اليوم الجمعة يوم من أطيب أيام الله، ويزيده طيباً تلاقي المسلمين على مستوى أهل الأحياء والقرى والفرقان في مكان واحد هو المسجد الجامع لهم.. يلتقون لينصتوا إلى من ينصحهم ويجمع شملهم ويقوي أصرتهم.. وصلاة الجمعة فرضت على المسلمين بمكة قبل الهجرة، ولكنها لم تقم في مكة لأن المسلمين حينها كانوا لايجاهرون بعباداتهم ولا يستطيعون الاجتماع. تحرص المساجد في أنحاء السودان كافة على إقامة صلاة الجمعة، رغم أن من شروط صلاة الجمعة أن تكون في المسجد الذي يكون جامعاً، إذ روى ابن المنذر عن أبن عمر رضى الله عنهما انه كان يقول «لا جمعة إلا في المسجد الأكبر الذى يصلي فيه الإمام ».. وعلى ذلك يمكن أن تكون بعض المساجد مصليات للأوقات المعروفة، والحكمة هي أن يكون المسجد مكاناً لتلاقي المسلمين، فكما الحج هو المؤتمرالجامع للمسلمين في بقاع الأرض فإن المسجد الجامع والجمعة ملتقى أسبوعي لأهل البلدة والأحياء، يتواصلون ويتشاورون ويتفاكرون في شؤون دينهم ودنياهم. لاحظت أن حرص الإسلام على الوحدة والتلاقي والتجمع تفسده عندنا بعض الممارسات التي يأتي بها بعض أئمة المساجد في إثارة قضايا البغض والكراهية بين المسلمين نظراً للتعصبات المذهبية والخلافات الفرعية بين بعض الجماعات والطوائف.. وإن كانت لاتزال هذه في بلادنا في إطار محدود، إلا أن الانفتاح الذي تشهده البلاد وجذبها لإخوة الإسلام مستثمرين وخبراء وعمال، بدأ يُظهر شيئاً من هذه الفتن خاصة وأن مساجدنا مفتوحة لكل من يرتادها بأن يصعد المنبر ويخطب ويصلي بالناس والجهات المسؤولة بوزارة الأوقاف الاتحادية والمحلية تظن أن في ذلك ماتحتمه الأخوة الإسلامية التي لم تسلم من الاختراقات الصهيونية والاستخبارية التي تعمل بكل قواها المادية والفكرية ألا تجعل للإسلام وحدة ولا لأهله شأناً ولا إجماع . نريد خطبة الجمعة أن تقوم على ذات الأركان التي كانت عليها في عهد المصطفى صلى الله عليه وسلم والتي أجملها العلماء في خمسة أركان : حمد الله تعالى - الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم - الوصية بالتقوى - إيراد آيات من القرآن - الدعاء للمؤمنين.. وإن كانت هذه الأركان من المندوبات وليست من الفرائض إلا أنها فيها روح الجماعة وأصرة الأخوة وحسن الدعوة إلى الله . وفي يوم الجمعة نطلب من جهات الاختصاص بوزارة الأوقاف اتحادية أو ولائية أن تعمل على إقامة الآذان في وقته المحدد ولا نقول إقامة الصلاة أيضاً، فالبعض يؤذن لصلاة الجمعة عند الواحدة إلا ربع وبعضهم عند الواحدة ويستمر الآذان الأول حتى الواحدة والنصف.. فلم لا تصدر الأوامر بتوقيت محدد للآذان للصلوات الخمس، وقد سمعت الآذان في بعض الدول العربية موحداً يُنقل من الإذاعة الرسمية إلى كل مسجد عبر مذياع صغير يشرف عليه عامل المسجد. نستطيع بقليل من الإشراف أن تكون المساجد وإقامة الصلوات فيها عاملاً من عوامل وحدة المسلمين وقوتهم.. والله هو القادر على ذلك عندما جعل الصلاة كتاباً موقوتاً، والرسول صلى الله عليه وسلم يدعونا أن نسوي صفوفنا وأن نسد الفرج لتمام الصلاة. فأي وحدة وأي قوة أكبر من ذلك جمعة مباركة.