القواسم المشتركة: يوجه الباحثون في قضية تعايش الأديان إلي الإهتمام بالقواسم مشتركة بين المسيحية والإسلام، وأذكر المحاضرة الموسومة فن التعايش عند أهل السودان، والتي قدمها الداعية الإسلامي العالم المهذب المهندس الصافي جعفر في أكثر من موقع، وقد طالب الناس أن يهتموا بالقواسم المشتركة في الأديان وهي محطات كثيرة وكلنا يؤمن بإله واحد، وكلنا نؤمن بالأنبياء وبالملائكة، وباليوم الآخر، وبالصلاة والصوم والزكاة وأشياء أخري كثيرة، وهناك أيضاً أشخاص كثيرون حولهم جميعاً نجمع ونجتمع عندها مثل مريم العذراء والسيد المسيح، والأنبياء العظماء في العهد القديم نوح وإبراهيم وإسماعيل، ويعقوب ويوسف ويونس ويحيي وغيرهم كثيرين. ومحطة هذا اللقاء من القواسم المشتركة حول إسحق إبن إبراهيم من زوجته سارة، والقرآن الكريم لم يدخل في تفاصيل قصة إسحق ولكنه ذكره نبياً من العظماء من ذرية إبراهيم الذي جعل الله في ذريته النبوة والكتاب، وإسحق نبياً من الصالحين بارك الله فيه وذريته، وهو من أولي الأيدي والأبصار، ومن الْمُصْطَفَيْنَ الأخيار: (وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِü إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِü وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الأَخْيَارِ) سورة ص45-47. وعند المفسرين من المسلمين أن إسم إسحق يقال له بالعبرانية يضحك ويقولون أنه سمي بذلك لأن أمه ضحكت في نفسها حينما بشرتها الملائكة بأنه سيكون لها إبن، وكانت قد شاخت وتجاوزت سن الولادة فكان عمرها آنذاك تسعون عاماً وكان زوجها له من العمر مائة عام. زواج إسحق: وفي الأدب الإسلامي أنه لما شعر إبراهيم عليه السلام بدنو أجله، لم يكن إسحق قد تزوج بعد، ولم يكن أبيه يريد أن يزوجه من امرأة كنعانية تجهل الله، وتكون غريبة في العشيرة، لهذا كلف إبراهيم خادماً له كان قيم بيته وموضع ثقته بأن يذهب إلي حاران في العراق، ويأتيه بفتاة من عشيرته. ويستمر الأدب الإسلامي قائلاً: أن الخادم سار والعناية الإلهية تصحبه حتي وصل إلي حاران وهناك وقع أختياره علي رفقة بنت بتوئيل بن ناحور أخي إبراهيم عليه السلام فتكون رفقة بنت إبن شقيق إبراهيم، وعاد بها حيث تزوجت إسحق. وفي سفر التكوين الإصحاح والرابع والعشرون نقرأ قصة زواج إسحق، ونقرأ فيها كيف يبدأ الإختيار من عند الله عندما نِدخل الله في إختيار زوجاتنا، ونقرأ عن خجل العروس، وعن الشبكة خزامة في الأنف وسوارين في اليد، وعن موكب العروس إلي مقر العريس في هودج جميل مع حياء شرقي أصيل. والأفضل أن نقرأ القصة في الكتاب المقدس حيث جاء في سفر التكوين: وَشَاخَ إِبْرَاهِيمُ وَتَقَدَّمَ فِي الأَيَّامِ. وَبَارَكَ الرَّبُّ إِبْرَاهِيمَ فِي كُلِّ شَيْءٍ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِعَبْدِهِ كَبِيرِ بَيْتِهِ الْمُسْتَوْلِي عَلَى كُلِّ مَا كَانَ لَهُ: »ضَعْ يَدَكَ تَحْتَ فَخْذِي فَأَسْتَحْلِفَكَ بِالرَّبِّ إِلَهِ السَّمَاءِ وَإِلَهِ الأَرْضِ أَنْ لاَ تَأْخُذَ زَوْجَةً لِابْنِي مِنْ بَنَاتِ الْكَنْعَانِيِّينَ الَّذِينَ أَنَا سَاكِنٌ بَيْنَهُمْ بَلْ إِلَى أَرْضِي وَإِلَى عَشِيرَتِي تَذْهَبُ وَتَأْخُذُ زَوْجَةً لابْنِي إِسْحَاقَ«. َقَالَ لَهُ الْعَبْدُ: »رُبَّمَا لاَ تَشَاءُ الْمَرْأَةُ أَنْ تَتْبَعَنِي إِلَى هَذِهِ الأَرْضِ. هَلْ أَرْجِعُ بِابْنِكَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي خَرَجْتَ مِنْهَا؟« فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: »احْتَرِزْ مِنْ أَنْ تَرْجِعَ بِابْنِي إِلَى هُنَاكَ. اَلرَّبُّ إِلَهُ السَّمَاءِ الَّذِي أَخَذَنِي مِنْ بَيْتِ أَبِي وَمِنْ أَرْضِ مِيلاَدِي وَالَّذِي كَلَّمَنِي وَالَّذِي أَقْسَمَ لِي قَائِلاً: لِنَسْلِكَ أُعْطِي هَذِهِ الأَرْضَ هُوَ يُرْسِلُ مَلاَكَهُ أَمَامَكَ فَتَأْخُذُ زَوْجَةً لِابْنِي مِنْ هُنَاكَ. وَإِنْ لَمْ تَشَإِ الْمَرْأَةُ أَنْ تَتْبَعَكَ تَبَرَّأْتَ مِنْ حَلْفِي هَذَا. أَمَّا ابْنِي فَلاَ تَرْجِعْ بِهِ إِلَى هُنَاكَ«. فَوَضَعَ الْعَبْدُ يَدَهُ تَحْتَ فَخْذِ إِبْرَاهِيمَ مَوْلاَهُ وَحَلَفَ لَهُ عَلَى هَذَا الأَمْرِ.(تكوين24: 1-9). ولقد وقف اليعازر الدمشقي عند عين الماء لكي يختار زوجة لسيده إسحق، وهذا ما قاله عندما وقف بين يدي أخيها لأبان: فَجِئْتُ الْيَوْمَ إِلَى الْعَيْنِ وَقُلْتُ: أَيُّهَا الرَّبُّ إِلَهُ سَيِّدِي إِبْرَاهِيمَ إِنْ كُنْتَ تُنْجِحُ طَرِيقِي الَّذِي أَنَا سَالِكٌ فِيهِ فَهَا أَنَا وَاقِفٌ عَلَى عَيْنِ الْمَاءِ وَلْيَكُنْ أَنَّ الْفَتَاةَ الَّتِي تَخْرُجُ لِتَسْتَقِيَ وَأَقُولُ لَهَا: اسْقِينِي قَلِيلَ مَاءٍ مِنْ جَرَّتِكِ فَتَقُولَ لِيَ: اشْرَبْ أَنْتَ وَأَنَا أَسْتَقِي لِجِمَالِكَ أَيْضاً هِيَ الْمَرْأَةُ الَّتِي عَيَّنَهَا الرَّبُّ لابْنِ سَيِّدِي. وَإِذْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أَفْرَغْ بَعْدُ مِنَ الْكَلاَمِ فِي قَلْبِي إِذَا رِفْقَةُ خَارِجَةٌ وَجَرَّتُهَا عَلَى كَتِفِهَا فَنَزَلَتْ إِلَى الْعَيْنِ وَاسْتَقَتْ. فَقُلْتُ لَهَا: اسْقِينِي. فَأَسْرَعَتْ وَأَنْزَلَتْ جَرَّتَهَا عَنْهَا وَقَالَتِ: اشْرَبْ وَأَنَا أَسْقِي جِمَالَكَ أَيْضاً. فَشَرِبْتُ وَسَقَتِ الْجِمَالَ أَيْضاً. فَسَأَلْتُهَا: بِنْتُ مَنْ أَنْتِ؟ فَقَالَتْ: بِنْتُ بَتُوئِيلَ بْنِ نَاحُورَ الَّذِي وَلَدَتْهُ لَهُ مِلْكَةُ. فَوَضَعْتُ الْخِزَامَةَ فِي أَنْفِهَا وَالسِّوَارَيْنِ عَلَى يَدَيْهَا. وَخَرَرْتُ وَسَجَدْتُ لِلرَّبِّ وَبَارَكْتُ الرَّبَّ إِلَهَ سَيِّدِي إِبْرَاهِيمَ الَّذِي هَدَانِي فِي طَرِيقٍ أَمِينٍ لآخُذَ ابْنَةَ أَخِي سَيِّدِي لابْنِهِ. وَالآنَ إِنْ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ مَعْرُوفاً وَأَمَانَةً إِلَى سَيِّدِي فَأَخْبِرُونِي وَإِلا فَأَخْبِرُونِي لأَنْصَرِفَ يَمِيناً أَوْ شِمَالاً».(تكوين24: 42-49). وبعد هذا تمت موافقة الأسرة وعاد اليعازر مع موكب عروس هي رفقة زوجة لإسحق.