المثل السوداني الصميم يقول: الولف كتّال.. عارفين الولف شنو؟ الولف هو محبة الآخر.. خاصة الآخر القريب منك أخوك ود أمك وأبوك.. زوجتك أو زوجك.. جاركم القريب منكم شديد.. صديقك صديق العمر.. رفيق الدراسة الوالفتو واستمريت معاهو.. زميل العمل الوالفتو وناسبتو وبقيتو لحم ودم.. وعارفين كتّال يعني كيف؟.. يعني يتعبك بي محبتو.. هو البتونس معاك من القلب عشان كده لو فارقك بتتعب.. البشاركك فرحتك ويبقيها فرحتين.. والبشاركك حزنك ويخليهو نصف حزن.. عشان كده لما تتألم بتقول.. أخ.. يعني بتقول وينك يا أخوي تبقى سندى وعكازتي.. والوليف عزيز يبقى ليك شمسية وأنت تستحمل الحر.. تبقى ليهو غطا وأنت تستحمل البرد.. وهو ببادلك نفس الشعور.. وضل الولف كان بيضم اثنين ومرات ثلاثة والنفوس متطايبة الضل ببقى ضلين.. الولف ده ناس علم النفس المعاصر بسموه «الحميمية».. مثلاً دكتور خليل فاضل قال عن الولف تحت مسمى الحميمية.. الولف نوع خاص من الاقتراب الانفعالي بين اثنين من البشر.. رابطة وجدانية.. أعمدة قوية لرعاية كل منا للآخر.. إنه المسؤولية.. الثقة.. التواصل المفتوح والحر للمشاعر والأحاسيس.. أنا والله خايف على الولف يبقى ما كتّال.. خصوصاً الأجيال الجديدة التي فرض عليها القدر ممارسات فردية مع الحاسوب وغيره.. الأسرة لما تتلمه تتلمه حول التلفزيون تشوف المسلسل والّا مباراة والّا فيلم.. حتى عند تناول الطعام والذي كانت الونسة والتعليق بهاراته المعنوية قلت الونسة.. مرات بجيني شعور إننا بقينا تلفزيونات نتفرج في بعض.. زمان في أم درمان كان بين الركاب في المواصلات في ولف.. وقد تبقى صحبة راكب في مشوار بداية لي ولف جديد وتبقو أصدقاء وأقرباء.. هسع يا كافي البلا.. ما في زول بنضم مع زول.. مرة ركبت حافلة الكدرو من المحطة الأخيره لما قيل المحطة الأخيرة استغرقت الرحلة نصف ساعة.. ما في زول نضم مع زول حتى النازل ما بتكلم.. يا طرقع بي أصبعو زي التلميذ الداير يجاوب.. أو أصدر أصواتاً مثل التي تقال لزجر الكديسة.. وإن سألت أحداً رد بهز رأسه أو تحريك كتفيه.. قلت يا ربي الحاصل شنو؟.. صحي الناس الفيها مكفيها.. لكن كمان الولف ضرورة مرات تحكي لي وليفك يسمعك بس تكون كفاية.. حتى في المناسبات انتهت صينية الولف البقعدوا فيها عشرة والّا ثمانية على الأقل.. وحلت محلها الصحانه والّا الصناديق.. فافتقدنا ولف المؤاكلة.. حين يقرب لك أحدهم الصحن البعيد.. أو يضع أمامك أحدهم شيئاً من الصحن البعيد.. وفي هذا إعلان للمشاركة وتأكيد للولف.. أنا بعرف أزواجاً إمكن أسبوع ما اتونسوا مع بعض غير فى تفاهات دايرين.. وجبنا.. وما في واحد قال للثاني: «قُل لي ولو كذباً كلاماً ناعماً قد كاد يقتلني بك التمثال».. وبعرف أخوان قاعدين في بيت واحد وتمر أيام ولا يتم بينهم أي تحاور.. أو ونسة.. أو بث لواعج حتى ولو كان على سبيل الفضفضة! بالمناسبة مرات كثيرة حبة ولف بتصلح الحال.. مثلاً مرة كنا راكبين الحافلة.. والكمساري كان من النوع المسلط داك.. يناقر الركاب.. والبيقول ليهو: أديني الباقي بدل يقول ليهو حاضر.. أو فكة ما في يقول ليهو: أنت مالك شفقان؟.. وداك يشوفا إساءة.. الولد يشاكل ضلو.. قلت أرشو ليك بي حَبة ولف.. فأعلنت تعاطفي معه قلت للركاب بصوت عالٍ: يا اخوانا انتو قايلين شغلانة الكمساري دي هينة.. الود من الصباح.. يطلع وينزل.. يقفل ويفتح.. وكلما السواق يشوف بتاع حركة يقول له: أقفل الباب يا حيوان.. وعينو طالعة.. يستحمل شنو ولا يخلي شنو؟.. يبدأ الناس في التراجع تكون قد انتقلت إليهم عدوى إشاعة الولف مني.. أما الكمساري أنقروا ما فصل؟.. بل غيّر مواقفه العدوانية.. وعندما نزل أحد الذين اشتجر معهم قال له مبتسماً: معليش يا خال.. عشان كده تعالوا نرجع الولف القديم.. ولف النفاج.. والجنا جنا الكل.. «ولف ياي بلدنا وكلنا أكوان» بتاعة يوسف فتاكي.. ولف «فنجان جبنة بشمالو.. يسوي الدنيا بى حالو».. ولف «أيامنا الضُقنا فيها غرامنا».. ولف «الحبيب قلبو طيب».. ولف «زاد الحبان ليهو مكان».. ولف «البيضة كان فيها عروة بشيلوها اتنين».. ولف «أخير يا عشانا تودينا لي أهلنا.. بسألوك مننا».. ولف «أريتك تبقى طيب أنت.. أنا البي كلو هين».. ولف: أنا المأمون على بنوت فريقو! طبعاً مستحيل يجي ذياك الولف.. تعالوا نصنع عندئذٍ الولف الجديد!..