على نار هادئة: خالد محمد الباقر: لم تقدم قنواتنا الفضائية جديداً غير روشتاتها القديمة التي تطور بدون شك المرض، وهي تشترك وتدمن الدوران الأعمى حول ما تقدمه من برمجة وضيوف من سنين خلت!!. اتحاد المهن الموسيقية أو إتحاد الفنانين يجلس والإحباط يملأ جنباته على كراسي الفرجة، بعد أن أصبح مجرد نادي يضم في عضويته فنانين وموسيقيين بلا برنامج واضح أو صرح أو منهج أو رسالة حقيقية، بعد أن أنعدم النشاط فيه، وبعد أن سحب مجلس المهن الموسيقية والمسرحية كل صلاحياته ليصبح مثله ومركز شباب أم درمان، والسجانة، وبحري، وتجد هذه الصورة واضحة جلية وأنت تزور داره التي تعاني الوحدة وتشتكي الغربة والعوز الفني، بعد أن كانت قبلة الأنظار وحتى وشهر رمضان يعلن الوداع يجلس أعضاء دار الفنانين والإحباط يملأ المقاعد والأركان بلا برنامج ونشاط!!. ظل الإعداد لبرامج رمضان بقناة النيل الأزرق منذ أعوام خلت يحلق في دائرة مغلقة مظلمة لا فكاك منها.. وهذا الحال ينطبق على جميع الوسائط المسموعة والمرئية عندنا.. حيث تعاني جميعها من أمراض عدة أولها التكرار الذي قتل روح التنافس، هذا هو شعار برامجه والأعياد وجميع المناسبات ، متابعو هذه الشاشات ملوا وسئموا هذا الهذيات والشخوص الذين أدمنوا التواجد بلا زاد.. شاشة قناة النيل الأزرق نجدها الأعلى مشاهدة برغم أنها أصبحت لا تجتهد كثيراً لأن الفضائيات الأخرى تحفزها على ذلك، بخنوعها وعدم طموحها، وتخلف طرحها وفقر انتاجها، وهشاشة برامجها وزهدها في حمل إشارات التميز، كل ذلك وأكثر جعل قناة النيل الأزرق سيدة الفضاء السوداني بلا منازع، مما جعل الطموح والسعي والبحث عن الجمال يموت فأصبحت القناة الحسناء تكتفي وتصب جل إهتمامها على برنامج «أغاني أوغاني» الذي كان في الماضي رهان القناة وحادي وحامل إشارات وعلامات تميزها على غيرها، ولكن بعد أن تم تقليد الفكرة وأصبح الغناء سيد الموقف في خارطة جميع الفضائيات، وبعد أن عرفت قناة الشروق بأن الغناء هو الطريق إلى قلب المشاهد، وأفردت المساحات له ضمن برمجتها أصبح رهان النيل الأزرق على برنامج أغاني وأغاني خاسراً، والبرنامج رغم أنه يحظى بدرجة مشاهدة عالية إلا أنه فقد الدهشة والجاذبية والبوصلة في هذا العام، فقد قتلته الرتابة والوجوه المكرورة المحمولة على أكف المجاملات التي أصابت المشاهد بتخمة، مع بعض الإضافات في الأصوات التي لا مكان لها في قائمة البرنامج، إلا تحت دعوة تحسين صورة الديكور أو المساعدة في جماليات الإخراج، أو دواعي الإنارة والاضاءة أو من أجل تحسين وجه الشاشة. تجدني لا أتفق مع الفنان الجميل محمود تاور في ما ذهب إليه وهو يفرغ أغنيات في قامة «الشمس غابت» «مصابك سميرك» والباسها كلمات أخرى لا أظن إنها سوف تكون أجمل من المفردات الأولى، والتي تجلت فيها شاعرية اللواء جلال حمدون شريك تاور الشرعي في عطر الإبداع المعطون بالروعة والدهشة التي توشحت بها الأعمال التي جمعت بينهم في شكل ثنائية ناجحة، وجدت الانتشار والقبول المنقطع النظير، تاور فنان باحث عن الجمال، مهموم بصناعة الروائع وحياكة أزهي الثياب للكلمات، كل هذا وأكثر نجده بخطوط حريرية يسكن أعماله قديمها وجديدها، أنها محاولة يائسة من محمود تاور فيها الكثير من نصرة الذات، وعدم الإلتفات لسماع الآخر، وسد الأبواب والشرفات أمام العودة، نقول هذا ونرسل كلمات العتاب للشاعر اللواء جلال حمدون الذي أوصلنا بعناده وعدم تقديره لرحلة إبداعه مع محمود تاور وعدم وضوح طرحه وعدم واقعية مواقفه إلى هذا المنحدر الخطير نرجو أن يزول الخلاف وتعود الإلفة بين الشاعر المبدع والفنان الخلاق الخلوق المرهن اللذان زرعا حديقة الإبداع بعطر الرياحين. إسحق الحلنقي اغتاله برنامج «عصافير الخريف» على شاشة الخرطوم الفضائية.. هذا البرنامج حقيقة كان خصماً على الحلنقي- لم يأت بجديد وفقد مقومات النجاح، برغم أن الفكرة كانت ذكية ومختلفة المحاور من انتاج ووحي الزميل البارع الخلاق ياسر عركي، ولكن الإدمان الذي وصل إليه حلنقي في السنوات الماضية بحضوره المكثف الذي أفقده الدهشة وأفرغ محتواه، جعل من البرنامج وإنزال فكرته ضرباً من شروب المستحيل، كما وأن الحنلقي لم يعد قادراً على انتاج أعمال جديدة للناس بذات السمات والقسمات. قناة الخرطوم الفضائية نفسها أجهضت العمل وهي تعاني عنكبوتية الاستديوهات وكميراتها الطاعنة في السن، وديكورها الكرتوني الذي يعاني التخلف الزمني، والجدب والتصحر الذي يضرب زواياها وأركانها. وجود عبد الوهاب وردي كان له الأثر الكبير في فقدان البرنامج لتعاطف الجماهير وحشد المشاهدة، رغم إحترامي لمشروع عبد الوهاب التجريبي.. ولكن على مستوى ألحانه وأعماله نرجوه أن لا يخرج بها في أعمال الآخرين، ويجعل من عصافير الحلنقي فئران تجارب، يجري عليها تجاربه.. فقد قدم عبد الوهاب وردي جملة أعمال الحلنقي في قالب أكاديمي جاف صعب الهضم إلا على المتخصصين، استمع المشاهد للأغنيات والحلقات في شكل محاضرات كلية الموسيقى والدراما لتفتقد الأغنيات جمالها ورونقها، وكذا تفتقد الوصول إلى مخاطبة الوجدان السوداني الذي ترهقه مثل هذه التحضيرات والمعالجات الموسيقية، وشارك المؤدون للأعمال في هذا التشييع فسقط كل من شارك في إمتحانات الفئران!!. حروف على النار: عندنا يمكن أن يلتقى الممكن والمستحيل الماء والنار- الحب والكراهية.. الوفاء والخيانة كلها تمتزج حتى يصعب التفريق بينهما، أنها صورة تقودني بحدثي في عمودي القادم عن موسيقارنا الكبير محمد عبد الله محمدية.. تابعونا وكونوا معنا..!