يشهق المساء وتضيء فوانيس الشجن ، حينما يتجلى الراحل زيدان إبراهيم رحمه الله بأغنية كنوز محبه ، تتغلل هذه الأغنية التي تعد من بدايات زيدان وترتسم مثل غيمة في الوعي الجمعي للمتلقي ، وجميع أغنيات الراحل الجميل كنوز ستظل ترفرف رايتها في الوجدان السوداني ، المهم كنوز محبة وغيرها من الأغنيات عن الحب والريدة ، تؤكد أن المحبة تعيش في المشهد السوداني ولها حراك جميل ، لكن السؤال المشكلة هل صحيح أن المحبة لها وجود في دواخلنا المنطفئة ، أتصور يا جماعة الخير أن إجابة هذا السؤال نفسها مشكلة في حد ذاتها ، ليه كده يا أخ ربما يرفع أحدكم عقيرته صائحا ؟ ، وربما تسبني إمرأة حمقاء ولعينة ، المهم نحن في السودان بسلامتنا ، لدينا أنيميا حادة حتى النخاع في مسائل العواطف ، فالجفاف العاطفي يستوطن في فضاءاتنا ويتحكر على عينك يا تاجر ، وهذا المرض أقصد الجفاف العاطفي ، يصيب الإناث والذكور على حد سواء ، أجعص رجل بشنبات ، يخشي ان يصرح بحبه لحبيبته ، أما التصريح بالحب والعاطفة الملتهبة للزوجة فهذا من سابع المستحيلات في عرفنا وتقاليدنا ، الا من رحم ربي ، أما المرأة فيمكن ان تقطع رقبتها بسيف سنين ولا تصرح بمكنونات قلبها ، إذن نحن يا جماعة الخير من أهل الصلابة الدولية ، رجالنا يأكلون حجر الزلط ، ونساءونا صارمات على شاكلة نسوة الدفاع الشعبي من حاملات الكلاشنكوف ، وحتى لا يتهمني أصحابنا الرومانسيون والرومانسيات بالحاقد والمتحجر الكبير ، أرمي في ملعبهم قنبلة من العيار الثقيل جدا ، الحكاية وما فيها أن هناك باحث تونسي في الشؤون العاطفية |، أجرى دراسة نمطية على أشكال الحب في الوطن العربي ، وكشفت الدراسة اللعينة أن الزوله والزول السوداني يأتيان في ذيل القائمة فيما يتعلق بالفضفضة العاطفية ، الكترآآآآآآآآآآبة ، الرجل فضحنا فضيحة حرامي في مولد ، الله يخرب عقلك ليه كده بس ، عموما الدراسة أشارت إلى أن أفراد الشعب اللبناني أكثر الشعوب العربية تصريحا بمشاعرهم ، ومن هذا المنبر أصرخ صرخة مدوية وأقدم التهنئة لعموم أفراد الشعب السوداني على إحتلالنا ذيل القائمة في عدم التعبير عن المشاعر ، وعقبال بيك نفرح يا زينة أن نحتل المؤخرة دوليا في مؤشرات الفساد وعمليات غسيل الأموال ، وطالما إننا لا نتمتع بكميات هائلة من الجفاف العاطفي ، أدعو صادقا لإطلاق جامعة للجفاف العاطفي ، وطبعا في مثل هذه الحالة لن نتحتاج إلى خبراء تخطيط إكاديمي ولا أساتذة من الجنسين لتولى عمليات تدريس مناهج الجفاف ، لأن لدينا ملايين الأساتذة من هذه النوعية ، على فكرة أرشح نفسي من الآن فصاعدا لتولي منصب مدير العلاقات العامة في هذه الجامعة الوليدة ، وصدقوني سأكون الرجل المناسب في المكان المناسب ، أقصد في الجفاف المناسب ، وطبعا فإن مخرجات جامعة الجفاف ستكون عونا وسندا في تقطيع السودان مليون حته ، خصوصا وأن الجبهات الساخنة بنت الذين تشير إلى أن جفافنا العاطفي أحد أسباب فرقتنا وشتاتنا ، فمرحبا بجفافنا العاطفي مرحب يا مرحب .