.. والكفاءة والعلماء والمقتدرون والمتنفذون.. فهي دعوة من شبابكم في الخرطوم لتطوير التعليم تحت شعار (علموا أبناءكم لزمان غير زمانكم).