شجرة السنديان من أكثر نباتات الأرض اخضراراً وجمالاً، ولكنها تحمل في ثنايا أوراقها الجميلة ملايين الديدان الصغيرة، التي لا ترى بالعين المجردة، والحركة الشعبية التي يراها من تستنهضهم للقتال بدعوى التهميش زاهية، وأنها طريق الخلاص ممن قعد بهم صحة وتعليماً وغذاءً وكساءً نعم و«كساءً»، وكأن أهل الشمال ذهبوا اليهم وجردوهم من الكساء، وكأن أهل الشمال عندما أقاموا أقدم الحضارات على وجه الأرض كان ذلك على حساب بترول الجنوب. وشجرة السنديان هذه يتعلق بأغصانها بعض الحالمين بالكراسي الدوارة، ويتوهمون أنهم سيقيمون علاقة محترمة مع حكومة الحركة الشعبية في الجنوب، وإذا كانوا قد نسوا فانا نذكرهم أن الحركات الجنوبية المسلحة قاتلت وزارة السيد اسماعيل الأزهري في ظل الاستعمار في توريت اغسطس 1955م، ثم قاتلت حكومة السيد الأزهري 56- 1958 ثم قاتلت نظام الفريق ابراهيم عبود 58-1964، ثم قاتلت حكومات الحزبين 64-1969، ثم قاتلت نظام مايو 69-1985 عدا فترة سريان اتفاقية أديس أبابا، ثم قاتلت حكومات الأحزاب 86 -1989، ثم قاتلت نظام الإنقاذ «الثوري ثم الدستوري» ولم يشفع له أنه بحث عن السلام بتمهيده لهم الطريق للاستفتاء الذي لن نتحدث عن نزاهته، ورغم ذلك اعترف نظام الإنقاذ به، وبعد بضعة أشهر من رفع علمهم اضطروا السودان لأول مرة ليخوض الحرب مع أحد جيرانه.. السودان الذي عرف بالصبر على أذى الجيران مصر مبارك في حلايب، وليبيا القذافي في دارفور، وتشاد قبل التطبيع، ويوغندا الثعلب موسفيني، وكينيا في مثلث الذهب، واثيوبيا في بني شنقول، واريتريا قبل التطبيع.. إذن هم يقاتلون الشمال ولا شيء سوى الشمال «فاترك الأحلام يا جميل وأصحى» كما صحا مؤخراً السيد الإمام الصادق المهدي الذي نرجو أن لا يغفو بعدها. السيد سلفاكير بعد أن تلقى لطمة على خده الأيمن في هجليج وأخرى على خده الأيسر في الصين، التي لم توافق على تبديد أموالها في خط ناقل للبترول عبر الجبال، لسبب بسيط هو أن الصين منحازة جداً لمصلحة شعبها دون أن تضر بمصالح الشعوب الأخرى، ولا تسعى لإيقاع الفتن بين الدول والشعوب، كما تفعل أمريكا، التي لا تنتمي حتى الآن «للمد» الإسلامي والحمد لله، لذلك فهي لا تحمل أخلاق الحضارات الراسخة، ولا تملك حضارة كحضارة الصين التي تقدر كسب الإنسان مهما اختلف معها في التصور وفهم الأشياء، طالما أن ذلك الكسب يصب في مصلحة الإنسانية، والصين تقدر للسودان أنه يبادلها الوفاء وفاءً، وهذا ما لايفهمه سلفاكير الذي بعد أن تلقى اللطمتين صاح مستنجداً بالصهيونية العالمية في ابتزال رخيص، مقدماً نفسه شرطياً يقف أمام المد الإسلامي ويمنعه الانتشار في افريقيا. هذا الأمر ليس جديداً على الحركة الشعبية، وأظن القارئ الكريم يذكر أن جناح توريت التابع لقرنق كان في مفاوضات أبوجا الثانية قد قدم ورقته التي يدعو فيها الى 1-: تحويل السودان الى دولة علمانية وديمقراطية «زي أمريكا يعني وكدا» ضارباً بمنفستو الحركة الشيوعي عرض الحائط، والمسألة كلها انتهازية.. الكف عن نشر ثقافة أي جماعة عرقية على حساب الجماعات العرقية الأخرى، وإذا كانت السياسة مقدمة على الثقافة في حالة اختلال ميزان التعايش، فماذا هو قائل عن هيمنة الدينكا على المناصب الرفيعة والحساسة في دولة الجنوب؟ 3- رفض الدين أساساً للتشريع.. فماذا هو قائل عن حليفته اسرائيل التي تسمي دولتها باسم نبي، وماذا هو قائل عن دولة الفاتيكان، وماذا هو قائل في دولة كأمريكا يخرج رئيسها «الأبيض» من اجتماع مع مندوبه «الأسود» في الأممالمتحدة أثناء حرب الخليج، فيذهب الأول الى كنيسة البيض، ويذهب الثاني الى كنيسة السود، ليصليا من أجل جنودهما في الصحراء!! بمعنى أنها دولة دينية وعنصرية ولا أحد يقول شيئاً. يا سيد سلفا إن قول الله الذي نؤمن به ونثق فيه هو «ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون» وكفى.. ولا يحلمن عاقل بجوار محترم أو آمن، والجنوب تحكمه الحركة الشعبية.