صديقي.. حسين.. مرة أخرى لك التحاياوشوق لا يحد.. واليوم نبحر على زورق الأحزان.. ذاك الذي يمخر عباب بحر أمواجه من هاطل الدموع.. بديع وأنت تصور لوحة الوطن تلك الغارقة في طوفان الدموع.. انك يا صديقي لم تترك بوصة من خارطة الوطن إلا وكانت فيها طعنة رمح أو ضربة سيف.. شجاع وأنت تنصب سبعة وعشرين خيمة عزاء.. بل تفتح سبعة وعشرين بيتاً للبكاء.. ولكن.. من صنع كل هذا؟؟.. إنه السؤال الزلزال.. انه العاصفة التي تحمل في احشائها الاجابة.. وهل تصدق- صديقي- انك رغم وسامة الحروف وطلاقة اللسان.. وتدفق المعرفة من صدرك شلالاً روياً.. هل تصدق انك من الذين ساهموا.. بل اسسوا لهذا الواقع الحزين.. «قول لي كيف» لأقول.. وقبل الدخول إلى صالونك الفخيم.. دعني أبقي هنيهة في «الدهليز».. لأعترف بأنك وأنا.. وكل الناس.. تحت مظلة تلك الخيام.. ولأن الجرح غائر.. ولأن الدم نازف.. ولأن الفؤاد راعف.. دعنا.. نجتاز هذا الحزن.. بكلمات عابثة.. استلهم فيها بعض حروفك تلك الزاهية حتى عندما تكتب في وجع.. التمس فيها بعض السلوى و «إنت عشان فنان» دعني اخلط الدموع بالضحك.. الوجع بالفرح.. الجد بالهزل.. لأقول.. كل الدنيا.. أعني الذين عاصروا وعاشوا فترة الديمقراطية الثالثة تلك الرحيبة.. يعرفون «زي جوع بطونهم» إنك من حلحلت صواميل تلك الديمقراطية صامولة صامولة.. لا.. ليس وحدنا.. حتى «أخوانك» الذين مكنهم الله في الأرض يعلمون وإن أنكروا.. كانت كلماتك هي تلك المفاتيح الماهرة.. التي ظلت تحلحل في تلك الصواميل.. نحن لم نكن على تمام الرضاء بتلك الديمقراطية ولكنا كنا نجزم بإن اصلاح الديمقراطية بمزيد من الديمقراطية.. كنا «نهز» نخلتها برفق حتى تتساقط علينا رطباً جنياً.. ولكنك صديقي.. ما كنت تهز تلك النخلة.. بل كنت ترجها رجاً.. بعد أن أوهيت و أوهنت الجذور.. بعدها لم يجد «أخوانك» رهقاً ولا تعباً ولا حتى «قومة نفس» وبلمسة واحدة تهاوت الشجرة- مأسوفاً عليها- كنا نقول.. إن البديل الحتمي للديمقراطية هو الشمولية.. ولكنك كنت تنتظر بدراً.. وانبلاجاً لصبح.. ترسمه في خيالك.. تودعه تجاويف ضلوعك.. بل خبأته حتى من فضول البشر.. وكنا نقول.. كما يقول الحبيب الصديق صلاح حاج سعيد.. والرجل كان يعني بل يخاطب يحذر المحبوب.. و.. الحب طريق محفوف صعاب انت لسه في أوله ما رضيت كلامنا وجيت براك أهو ده العذاب إتحملو.. صديقي حسين.. أهو ده العذاب اتحملوا.. ولن أكون قاسياً.. لأقول.. تستاهل.. وشتان ما بين تستاهل هذه.. وتستاهل عند بديع الجوهر والمخبر الصديق الراحل عثمان خالد.. ذاك الذي قال.. تستاهلي لو درتي حتى من قلب القمر باقات أساور أو حلي.. يا صديقي.. انا لا أرميك بالباطل.. ولكن.. حتى صادق المهدي.. قد اعترف اعترافاً باهراً.. بأن ألوان.. والتي هي حسين خوجلي قد ساهمت بقدر كبير في الإطاحة بالديمقراطية الثالثة.. وصدق الرجل.. صدق الرجل.. يا صديقي.. كنت تكتب عن «أميرة» تلك المنتهكة آدميتها.. واليوم.. نفتتح يومنا.. وعبر الصحف بأكثر من أميرة.. يومياً.. عزيزي وصديقي.. هل أنت نادم.. هل أنت حزين.. وهل تذكر.. حسن النوايا.. وصدق ونبل المقصد الذي يقود إلى أتون مشتعل بالجحيم ثم هل طافت بذهنك قصة «سنمار».. أم ما زلت ترجو خيراً وانبلاج صبح جديد واشراق شمس أخوانك.. وداعاً صديقي.. وإذا كنت قد استمطرت منك بعض الدموع.. فقد حملني مقالك الحزين ذاك قريباً من «أحمد شرفي».. فقد تحجرت في عيوني حتى الدموع.. و«راح حسي» من فرط البكاء.. دعنا.. نبتهل لرافع السماء بلا عمد.. أن يحفظ الوطن.. بديعاً.. أنيقاً بهيجاً.. بهياً.. ولكن.. خيّر ديمقراطي.. لك ودي