فى ألمانيا يتجه بعض الناشرين لنشر مقتطفات من كتاب أدولف هتلر الذي يحمل عنوان «كفاحي» ، وفي بريطانيا خطط ناشر بريطاني لوضع مقتطفات من مبادئ هتلر على منصات بيع الصحف، ولكنه تراجع فقط عندما تدخلت محكمة في بافاريا في الأمر، كما تراجع الناشرون الآخرون عن نيتهم نشر هذه المقتطفات. ورغم أن نشر كتاب هتلر «كفاحي » ليس محظوراً قانوناً، غير أن حكومة بافاريا تمتلك حقوق الملكية الفكرية، وقد ألمحت بمعارضتها لذلك. والسؤال هو هل ما زالت هناك مشاعر قوية بمعاداة السامية في المجتمع الألماني؟ فاليهود في المانيا يعيشون فوق الأرض التي أنتجت المحرقة، وتقول دراسة أكاديمية إلى أنه من بين كل 5 ألمان، يوجد ألماني واحد لديه على الأقل معاداة « كامنة » ضد اليهود. ومع هذا فإن فى ألمانيا جالية يهودية متنامية، وهي أسرع الجاليات اليهودية نمواً في أوروبا. فالعديد من المهاجرين اليهود يأتون من روسيا، ولكن العديد منهم يأتون أيضا من إسرائيل، وقد أتوا ليعيشوا على أرض آبائهم، وأتوا ليعيشوا على الأرض التي طرد فيها هؤلاء الآباء إلى حتوفهم. وهم يعرفون تاريخهم جيدا، لكنهم في نفس الوقت يعيشون حياتهم ويكسبون أقواتهم. وفي العام الماضي، نشرت جامعة بيلفيلد الألمانية نتائج إستطلاع قامت به في عدة دول أوروبية، لقياس المواقف المختلفة نحو اليهود والمسلمين وغيرهم من ضحايا ما يطلق عليه « العداء المركز ضد مجموعة ما» . وقد إنتهت الدراسة إلى أن العداء الموجه نحو مجموعة ما منتشر في أوروبا، وهو أضعف ما يكون في هولندا، وأقوى ما يكون في بولندا والمجر. كما قال الباحثون الذين قاموا بهذا الإستطلاع إن المعاداة للسامية كانت أقوى ما يكون في بولندا والمجر، ولكن في البرتغال، وتتبعها بشكل قريب ألمانيا، تعد المعاداة للسامية أقوى من أية دولة أخرى من دول أوروبا الغربية. وفي إيطاليا وفرنسا، كانت إتجاهات المعاداة للسامية بشكل عام أقل إنتشاراً من باقي دول أوروبا في المتوسط، بينما كانت إتجاهات معاداة السامية أقل في بريطانيا وهولندا. وهناك شعور منتشر، ولكن ليس هو الأغلب ضد المهاجرين والمسلمين في أنحاء أوروبا مع وجود إختلافات قليلة بين الدول، أما فيما يخص معاداة السامية، فهي ترتفع كلما إتجهنا شرقا. ويبدو أيضا أن التحيز يزداد سوءاً، ويقول عالم إجتماع من جامعة بيلفيلد إن اللوم في ذلك يقع على الظروف الإقتصادية الصعبة. وقد قام هذا العالم بإجراء أبحاث على الإتجاهات المختلفة في ألمانيا خلال العشر سنوات الماضية، ونشر نتائج أبحاثه بشكل سنوي في كتاب بعنوان « أحوال ألمانيا» . وإنتهي في أخر كتاب له إلى أن الكراهية للأجانب في إزدياد، خاصة بعد الأزمة الإقتصادية التي بدأت عام 2008. وقال أيضا إن هناك إتجاه يسمى « بغض نوع معين من البشر» لم يكن فقط ضد اليهود أو المسلمين، و إنما أيضاً ضد العاطلين عن العمل لفترة طويلة. وقال أيضا إن هذا الإتجاه لم يرتفع ضد المثليين الجنسيين أو النساء مثلا في ألمانيا، ولكنه إرتفع ضد العاطلين عن العمل لفترات طويلة وأيضاً ضد بعض الأقليات العرقية. وهناك طريقة واحدة تختلف فيها الإتجاهات لدى الألمان عن غيرهم في البلاد الأخرى. ففي دولة تزيد فيها الهجرة مثل بريطانيا والولايات المتحدة، لا يرتبط تعريف الهوية الوطنية فيها بعرق معين. وفي أمة تعيش في جزيرة مثلاً، وبها مهاجرون منذ ألف عام، يصبح من الصعب جداً تحديد من ينحدر من أين بدقة. أما في ألمانيا، فقد كان قانون منح الجنسية الألمانية يعتمد على علاقات الدم، أي إن الشخص لن يحوز على الجنسية الألمانية ما لم يكن أحد والديه المانياً. وقد تغير هذا القانون الآن.