شاهد بالصورة.. الفنانة مروة الدولية تعود لخطف الأضواء على السوشيال ميديا بلقطة رومانسية جديدة مع عريسها الضابط الشاب    شاهد بالصورة.. الفنانة مروة الدولية تعود لخطف الأضواء على السوشيال ميديا بلقطة رومانسية جديدة مع عريسها الضابط الشاب    شاهد بالفيديو.. "معتوه" سوداني يتسبب في انقلاب ركشة (توك توك) في الشارع العام بطريقة غريبة    شاهد.. تفاصيل القصة التي أثارت ضجة واسعة.. بمهر قيمته 3 مليار دفعوها مناصفة فيما بينهم.. ثلاثة من أفرد الدعم السريع يتزوجون فتاة حسناء بولاية الجزيرة ويعاشرونها بالتناوب تحت تهديد السلاح    بعد اتهام أطباء بوفاته.. تقرير طبي يفجر مفاجأة عن مارادونا    موظفة في "أمازون" تعثر على قطة في أحد الطرود    الحراك الطلابي الأمريكي    "غريم حميدتي".. هل يؤثر انحياز زعيم المحاميد للجيش على مسار حرب السودان؟    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    نهب أكثر من 45 الف جوال سماد بمشروع الجزيرة    معمل (استاك) يبدأ عمله بولاية الخرطوم بمستشفيات ام درمان    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الثلاثاء    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الثلاثاء    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    انتدابات الهلال لون رمادي    المريخ يواصل تدريباته وتجدد إصابة كردمان    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بعد أزمة كلوب.. صلاح يصدم الأندية السعودية    الإمارات وأوكرانيا تنجزان مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة    القلق سيد الموقف..قطر تكشف موقفها تجاه السودان    الداخلية السودانية: سيذهب فريق مكون من المرور للنيجر لاستعادة هذه المسروقات    السودان..مساعد البرهان في غرف العمليات    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    تدرب على فترتين..المريخ يرفع من نسق تحضيراته بمعسكر الإسماعيلية    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    تجارة المعاداة للسامية    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد المحمود أبو: عن ولاية المرأة وغير المسلمين..! «2-1»
نشر في آخر لحظة يوم 16 - 09 - 2012

كنت قد وعدتُ الأستاذ إبراهيم عثمان «أبو خليل» الناطق باسم «حزب التحرير «بتعقيب فقهي» حول النصوص التي استند إليها «لإلقامنا حجراً» رداً على- إضاءتنا- المعنونة، «غلاة الإسلام السياسي يهجمون على مرسي»، وكان اهتمامنا في تلك الإضاءة منصباً على الجوانب السياسية لرفضهم استعانة الرئيس المصري محمد مرسي بقبطي «مسيحي» وامرأة وتعيينهم مساعدَيْن له، وهو ما رأى فيه الأستاذ أبو خليل واثنان آخران مخالفة للشرع وروح الإسلام استناداً على قراءة «تحفهم» وفهمهم لنصوص موروثة، وها نحن نستعين- كما وعدنا- بالشيخ عبد المحمود أبو، الأمين العام لهيئة شؤون الأنصار ورئيس منتدى الوسطية بالسودان، وها هو الشيخ عبد المحمود يستجيب لطلبنا ويدلي «بدلوه الفقهي» في الحوار حول ما ذهب إليه منتقدو الرئيس مرسي:
الحقوق السياسية للمرأة وحقوق غير المسلمين في ظل دولة الاسلام
اطلعت على رد الأستاذ :ابراهيم عثمان (أبوخليل) الناطق الرسمي لحزب التحرير- ولاية السودان على الأستاذ طه النعمان في صحيفة آخر لحظة العدد 2173 بتاريخ 11سبتمبر 2012م على مقاله بعنوان: «غلاة الإسلام السياسي السوداني يهجمون على مرسي» وجاء رد الأستاذ أبوخليل نافياً تَولِّي غير المسلم للحكم، وكذلك تولي المرأة للحكم باعتباره رأيا شرعيا؛ مستندا على الحديث الشريف الذي رواه البخاري، وأحمد بن حنبل، والنسائي، والترمذي ونصه« لن يُفلح قوم ولُّوا أمرهم امرأة» في نفي ولاية المرأة للحكم. ومستدلا بقوله تعالى: «ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا» الآية 14 من سورة النساء.في نفي ولاية الحكم لغير المسلمين.
