الأخ الكريم/ رئيس تحرير صحيفة آخر لحظة- حفظه الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الموضوع: رداً على صاحب إضاءات.. طالعنا بصحيفتكم (آخر لحظة) العدد (2167) مقالة للأستاذ/ طه النعمان؛ صاحب إضاءات تحت عنوان: (غلاة الإسلام السياسي السوداني يهجمون على مُرسي!) انتقد من خلالها ما أوردناه من حكم شرعي في تولي غير المسلم للحكم، وكذلك المرأة.. ورداً عليه مستعينين بالله العليم الخبير نقول: أولاً: عندما انتقد الكاتب ما أوردناه من رأي شرعي بصحيفة الصحافة، لم يستند في نقده على رأي الشرع، ولم يأتِ بدليل من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، بل حتى لم يأتِ برأي مرجوح ليرد به على ما قلناه. وحتى نكون منصفين فإنه قال عن حديث «لن يفلح قوم ولوا أمرهم إمرأة»، قال: (فقد سمعت مراراً عن ضعف الحديث، أو نفي عنه صفة العموم والالزام..) ولم يقل لنا الكاتب (سامحه الله) من الذي ضعف الحديث، وهو يدافع دفاع المستميت عن قضية غير متيقن من صحتها.. ورغم ذلك يبني كل مقالته على أساسها، ونقول له كما قال جل شأنه: «وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً». ثانياً: إن الحديث الذي يمنع تولي المرأة للحكم حديث صحيح، أورده البخاري في صحيحه، والإمام أحمد في مسنده، والنسائي والترمذي وغيرهم من رواة الحديث، ولم يقل أحد من علماء الحديث إن الحديث ضعيف أو فيه قول، ولفظ الحديث في صحيح البخاري: «لن يفلح قوم ولوا أمرهم إمرأة». ثم من قال إن منع المرأة من تولي الحكم فيه انتقاص لحقوقها، فإذا كان الإسلام قد جعل إمامة الصلاة للرجل ولم يجعل ذلك للمرأة، وجعل صفوف النساء في الصلاة خلف صفوف الرجال، أفتقدم المرأة على الرجال فيما هو أعظم أثراً وأثقل مسؤولية؟! ثم إن تاريخ الإسلام منذ بعثته صلى الله عليه وسلم وإلى أن اسقطت دولة الخلافة، وفيها القرون التي هي خير القرون، لم تكن المرأة حاكماً ولم تناد بالمساواة مع الرجل، وإنما جاءنا ذلك من الثقافة الغربية التي تقصي الدين عن الحياة وبالتالي عن السياسة. ثالثاً: أما غير المسلمين فمن الطبيعي أن لا يكون حاكماً قال تعالى: «ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً»، لأن الحاكم في الإسلام منفذ لشرع الله في الأرض، فهل يُطلب ممن لا يؤمن بهذا الشرع أن يطبقه، أم يريد الكاتب أن نترك الإسلام ونحكم بأنظمة الكفر الديمقراطية كما هو الحال اليوم، وهذا واضح من تلميحه عندما يتحدث عن الدولة الدينية، حينما يؤكد على اتهامات من يقولون بإن جماعات الإسلام السياسي هي جماعات إقصائية ومتطرفة وتريد إقامة دولة دينية. أريد من الأخ الكاتب جواباً صريحاً وواضحاً لا لبس فيه، أتريد أن يُحكم الناس بالإسلام أم بغيره؟! والله سبحانه وتعالى يقول: «وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ » ويقول سبحانه: «أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ». رابعاً: انتقد الكاتب قولنا إن إرضاء الله أولى من إرضاء الناس، وقال كلاماً عجيباً في معرض نقده لكلامنا، إذ يقول.. وهو فهم غريب حتى على الثقافة الإسلاميةالعامة التي يعرفها الجميع، والتي ترى في الخلق (عيال الله). سبحان الله! ما علاقة إرضاء الناس بالخلق عيال الله! نقول للكاتب ما قلناه هو حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي يقول: «من التمس رضى الله بسخط الناس رضى الله عنه، وأرضى الناس عنه، ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه، وأسخط عليه الناس». فإن كان قولنا غريباً فهو حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم نقل شيئاً من عندنا، حاشا لله، وقد صدق الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم إذ يقول: «بدأ الإسلام غريباً ثم يعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء..». خامساً: نقول إن الله وعد ووعده الحق: «وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ» وبشر الرسول صلى الله عليه وسلم بعودة الإسلام في دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة بعد الحكم الجبري الذي نعيش آخر أيامه إن شاء الله، إذ يقول المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام: «.... ثم تكون ملكاً جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ثم سكت». والسلام عليكم ورحمة الله.. إبراهيم عثمان (أبو خليل) الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان من المحرر ü أولاً: شكراً للأخ أبو خليل ولرفاقه في حزب التحرير للمتابعة الحثيثة لكل ما يكتب في هذه الزاوية، وللجدية واهتمامهم بالرد، فقد لاحظت دأب الأستاذ أبو خليل وحزبه على مدى سنوات في هذا الصدد، وهذا في حد ذاته يستحق الاحترام. ü ثانياً: أود أن ألفت نظر الأخ أبو خليل إلى أن «الإضاءة» محل رده لم يكن موضوعها قضية جدل فكري وفقهي حول كيف يكون الحكم في «دولة الإسلام» وإذا ما كان من حق غير المسلمين- الأقباط هنا- أو النساء في تولي الولاية العامة، وإنما كان احتجاجكم على قرار الرئيس مرسي بتعيين مساعدين له من الأقباط والنساء، إعمالاً للمساواة بين طوائف الأمة المصرية وقطاعاتها المختلفة بما فيها المرأة وترسيخاً للوحدة الوطنية، ونفياً في الوقت ذاته للاتهامات القائلة بإن جماعة الإخوان المسلمين تنوي الاستئثار بالسلطة وإبعاد الآخرين. ü الرئيس مرسي لم يقل في أي لحظة من مراحل حملته الانتخابية إنه يزمع إقامة دولة دينية أو إسلامية، وإنما كان تبشيره المتكرر عبر كل مراحل تلك الحملة ولقاءاته العامة والصحفية إنهم في حزب العدالة والحرية يريدون «إقامة دولة مدنية ديمقراطية حديثة»، فحديثكم- الثلاثة الذين تناولتهم الإضاءة- في غير محله وينطلق من افتراض لا أساس له، لم يقل به الرجل ولم يدعُ إليه، ما يعني أن الجماعة والحزب في مصر يقدرون ظروف المرحلة ويعملون من الحكمة ما يجعلهم ينشدون المواءمة بين «الأصل والعصر» وليس «مجرد إرضاء الناس» كما خيل لكم في قراءتكم للنصوص التي لا تستصحب المستجدات ولا تحمل الاجتهاد. ü أما سؤال الأستاذ أبو خليل عن أنه يريد «جواباً صريحاً عما إذا كنت أريد أن يحكم الناس بالإسلام أو بغيره» وسؤاله الآخر المرادف عن «هل يريد الكاتب أن نترك الإسلام ونحكم بأنظمة (الكفر) الديمقراطية كما هو الحال اليوم»، فهي أسئلة تذكر ب«محاكم التفتيش» في القرون الوسطى إبان تسلط الكهنوت الكنسي على عقول الأوربيين.. ففي الإسلام وسع وحرية وحث متواتر على استخدام العقل، وقد يكون السؤال الأوفق هو كيف نفهم الإسلام وأي اسلام نريد؟ فالأمة قد تفرقت شيعاً وأحزابا، كما يعلم الأخ أبو خليل، منذ «الفتنة الكبرى» في عهد الصحابة الكرام، وتقلبت فيها دول لبست كثير منها «عمامة الخلافة» وسالت دماء كثيرة بين الفِرق، وكان كله صراع حول «السلطة» وليس حول «الدين»، وأبسط دليل على ذلك، يجده الأستاذ أبو خليل بين يديه وحوله في عدد الأحزاب التي ترفع شعارات الإسلام في بلادنا، كم هي؟ وعلى ماذا هم مختلفون؟.. أليس ما يفرقهم هو فهم للإسلام، وكيف يكون الإسلام، بما في ذلك حزبه ذاته الذي اسمه «حزب التحرير الإسلامي»، فهل وجد مثل هذا الاسم «التحرير» في عهد الرسول أو الصحابة، أم إنه اختيار لمؤسس الحزب والجماعة التي كانت حولهُ. ومع ذلك فإيحاء الاسم- «التحرير»- يجعل المرء يتوقع وسعاً وحرية أكبر في إعمال العقل مع النصوص، وليس قراءة جامدة «متخشبة» كما رأينا في رد الأستاذ أبو خليل. ü ومع ذلك نعدُ الأستاذ أبو خليل بتعقيب فقهي حول النصوص التي استند إليها «لألقامنا حجراً» يكتبه شيخ ضليع في علوم الدين يسند ما ذهبنا إليه، ويوضح له ما غمض عليه، عملاً بآية «اسألوا أهل الذكرإن كنتم لا تعلمون».