نتناول هذه المرة مخاطر الخروج إلى العلن بعد أن ظلت الحركة الإسلامية السودانية منذ أربعينيات القرن الماضي تنظيماً لم يخرج إلى العلن لكنه كان معلوماً ومعروفاً من خلال الدعوة الانتقائية والعامة التي يمارسها المنتمون إليه، ولا يفصح عن هياكله التنظيمية ولا اساليبه الادارية ولا امكاناته المالية وحجم عضويته ومراتبها كما يخفي أجهزته الخاصة ذات المهام الدقيقة والحاسمة.وأكبر خطر سيواجه الحركة الإسلامية بعد أن أسفرت عن وجهها هو الإعلام .. ولا أعني به الإعلام الباحث عن الحقيقة أو الإثارة ولكني أعني الإعلام الذي سيكون مفتوحاً أمام العضوية ذات الهوى والمطامع الشخصية منزوعة السقف والتقوى من النوع الذي إذا أستوزر أعلن أن الحركة حاكمة ودافع عنها دفاعاً مستميتاً وإذا أُعفي من الوزارة حكم على إخوانه الحاكمين بالضلال وحرض (إخوانه) على إعادة (الحركة) إلى الحكم وهي(حركة في شكل وردة) لم تظهر إلا بعد فتنة السلطان. والخطر الثاني هم إخوان الأمس أعداء اليوم الذين يتحالفون مع قتلة الأبرياء واليسار وكل من يعادي (عدوَّهم) وهؤلاء يتحدثون لغة الحركة الإسلامية ويتسربلون بسمتها ومن السهل جداً أن يخترقوا صفوفها و هياكلها ويقودونها بالتالي إلى الشقاق والتفرق والفشل.والخطر الثالث ذو أبعاد ثلاثة: يبدأ بزحف الحرس القديم من القواعد وحرمان الشباب من الوجود في أجهزة الحركة الشورية والتنفيذية بالقدر الذي يتناسب وهذه القوة الفاعلة، ويمر بالإرتداد بأمراض التنظيم السياسي (المؤتمر الوطني) إلى داخل صفوف الحركة الإسلامية، ويصل إلى نقل أمراض الخدمة المدنية إلى جسد الحركة علماً بأن كثيرين من عضوية الحركة اليوم لم يتربوا في كنفها بل تربوا في التنظيم السياسي حيث المناطقية والجهوية والمغالبة و(المدافرة) والتنافس على المغانم. أما الخطر الرابع فهو ضبابية الرؤية حول وظيفة الحركة الأساسية في الدَّعوة إلى الله، وإصلاح الفرد والمجتمع بالاستقامة على منهج الدِّين القويم وهذه الضبابية لمستها عند قياديين تم تصعيدهم إلى مؤتمرات الحركة والشورى الولائية فهم لا يخلطون بين الحركة والتنظيم السياسي وحسب وإنما يحمِّلون الحكومة واجبات المجتمع الأصيلة في مظهر الشارع العام وسلوك الأفراد. في الحلقة الثالثة والأخيرة سنحاول وضع ملامح خطة للتصدي لهذه المخاطر.