استوقفني مثل مصري يقول: العندو قرش محيرو يشتري حمام ويطيرو.. هل لدينا مثل مشابه.. ربما كان ذلك الذي يقول العندو الحنة يحنن ماعنّ له.. لكن هل لدينا حقاً الذين يشترون الحمام ويطيرونه.. وهل في هذا تبديد للثروة والجهد فيما لا يفيد، ربما يستمتع المرء بعمليه شراء الحمام واطلاقه، وغالباً ما يعود الى برجه وأهله.. عموماً العملية برمتها عبثية لكن ساقني هذا الى دنيا الأمثال الشعبية.. تساءلت هل المثل في البيئات العربية «المثل العامي» لابد أن نجد له موازياً أومشابهاً في كل البيئات.. أبسط طريقة أن أتأمل بعض الأمثال المصرية في مقارنة مع الأمثال السودانية للتقارب الوجداني الى حد ما بين الشعبين، فوجدت أمثالاً تتطابق.. وأمثالاً تتشابه، وبعضها لم أجد له مماثل.. مثل مثلهم الذي يقول:- «ماتفرحيش يا أم الولد.. بكره بنتي تكبر وتاخدو بره البلد» لم أجد له موازياً، ربما لأنه في مجتمعنا تقدر الحماه أو النسيبة وتوضع غالباً في مقام الأم.. ولو أن ثمة استهداف للنسيبة في أغاني البنات.. ففي الثمانينات ظهرت أغنية «العجوز القاعده بره.. قاعده لي أنا للمضره»، لكن مثلاً مشابهاً لم أجد ربما للفروق البيئية.. وربما لأن جذور العائلة الممتدة مازالت «مكنكشه» في السودانيين.. فلا ينظرون الى الولد هذه النظرة المكايدة.. مثل ثانٍ لم أجد له مثيلاً ذلك الذي يقول: اللي ما تربيه الأهالي.. تربيه الأيام والليالي.. ولكن الفكرة موجودة في أدبيات الحس الشعبي.. إن الأيام تعلم.. ففي أغنية سودانية لمجذوب أونسة «الدنيا ياما توري والدهر ياما يقري» وهناك عبارات مثل الحياة مدرسة.. لكن النص ذاته.. لم اعثر له على مثيل. مثل جميل لم أجد له مثيلاً يقول فيه الأشقاء في مصر: اللي مراتو مفرفشه.. بيرجع البيت من العشا.. لا موازي له.. ولو أن المزاج السوداني لا يحبذ المرأة النكدية رغم وجودها بكثرة.. ولعله في أغنية «بنيتي حسابك» إشارة الى المرأة التي تضحك أو تبتسم لزوجها عند عودته.. مثل آخر طريف رغم إنه عدواني بعض الشيء يقول:- «ماتشتمنيش ياخدوجه.. أنا عوره وانتى عروجه» لم أجد له مثلاً موازياً، ولو إن طيفه موجود في مثلنا «الجمل مابشوف عوجة رقبتو».. أو المثل «اب سنينه بضحك علي اب سنينتين» مثل آخر يقول:- من جاور السعيد يسعد.. ومن جاور الحداد ينكوي بنارو.. الجزء الأول من المثل متداول عندنا.. بيد أن الجزء الثاني شائع عندنا في حديث شريف عن نافخ الكير وحامل المسك، وذلك في أمر اختيار الأصدقاء، فصديق السوء يضرك بعلاقته وصديق الخير يصلحك بعلاقته.. في صلة الرحم ومتابعة الأقرباء والجيران لديهم مثل لطيف يقول:- اللى ماتصبحو وتمسيه.. ماتعرف إيه اللي جرى فيه، ربما يكون المقصود بالمثل بعيد عن تفكيري الذي جعلني أفسره كذلك.. ربما يعني متابعة أشيائك الخاصة وممتلكاتك، ومن ثم تكون دعوة الى حرص ليس إلا... أخيراً هذا مثل لدينا قريب له، إذ يقول :- يابخت من بكاني وبكى علي ولا ضحكني وضحك الناس علي.. هذا مثل بتوضيحاته فنحن نقول:- اسمع كلام الببكيك.. ماتسمع كلام البضحكك!