وتعليقا على ذاك أقول الآتي:
أولا:الموضوع محل خلاف بين علماء الإسلام قديما وحديثا:أبرز القائلين بأن الإسلام لايقر مبدأ مساواة المرأة بالرجل في الحقوق السياسية، يستندون إلى قوله تعالى: «الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض» الآية 34 من سورة النساء يقول المودودي:« إن القرآن لم يقيد قوامية الرجال على النساء بالبيوت.. وأن قوامية الدولة أخطر شأنا وأكثرمسؤولية من قوامية البيت» وجاء في فتوى الجامع الأزهر» ساوت الشريعة الإسلامية بين المرأة والرجل فيمايتعلق بالولاية الخاصة... وأن الشريعة الاسلامية لاتُقِرُّ أن تكون للمرأة عضوية البرلمان؛ لأن هذه العضوية تُعد من الولاية العامة، وقد قَصَرت الشريعة الإسلامية الولاية العامة على الرجال إذا توافرت فيهم شروط معينة» .واستدل المانعون بالحديث«لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة» وبقوله تعالى لنساء النبي صلى الله عليه وسلم:«وقرن في بيوتكن» الآية 34 من سورة الأحزاب وقالوا: «هذان النصان يقطعان بأن المناصب الرئيسة في الدولة، رئاسة كانت أو وزارة أو عضوية مجلس الشورى أوإدارة مختلف مصالح الحكومة لاتفوض إلى النساء» . والذين أجازوا ولاية المرأة قَصَروا المنع على الولاية العظمى، أوالولاية العامة العليا، ومن هؤلاء ابن حزم حيث قال»وجائز أن تلي المرأة الحكم؛ وهو قول أبي حنيفة، وقد رُوِي عن عمر بن الخطاب أنه ولى الشفاء امرأة من قومه- السوق، فإن قيل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لن يفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة» قلنا إنما قال ذلك في الأمر العام الذي هو الخلافة. وقد أجاز المالكيون أن تكون وصيةً ووكيلةً، ولم يأت نص من منعها أن تلي بعض الأمور« وقال الطبري: يجوز أن تكون المرأة حاكما على الاطلاق في كل شيئ
وإذا كانت آراء الفقهاء قد اختلفت حول صلاحية المرأة لمشاركة الرجل في القيام بشؤون السياسة وتدبير أمورالدولة إستنادا إلى أدلة في الكتاب والسنة؛فلأنها أدلة ظنية الدلالة تحتمل اختلاف الأفهام .
وأما الحقوق السياسية لغير المسلمين، فقد قسمها الفقهاء إلي أمرين هما:
- الحقوق المكفولة لهم تَتَمثًّل في الحقوق المدنية، والحرية الشخصية، والحرية في إبداء الرأي وكفالة الحاجات الإنسانية اللازمة لكل فرد ..وكافة الحقوق الأساسية لرعايا الدولة الإسلامية دون تمييز
- واختلفوا في مسألتين:
المسألة الأولى: تتعلق بالولايات العامة، والوظائف الحكومية. فيجد الباحث أن هناك شبه اجماع على أن هنالك وظائف يشترط في شاغليها أن يكونوا مسلمين، مثل رئاسة الدولة، ورئاسة الوزارة(وزارة التفويض) وقيادة الجيش، وإمارة المناطق(المحافظات). أما ما كان دونها فإنه يجوز لهم تقلدها
المسألة الثانية: تتعلق بالحقوق السياسية. ففي شأن الانتخاب وحق عضوية المجالس الشورية(النيابة) نجد الأستاذ المودودي يقول: « إن رئيس الحكومة في الإسلام وظيفته أن يدير أمرالدولة وفق مبادئ الإسلام. وأن مجلس الشورى لاعمل له إلا أن يساعد الرئيس على تنفيذ هذا النظام المبدئي. لذلك فالذين لايؤمنون بمبادئ الاسلام لايحق لهم أن يتولوا رئاسة الحكومة أوعضوية مجلس الشورى بأنفسهم، كما لايصح لهم أن يشتركوا في انتخاب رجال لهذه المناصب ..» واحتج لموقفه هذا بالآية 72 من سورة الأنفال، وبالسوابق التاريخية حيث قال: «إننا لانجد في عهد النبوة ولافي عهد الخلافة الراشدة مثلا يدل على أن أحدا من أهل الذمة انتخب عضوا لمجلس الشورى؛ أو ولي حكما على قطر من أقطار الدولة، أوقاضيا عليه، أو وزيرا لشعبة..