مي شيانج.. مبروك المولود هل سمعتم ب(مي شيانج)..؟بالتأكيد هناك قليلون يعرفونها،وفي بلادنا لا أظن أن جمعتهم المعرفة بالمدعوة مي شيانج؛فالمذكورة هي أنثي الباندا الدب الشهير المهدد بالإنقراض،وتسكن مي شيانج بحديقة حيوانات واشنطن الوطنية،وتم تلقيحها أصطناعيا بداية هذا العام،لتضع مولودها وسط فرحة جميع (الواشنطونين)؛كيف لا هي تميمة الحظ الغير رسمية للمدينة الكبرى في الولاياتالمتحدةالأمريكية،هي وزوجها؛فقد تمت أعارتهما من الصين الشعبية للحديقة. مايهمنا هنا أن مي شيانج تظاهرت أو بدت عليها أعراض الحمل قبل عام،ولم تتمالك إدارة الحديقة نفسها؛فالأنثى الباندية قد وضعت مولودا واحدا فقط وذلك قبل سبعة أعوام،وجهزت الإدارة كل أمكانياتها للعناية بالدبة الحامل،وبعد شهرين (إتنين) -على قول عادل إمام- مالقوش أي مولود..! فقد كان حملا كاذباً؛ولكن لم تفقد مي شيانج إعتبارها ومكانتها في المدينة،وظلت العناية التي تجدها نفسها نفسها. وبعد مرور أكثر من عام هاهي مي شيانج تفرح قلوب أهل واشنطن بوضوعها لمولود ذكر (ديسم) صغير،لتنتشي الإدارة الأمريكية للحديقة؛فعوائد آلاف الزوار ستملأ الخزينة،وتزدهر إقتصاديا بسبب مي شيانج وإبنها الديسم الصغير الأكثر شعبية في واشنطن دي سي العاصمة الأمريكية. وفيات الأمهات في السودان ذكر تقرير خاص بصحيفتنا أن أسبابها الجهل والفقر والتخلف..!وجاء في التقرير إنخفاضها من 509 حالة من ألف إلى 216 فقط أي أقل من النصف بقليل،وأنا عند وضوع زوجتي بمستشفى الدبة بالولاية الشمالية وفي مستشفاها الجديد (لنج)،لا أذيعكم سرا أنني تخوفت على زوجتي ومولودي الصغير.. وهاكم مقتطفات مماذكرته قبل عام ونصف في هذه المساحة : طأمة أخرى لمستشفي الدبة،رغم غرفة العمليات والعنابر الحديثة - صيف الشمالية يحيط بك من كل نواحي وجوانب المنطقة - للولادة؛فعند دخولك العنابر يلفحك سموم الشمالية وهوائها الساخن الجاف - لاحظوا معي عنابر ولادة وبها بالتأكيد أطفال عمر يوم أو ساعة - الذي لانستطيع نحن أن نستحمله قطعاً؛فيجعلك تتململ متضايقا،لاعنا الصيف وشدة حرارته اللاهبة،هذا حال كبارنا.. فما هو احساس المواليد الذين لاينطقون إلاّ بكاءً،وكانت لي التجربة الشخصية مع مولودي الذكر الذي اسميناه محموداً على جده رحمه الله...!ارتفعت حرارته وداهمته الحمى؛وصار البكاء حديثه وكلامه،وشخص الطبيب حالة محمود الصغير باصابته بالتهاب الصدر،وهو ماسبب ارتفاع الحرارة،وصرفت له روشتة فيها خمسة حقن...!!؟ نعم لطفل لم يبلغ عمره اليومين،وتم تركيب (فراشة)؛وأخذ حقنته الأولى مساءاً،وهدأت حالته قليلاً،ثم جاء اليوم التالي وكان طفلي على موعد مع الحقنة الثانية،ولكن يالسوء حظه فالفراشة تركت مكانها،وتقرر تركيب واحدة أخرى له.. وعانى طفلي كما عانيت أنا؛قرابة الساعة وهو بين يدي ممرضتين ماظننت لحظة أن لهما علاقة بالتمريض،وجوه جامدة وطاردة للرحمة رغم التسمية الملائكية لمهنتهن..المهم (دخلنا مدرسة)وبعدهن جاء ممرض متمرس قام بالواجب وأوفى ... ولعلاقة الجيرة والصداقة سمحت قدامي الممرضات بترك طفلي لفترات في غرفتهن المكيفة ب(الفريون)؛وسريعا مالاحظت أنه يترك البكاء جانباً ويستلذ بالهواء البارد،ويذهب في (سابع نومة)..وعند عودته هو وأمه للعنبر تبدأ سيمفونية البكاء وإرتفاع درجة الحرارة، فالعنابر كأنها أفران لصهر الحديد والبشر في آن واحد وأنا أبصم بالعشرة سادتي أن كل سودانية وأم حامل ستتمنى أن تكون مكان مي شيانج (أنثى دب الباندا) لتنعم بالعناية والإهتمام بالغذاء والرعاية حتى وإن كان حملها كاذباً.