في السودان لدينا مرض مستوطن اسمه الجفاف العاطفي ، هذا الجفاف والعياذ بالله ، يصيب الإناث والذكور ، أجعص رجل بشنبات لا يصرح بحبه أمام زوجته أو حبيبته ، المرأة بدورها لا تعبر عن حبها للعاشق الولهان ، اذن ابشروا بالخير فنحن من أهل الصلابة ، رجالنا يأكلون الزلط ، ونساؤنا صارمات ومكشرات ، اسمعوا هذه القصة التي وردت على لسان صديقنا الصحافي بركات بله الامين ، يقول صاحبنا بله انه اضطر لاستخدام القوة لايقاف نزيف كلمات احد اصدقائه والذي كان يتحدث في حضرته بكلام ناعم ورقيق لزوجته ، وعلل ذلك ان الرجل لا يحق له توجيه كلمات الغزل والهيام لبعلته حتى وان كانت صورة طبق الأصل من انجيلنا جولي ، طبعا لأنني سوداني صميم وتربال من اقاصي الشمال ، ادعو بضرورة ضرب الرجال الذين يبثون زوجاتهم كلمات العشق والهوى ، وحتى لا يتهمني الرومانسيون في السودان بالحقد والتحجر العاطفي ، ارمي في ملعبهم ما جاء على لسان باحث تونسي اجرى دراسة مستفيضة عن المشاعر والعواطف لدى العرب ، وكشفت الدراسة ، اياها ان الزول السوداني والزولة السودانية يأتيان في ذيل القائمة فيما يتعلق بالتصريح بالمشاعر ، الكترآآآآآبة ، الراجل فضحنا الله يفضحك ، مش كان تخلي الطابق مستور ، عموما الدراسة اشارت الى ان اللبنانيين اكثر شعب عربي يميل الى التعبير عن مشاعر الحب ، ومن هنا لا يسعني سوى تقديم التهنئة لعموم السودانيين على احتلالنا ذيل القائمة في عدم التعبير عن العواطف والمشاعر ما يعني اننا رجالا ونساء ، نتمتع بصلابة نحسد عليها ، طالما ان الامر كذلك يحق لنا افتتاح جامعة للجفاف العاطفي ، وفي مثل هذه الحالة لن نحتاج الى جلب كوادر تعليمية ولا مناهج من الخارج فلدينا الملايين من الضالعين في الجفاف ، على فكرة ارشح نفسي من الآن فصاعدا لتولي منصب مدير العلاقات العامة في هذه الجامعة ، بالمناسبة رغم ان الامريكان يوصفون بالجفاف والصفاقة ، اظهرت دراسة اجرتها شركة (هاريس انتركيف) ان المواطنين الامريكيين اكثر شعوب العالم ميلا للتعبير عن مشاعرهم ، يعني الامريكاني يمكن ان يدق صدره في ساحة البيت الابيض و يقول لزوجته او صديقته احبك يا صباح عمري ، وجاء في الاستطلاع ان ثلاثة أرباع الامريكان الذين شملهم الاستطلاع ، يقول كلمة احبك على الاقل مرة واحدة في اليوم ، اما الصينيين فهم على شاكلتنا مشاعرهم معلبة ، فقد اشارت الدراسة الى انهم نادرا ما يعبرون عن مشاعر الحب والريدة ، ابو الزفت ، لقينا اللي بشبهوننا ، ومبروك علينا وعلى الصينيين ، وتحيا الصلابة السودانية.