الخ« ويرى الأستاذ فريد عبدالخالق أن معنى الآية لايجعلها دليلا إلى ماذهب إليه الأستاذ المودودي من أن الذّمّي لايتمتع بحقَيْ الانتخاب والنيابة، وأن الاحتاج بالسوابق التاريخية مردود عليه لأكثر من سبب:أولها: أنها تضمنت خلطاً بين ماهو محل اتفاق عند الجمهور؛ كالذي يتعلق بمنصب الرئاسة العليا للدولة الإسلامية، ووزارة التفويض(رئاسة الحكومة) ورؤساء الأقاليم. وثانيها أنها ليست من الدين؛ وإنما هي من باب المعاملات والعادات والسياسات، لاالعقائد والعبادات، وثالثها:أن المرجع هو الكتاب والسنة وليس آراء الفقهاء، ورابعها:أن الحقبة التاريخية التي احتج بها لها ظروفها الخاصة من جهة، واعتبارالمصلحة هو أساسها من جهة أخرى. وخامسها: أنها فترة محدودة من تاريخ المسلمين الذي تجاوز أربعة عشرقرنا. وسادسها: تحميله هذه الحقبة مالايجوز تحميله إياها مما ذكر من فكرة التمثيل، ومجلس الشورى؛ فإنها مستجدات في تاريخ الفكر السياسي الإسلامي، يحتاج النظر فيها إلى فقه جديد واجتهاد رشيد
ثانيا:الاختلاف في هذه القضايا اختلاف عصر وأوان وليس اختلاف حجة وبرهان.فالأصل العام الذي اجتمعت عليه الأمة أن جميع المسلمين ذكورا وإناثا سواء في الخطاب بالأحكام الشرعية، فخطاب الذكور موجه إلى النساء إلا ماورد بتخصيصه نص أواجماع. وكمايقول الشاطبي: الرجل والمرأة مستويان في أصل التكليف على الجملة ومفترقان بالتكليف اللائق بكل واحد منهما، ويشمل خطاب الشارع: التكريم، والاستخلاف، وتقريرمبدأ المسئولية، والمسؤولية التضامنية- سياسية واجتماعيةكما قال تعالى: «والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر» التوبة الآية71 إلى تقرير المسؤولية الجنائية. ويقول ابن رشد في تقرير هذا الأصل العام «لأصل أن حكمهما(الرجل والمرأة) واحد، إلا أن يثبت في ذلك فارق شرعي فماوُجِّه للأمة الإسلامية من وجوب إقامة الحاكم، وإقامة الأمة الخاصة؛ التي أوجب الشارع على الأمة العامة إقامتها، وهي جماعة«أهل الحل والعقد»أو«أهل الشورى» ويسمون اليوم في عرف أهل السياسة البرلمان أوالمجالس النيابية، وهذه الأمة الخاصة منوطة بالدعوة إلى الخير،ومن ذلك النظر في المصالح العامة على أساس الشورى وتقريرالحكم بما يحقق المصلحة ويدفع المفسدة.وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. والحسبة على السلطة التنفيذية شعبة من هذه الفريضة. أي أن هذه الأمة الخاصة التي تقيمها الأمة العامة بارادة حرة ووعي بمقصودها تضطلع بمهمتي التشريع والرقابة الاحتسابية على الحاكم والحكومة بحسب عرف هذا الزمان، وإقامتها تجسيد لمبدأ سلطة الأمة في عرف أهل السياسة. وأما الحديث الذي يستند عليه المانعون لحق المرأة في تولي المناصب العامة وهو حديث « لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة» فهو صحيح السند؛ ولكنه من أحاديث الآحاد ذات الصيغة الظنية، وقد ورد في مناسبة تاريخية معينة حين أُبلغ الرسول صلى الله عليه وسلم أن الفرس وكانوا في حالة انهيار سياسي وانحلال أخلاقي تحكمهم ملكية مستبدة فاسدة وصراعات على السلطة بلغت بهم حد الاقتتال عليها، والحرب دائرة بينهم وبين العرب- قد أسندوا أمر قيادتهم ومملكتهم إلى ابنة كسرى تعلقا بأوهام الوثنية السياسية؛ لاعن رأي وشورى. فكان الحديث وصفاً لحال الفرس المتردِّي وقراءة بصيرة في سنن قيام الدول وانحلالها، فهذا اخبار عن حال وليس تشريعا عاما ملزما؛ ذلك مايدل عليه فقه الحديث . بدليل أن القرآن حكى لنا عن قوم آخرين في زمن آخر وظروف أخرى أفلحوا وقد ولوا أمرهم امرأة هي بلقيس ملكة سبأ، وبيًّن العِلَّة في فلاح أمرهم كما دَلَّنا الواقع من تاريخ أهل فارس على عِلَّة عدم فلاحهم- وقد خرّجنا عليها المَناط- ولم تكن المرأة من حيث هي أنثى مَناط الحكم وإلا حصل التَّعَارُض والتَّنَاقُض بين الحُكمين، وهذا محال.
