في منتصف التسعينات زارني صديق عزيز في مكتبي..بعد التحيات الطيبات اخبرني الزائر انه جاء من مدينة كسلا ويود ان يلتحق باحدى الجامعات المعروفة..سالت الصديق ان كان يملك شهادة ثانوية تؤهله للمنافسة..بعد صمت دام قليلا اكد الزائر انه يملك شهادة من منظمة شباب الوطن تفيد بأنه عضو منتظم ونشط ..اعتذرت يومها لصديقي العزيز وقلت له مازالت البلد بخير ولم نصل مرحلة ان يكون الولوج الى الجامعة بشهادة ولاء تنظيمي. نشرت الزميلة «الصحافة» أمس الأول ان نزاعا نشب بين قنصل السودان في تشاد وممثل المؤتمر الوطني في غرب افريقيا..قنصلنا طالب السلطات في النيجر باغلاق المكتب وانزال العلم السوداني..فتحي حسين عنبر ممثل الحزب الحاكم ابدى استغرابه من خطوة القنصل وردها لدوافع شخصية..الدبلوماسي الحزبي اكد ان مكتبه الممثل الوحيد لمصالح السودان في دولة النيجر. حاولت الاستعانة بالسيد قوقل لاتعرف على السفير الحزبي في غرب افريقيا ..المعلومات المتوافرة تثير القلق عن الظروف التي فتح فيها المكتب الحزبي الدبلوماسي وعن شخصية السيد عنبر الذي كان رجل اعمال نشط في تشاد قبل ان ينعم عليه الحزب الحاكم بالمنصب الرفيع. بصراحة الازدواجية هذه توجد في عواصم اخرى..في قاهرة المعز يتشاطر تمثيلنا الدبلوماسي السفير كمال حسن علي والدكتور وليد السيد ممثل المؤتمر الوطني في مصر..صحيح ان درجة التفاهم كبيرة بين الاخوين..وان مساحة الاحتجاج عند السفير كمال محدودة جدا باعتباره كان يشغل منصب ممثل المؤتمر الوطني قبل ان تأخذه الايام الى مقعد السفير بعد رحلة قصيرة جدا في مكتب وزير الدولة بوزارة الخارجية. أخيراً اضطرت وزارة الخارجية ان تضع امتحان لغة انجليزية للدبلوماسيين المتوجهين الى محطات خارجية..صورة الدبلوماسي السوداني المهني اصابها كثير من التصدع..وزارة الخارجية اصبحت محطة للترضيات..كل ماضاقت المقاعد التنفيذية بسياسي مهم ارسل الى منصب السفير..وكل ما غضب جنرال قوي من الاحالة الى المعاش تنعم عليه الحكومة بلقب سفير من منازلهم. الوضع المائل يصل الى عتبات البعثات الدبلوماسية خارج السودان..بعض الملحقين درجتهم ومخصصاتهم اكبر من السفير..في واشنطن كان أحد الملحقين يمتطي سيارة تتواضع امامها خجلا دابة سفيرنا..في الدوحة القطرية كان الدكتور محمد ابراهيم الشوش بكل سموه وتاريخه ملحقا اعلاميا بينما لا احد يتذكر ان السفير فقيري كان الرجل الأول في السفارة..في بعض المحطات الخارجية يتم تخصيص ميزانيات ضخمة للملحقيات لايملك السفير اشرافا على اوجه انفاقها. كثير من الاخفاقات الدبلوماسية سببها الكادر الدبلوماسي..في مصر اخت بلادي التي تشبه ظروفنا دائما يأتي وزير الخارجية متدرجا من المقاعد الدبلوماسية..وزير الخارجية الحالي محمد كامل عمرو وسلفه نبيل العربي زاملوا بعض دبلوماسيينا في بعض المحطات الخارجية..مثلا انتهى السفير عبدالمحمود عبدالحليم الى مقاعد المتفرجين على اللعبة فيما يمارس رصفاؤه في مصر ادوارا فعالة في الساحة الدبلوماسية. الاصلاح يبدأ باعادة الدبلوماسية لاهلها وولاية السفير على كل صغيرة وكبيرة.