لم تخرج الندوة التي أقامها المركز العالمي للدراسات الأفريقية بالتوافق الوطني حول الدستور القادم حيث اجمع ممثلو أحزاب المعارضة الى ضرورة تشكيل حكومة انتقالية عبر دستور انتقالي تكون مهمتها حل مشاكل السودان المتمثلة في الحروب في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان بالإضافة الي الأزمة الاقتصادية ومن ثم تهيئة المناخ للحوار فيما طالب الخبراء وأساتذة الجامعات بأهمية وضع دستور للبلاد بعيدا عن المكايدة الحزبية ولفت بروفيسور بركات موسى ألحواتي الأستاذ في القانون الدستوري الي غياب قيمة الوطن وتغليب مصالح الحزب فوق مصالح البلاد العليا مطالباً القوى السياسية المساهمة في عدم انهيار الدولة السودانية واحترام سيادة حكم القانون مشيرا الي ان الصراعات الداخلية كانت مدخلا للتدخل الدولي الذي أصبح وصيا على السيادة الوطنية واوضح خلال الندوة التي اقامها المركز تحت عنوان خيارات التوافق الوطني حول الدستور القادم ان اختلاف الرؤى بين الأحزاب واختيارها لوسائل مختلفة أدت إلى الانقلابات والانقلابات المضادة . ونوه إلى أهمية فصل السلطات وتغليب الخيارات بين النظام الرئاسي والبرلماني وأيهما أجدى للسودان ، وطرح الحواتي سؤالا اعتبره مفصليا في تحديد ماذا نريد في عملية التوافق الوطني وهو هل الدستور الذي نبحث عنه يملك عصا موسى لحل مشاكل السودان الماثلة والتي أصبحت أزمات؟ وهل يمكن ان تقبل القوى السياسية السودانية بنقد ذاتي لادائها في حركة الاستقرار والتنمية؟ من جانبه أوضح دكتور عمر عوض الله المستشار السابق بوزارة العدل أن النظام البرلماني كثير النزاع بين الأحزاب حسب التجربة السودانية معتبر النظام الرئاسي أكثر استقراراً داعياً إلى أهمية وجود رئيس وزراء منتخب مباشرة من الشعب وقال ان الممارسة السياسية الراشدة هي التي تعيد الجيش إلى ثكناته مستشهداً بالنظام التركي واوضح ان الدستور هو الإطار القانوني للحفاظ على التوافق السياسي وتعزيز قيمة التواصل القومي ونوه الي ان كتابة أي دستور قادم تحتاج الى مراكز بحوث للتنقيب فيه مشيرا الى ان قضية التنوع في السودان لم تؤخذ بالجدية الكاملة وقال ان المشكلة دائما ليست في نصوص الدستور وانما في التطبيق. ومن جهته دعا مولانا محمد أحمد سالم الخبير في القانون الدستوري الأحزاب الى تلبية دعوة الرئيس وتقديم رؤيتها بشأن الدستور وعدم التمسك بموقفها الرافض مستبعدا ان يكون الوطني لديه دستور جاهز يريد ان يمرره عبرها، ونوه الى ضرورة إعداد دستور بديل لدستور 2005م بعد ذهاب إحد أطراف مكونات نيفاشا (الحركة الشعبية) إلى دولة أخرى مشيرا ان الدستور السابق فيه مبادئ ممتازة ولكن لم يتم تطبيقها ولفت بان الحكومة كانت تكيل بمكيالين في بعض القضايا و قال ان السلطات رفضت التصديق لأي مظاهرة او وقفة للتعبير طلبتها المعارضة بينما كانت توافق على خروج مظاهرات تدعم مواقفها . فيما أكدت دكتورة مريم الصادق ممثلة حزب الأمة القومي أن حزبها يؤمن بضرورة وجود دستور انتقالي وحكومة انتقالية وعقد مؤتمر دستوري لإعداد دستور البلاد وقالت ان التوافق السياسي مهم ولكن دائما ما يستخدم كنوع من تهدئة الأزمات فقط ، ودعت الى التخلي عن أفكار الوصايا وإقصاء الاخر مشيرة بانها واحدة من الاشكاليات الحقيقية في عملية التوافق، كما دعت ايضا الي ضرورة مشاركة المؤسسة العسكرية في الدستور المقبل وتعزيز مرتكز أساسي هو الانتماء القومي . ووافقها في الراي الاستاذ علي السيد ممثل الاتحادي الديمقراطي الاصل بأن يكون للجيش دور في الدستور القادم وأن تكون هناك فترة انتقالية وقال ان الدستور القادم يجب ان يشمل الجميع وهذا لا يتوفر في الوقت الراهن لان هناك بعض الجهات تعاني من حروب ومشاكل، واعتبر ان دعوة المؤتمر الوطني حول الدستور دعوة غير حقيقية، لجهة ان وضع أي دستور يحتاج الى توفر الحريات وحسم الصراع الدائر في الاطراف. وقلل من تأثير 76 حزباً تقف بجانب المؤتمر الوطني ومشاركة في إعداد الدستور المقبل وقال أن هذه الأحزاب ليس لديها قواعد أو ارث سياسي. بينما اعتبر الأستاذ كمال عمر ممثل المؤتمر الشعبي ان تجربة نيفاشا كانت تعبر عن قمة الخيانة الوطنية وشدد علي ذهاب النظام الحاكم وقيام حكومة انتقالية ثم إعداد دستور دائم للبلاد واوضح أن هناك تطوراً وتلاحقا للأفكار وتبادلاً للتجارب بين القوي السياسية المعارضة وقال ان المؤتمر الوطني لا يريد ان يعترف بان البلاد فيها أزمة، ولا يعترف بالاخر، قاطعا بعدم مشاركة حزبه في الدستور الذي دعا له رئيس الجمهورية وفي ذات السياق قال دكتور ربيع عبد العاطي ممثل المؤتمر الوطني ان دعوة الرئيس حول الدستور هي توافق في الرأي وأضاف (أن الذي لا يقوى على قبول الرأي والرأي الآخر لا يستطيع حمل السلاح لتحقيق أهدافه) واردف أن ما سمعه من القوى السياسية المعارضة لا علاقة له بالدستور وإنما يشكل مواقف سياسية تخص بعض الأحزاب المعارضة. وأشار الى ان الذين يتحدثون عن عدم توفر الحرية هم اكثر من يتمتعون بها، وقال ان العصر تجاوز الكثير من المفاهيم التي تتحدث عنها المعارضة اذا لا مكان للديمومة المطلقة. ومن جهته دعا المهندس صديق يوسف ممثل الحزب الشيوعي الي مشاركة الفعاليات المختلفة وحل الأزمات الماثلة في أطراف السودان حتى يأتي الدستور متفقا عليه،منوها الي عدم صمود الدساتير الثمانية التي تم إعدادها لعدم التوافق حولها ومشاركة الجميع في إعدادها. فيما حمل يوسف الهندي ممثل الحزب الاتحادي الديمقراطي القوى السياسية فشل الدساتير السابقة والانقلاب عليها وقال لسنا محتاجين لدستور ولكننا نحتاج إلي حوار نخرج منه باتفاق واعتبر ان حل الحزب الشيوعي في الستينات كان خطأ كبير.