أما حقوق غير المسلمين السياسية فإننا نستند في جوازها على مانصََّت عليه صحيفة المدينة بقولها عن اليهود بأنهم "أمة مع المؤمنين" فإنها تكون بذلك قد جعلت منهم مواطنين فيها؛ لهم من الحقوق مثل ماللمسلمين. وعليهم من الواجبات مثل ماعلى المسلمين، شركاء في الوطن، لهم دينهم وللمسلمين دينهم، وأن بينهم وبين المسلمين "النُّصح والنَّصيحة والبِِرَّ دون الاثم" وهذه ظاهرة يعرفها المجتمع العربي لأول مرة في تاريخه، فلم يجتمع فيه الناس قبل الإسلام إلا على أساس من صلاة القرابة والنسب، ونرى أن النَّصَّ على أنَّ غيرالمسلمين أمة مع المؤمنين يكشف عن مفهوم الأمة في النِّظام السياسِي الإسلامي. وخلاصة القول أن أهل الذمة
? أو غيرالمسلمين في الدولة الإسلامية كما يسمون في هذا العصر ? وهي التسمية التي نفضلها مراعاةً لسُنَّة التَّطوُّر وداعية الملاءمة- ليسوا كيانا منفصلا عن
مجتمع المسلمين، وليسوا مواطنين من الدرجة الثانية في هذا المجتمع، كماذهب إلى هذا الرأي بعض الفقهاء من قدامى ومحدثين، ورتَّبوا على أساسه نتائج لانُقِرُّهم عليها. فنحن مع القائلين أن دار الإسلام ليست لمُعتنقي الإسلام وحده، وإنما هي للمواطنين كافة مسلمين وغيرمسلمين ، ماالتزم غيرالمسلمين بالنظام العام في الدولة الإسلامية.
إن حق غيرالمسلمين في الانتخاب رئاسيا كان أوبرلمانيا- وفي الترشيح لعضوية المجالس النيابية، وفي عضوية من يفوز بها منهم في الانتخاب بحصوله على أكثرالأصوات، ويثبت الحقان لهم بحكم كونهم والمسلمين شركاء في الوطن، وقد جاءت السنة المتواترة بالنهي عن إيذاء أهل الذمة وبتقرير مالَهُم من الحقوق على المسلمين وأن "لهم مالنا وعليهم ماعلينا" "وأن من آذى ذميا فليس منا" وفي نص الوثيقة النبوية دليل شرعي قاطع على إثبات حق المواطنة الكاملة لأهل الكتاب في المجتمع المسلم وفي الدولة الإسلامية
واشترك غيرالمسلمين في الشئون العامة في الدولة الاسلامية، بل اشتركوا حتى في الحروب صفا واحدا مع المسلمين، فقد روى الخطيب البغدادي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قاتل معه قوم من اليهود في بعض حروبه، فأسهم لهم مع المسلمين وأجاز الامام الشافعي اشتراك أهل الذمة في جيوش المسلمين، مستدلا بأن الرسول صلى الله عليه وسلم استعان في غزوة خيبر بعدد من يهود بني قينقاع، واستعان في غزوة حنين بصفوان بن أمية وهومشرك وفي العهد الأموي أسند معاوية بن أبي سفيان، الادارة المالية في الدولة لأسرة مسيحية توارث أبناؤها الوظائف لمدة قرن من الزمان بعدالفتح الاسلامي، ومن أفرادها القدِّيس والمؤرخ يوحنا الدمشقي، كما أسند معاوية إلى طبيبه ابن آثال جباية خراج حمص، وهي وظيفة مالية لم يسبق لنصراني قبله أن وصل إليها، وكان سرجون كاتبا مسيحيا لمعاوية
