كان وعداً أن نخصص هذه الحلقة لملامح خطة تجابه المخاطر الناجمة عن السفور وقد بدت كثير من مظاهر تلك المخاطر قبل أن يجف مداد الحلقة الماضية التي خصصناها لسرد بعض المخاطر ولم نتعرض لتوظيف تلك المخاطر من جهات خارجية أعجزها أن تحرك الربيع العربي في السودان وهي تفكر الآن في خريف غضب (إفريقي) تحتضن بذرته الحركة الإسلامية في بعثها الجديد!!. لقد أسفت كثيراً لتصريحات صحفية من قيادي بارز في الحركة الاسلامية قال: سنقدم لقيادة الحركة (رجلاً كذا وكذا) في دعاية انتخابية لم نعهدها في أدب الحركة من قبل، وودت لو أنه قال: سنقدم برنامجاً يعيد للحركة هيبتها ووحدتها ونسعى من خلاله لبناء مجتمع الفضيلة والحرية والعدل ثم لا يهمنا بعد ذلك من يتقدم بل يهمنا كيف يدير من نقدمه شأن الحركة، وأول ملامح الخطة التي نقترحها هو هل من عودة إلى أدب الجرح والتعديل في اختيار القيادة بصرامته وسريته وتقواه لله تعالى ليتقدم إلى القيادة الأتقياء الأقوياء وما أكثرهم في صفوف الشباب. كما أزعجني جداً أن يحدث ذلك الشباب بأن تكون الحركة الإسلامية(باطشة) اللهم إلا إذا كانت باطشة في الأرض لإعمارها ولكن أن تأخذ السلطان بيدها وتبطش بيدها هي، فهذه لعمري وظيفة جديدة لم يبايع أحدٌ ولا جماعة عليها، وإذا كان الأمر كذلك فماذا بقي لسلطان الحكم بكل مكوناته الرقابية والتنفيذية والقضائية؟! وثاني ملامح الخطة أن تكتفي الحركة الإسلامية بالكليات الموجهة للحاكمين وأن تبتعد عن التفاصيل فهي مكامن الشيطان وثالثها: تقوية الأجهزة الرقابية والأمنية الداخلية للحركة وتطويرها لتستوعب تحديات إعادة البناء ومواكبة هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها الحركة الإسلامية. ورابعها: تأمين الناس من أنفسنا والنفسُ أمارة بالسوء. وخامسها أدب التعامل مع السلطان الذي تنتدبه(حتى الآن) الحركة من بين صفوفها لهذه المهمة بشكل أو بآخر فهذا السلطان يحكم أكثر من ثلاثين مليوناً ليسوا كلهم بالضرورة مقتنعين بطرح الحركة الإسلامية وكلهم أمانة في عنقه يُسأل عنهم (أمامهم) وأمام الله تعالى وهويرى من موقع قد لا تتوفر الرؤية منه لغيره كما أنه يدير علاقات خارجية غايةٌ في التعقيد والتشابك في عالم يقوم على التظالم والتغالب. وسادسها: وضع برامج دعوية ثقافية تعيد إنتاج الحد الأدنى من التصور المشترك للكون والوجود والإنسان وبالتالي يعصم المنتمين من الإختلاف والزلل عند الحادثات والمواقف ويوحد الخطاب العام، كما يدرأ ذلك استفحال أمراض التنظيم السياسي(المؤتمر الوطني) التي دبت في جسد الحركة الإسلامية الذي كان خاملاً عن الرياضة والتغذية السليمة ومظاهر الحياة السوية. وأختم بملامح ورقةٍ أعددناها عندما كنا في قيادة التنظيم باليمن وكان أميرنا الشيخ الحافظ لكتاب الله المفكر الاستراتيجي الشيخ ميرغني محمد عثمان أرقاوي تلك الورقة أعددناه وعرضها الشيخ ميرغني على القصر والمنشية 1999م عند بدايات الأزمة وهي ربما تصلح بشكل أو بآخر كواحدة من المعالجات للوضع الحالي. قلنا في تلك الورقة كما أذكر: لا خروج على السلطان ذي الشوكة مالم يخرج هو عن البيعة أو يأمر بالمعصية. ولا تفريط في مكتسبات الحركة بدءاً من أسلمة الحكم وصولاً إلى الواجهات التي تعمل حركة الإسلام من خلالها. حفظٌ كُسُوب إخواننا في الطرف الآخر وإبداء الود لهم ما لم يفعلوا هم خلاف ذلك. السعي لرأب الصدع ما استطعنا إلى ذلك سبيلا فقبل القصر ورقتنا وتلقتها المنشية بالاستخفاف والتهوين. وأخيراً هذه ملامح غير جامعة ولا مانعة، وإنما هو رأي يؤخذ منه ويرد والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.