قرار زيادة تعرفة أسعار الكهرباء لم يكن موفقاً من حيث الزيادة التي طبقت بغتة، ولا من حيث التوقيت. للقرار «المرتجل» أكثر من وجه قبيح، أول هذه الوجوه هو استهانة الحكومة ممثلة في وزارة الكهرباء ب«المواطن».. وثانيها استخفافها بمؤسسات اتخاذ القرار ممثلة في المجلس الوطني، وثالث تلك الوجوه القبيحة للقرار هو «عدم التحسّب» لردة الفعل الشعبية، القائمة أصلاً ضد موجة الغلاء وارتفاع تكلفة المعيشة، ورفع الدعم عن المحروقات التي قادت الى كل ما قادت. وزارة الكهرباء نجحت في «كهربة» الأجواء السياسية، وأخشى أن تكون قد فتحت أبواباً جديدة «واسعة» للاحتجاج على الأوضاع المعيشية التي بلغت حداً لم يعرفه الناس من قبل، ولم يألفوه، حداً أوصل كيلو اللحم «الضاني» الى خمسين جنيهاً بالتمام والكمال و«البقري» الى أربعين.. وأوصل كيلو الفراخ الى خمسة وعشرين جنيهاً رغم أصوات الدعاية الصاخبة التي تطلقها الولاية ووزاراتها بأن الكيلو سيتم طرحه بستة عشر جنيهاً فقط للمواطنين. الآن أضافت وزارة الكهرباء بقرارها المتعسف والمفاجئ أثقالاً جديدة على كاهل المواطن المسكين المغلوب على أمره، الذي احتمل «مافات» من زيادة «رجاءً» و«أملاً» في ما سوف يأتي، وتعلق قلبه بفريق التفاوض في «بحر دار» الاثيوبية علّ وعسى أن يصل وفد حكومة السودان ووفد حكومة دولة جنوب السودان الى اتفاق تتحقق من خلاله أحلام البسطاء وآمال المساكين ب«عيش كريم» وخدمات «مدعومة»، وليست مجانية خاصة في مجالات الصحة، والتعليم، وخدمات صحة البيئة، ومياه الشرب، والطرق، والكهرباء. لقد رفعت الحكومة- فيما يبدو- يدها عن كل شيء، وتركت البعض «يعبث» بأحوال العباد وأمن البلاد باتخاذه لقرارات «صادمة» مثل القرار الذي اتخذته ونفذته وزارة الكهرباء التي «نعلم» و«لا تعلم» خطورة ما ذهبت إليه، وفي يقين القائمين بأمرها أن قراراتهم لا تُراجع. نخشى إن لم تتم المراجعة من آثار انفجار الغضبة الشعبية العارمة، فالكهرباء الآن لم تعد ترفاً أو تسلية يتمتع بها أصحاب الأموال والأغنياء- الكهرباء- يا سادة- هي أعظم وسائل محاربة الفقر فلا تحاربوها.