ثالثا:سعة الشريعة ومرونتها جعلتها صالحة لكل زمان ومكان: لقد استطاعت الشريعة الإسلامية أن تَفِي بحاجات كل المجتمعات التي حكمتها، وأن تعالج كافة المشكلات في كافة البيئات التي حلت بها بأعدل الحلول وأصلحها، لأنها بجوار ما اشتملت عليه من متانة الأصول التي قامت على مخاطبة العقل، والسمو بالفطرة، ومراعاة الواقع والموازنة بين الحقوق والواجبات، وبين الروح والمادة، وبين الدنيا والآخرة، وإقامة القسط بين الناس جميعا، وجلب المصالح والخيرات، ودرء المفاسد والشرور ? بقدر الامكان- قد أودعها الله مرونة عجيبة جعلتها تتسع لمواجهة كل طريف، ومعالجة كل جديد، بغيرعنت ولاإرهاق، ويعود ذلك لعدة عوامل أهمها:
? سعة منطقة العفو المتروكة قصدا؛ حيث تبرز أدلة التشريع فيما لانص فيه(كالقياس والاستحسان والاستصلاح والعرف)اهتمام النصوص بالأحكام الكلية دون التعرض للجزئيات والتفاصيل؛ التي تتغير بتغَيُّر الزمان والمكان.
قابلية النصوص لتعدد الأفهام
رعاية الضرورات والأعذاروالظروف الاستثنائية ومصالح الناس المتغيرة وتبدُّل النوايا وتطوُّر الزمن وتنظيماته المستحدثة.
تغيُّرالفتوى بتغيُّر الأزمنة والأمكنة والأحوال والأعراف
رابعا: تكييف الواقعة وفق فقه المقاصد، وفقه الواقع، وفقه الموازنات: إن واقع مشاركة المرأة في الوظائف العامة، وكذالك مشاركة غيرالمسلمين إذا أخضعناه لفقه المقاصد، وفقه الواقع، وفقه الموازانات، لوجدناه يحقق لنا المساواة والعدالة، والتكريم للنفس الانسانية، والاستفادة من كل طاقات الأمة في تحقيق وظيفة الاستخلاف. وهي مقاصد شرعية طلبها الاسلام. والواقع المعاصر يؤكد أن المرأة حققت نجاحاتٍ ملموسةً في كافة المجالات بل فاقت الرجل في كثير من الأحيان، والواقع المعاصر حدثت فيه تغيُّرات مُذهلة؛ فالمسلمون اليوم يتسابقون للإقامة في دول الغرب؛ ليجدون العيش الكريم، وحرية التعبير والممارسة السياسية؛ التي حرموا منها في بلدانهم الاسلامية، فالمطلوب استصحاب هذا الواقع. والمسلمون في بلدان الغرب توجد منهم جاليات كبيرة حققت نجاحات في كافة المجالات وفي الغالب لايجدون مضايقة _إلا ماندر_ من ردود أفعال بعد الحوادث التي تعرض لها الغرب من بعض المنتسبين للاسلام، فمعاملة غير المسلمين في البلدان الاسلامين بصورة غيركريمة سينعكس سلبا على المسلمين هناك. فضلا عن أن كفالة حقوق الانسان واجب شرعي جاء به الاسلام من قبل أن يتوصل المجتمع الدولى لاقرار الميثاق العالمي لحقوق الانسان بقرون عديدة.
وأخيرا المطلوب التمييز بين أحكام الاسلام الثابتة والأحكام المتغيرة؛ والتي تدخل في قسم السياسة الشرعية لأنها معلَّلة وراعى الشرع فيها المصالح والأعراف، والله أعلم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.