صب غازي سليمان المحامي جام غضبه على ما أسماه بكتابة أو التوافق على دستور دائم، مؤكداً على أن الواقع سيكون بعيداً عن المقترح ولن يعبر عن الوضع الحالي، وقال غازي إن أعظم دستور على الإطلاق من حيث الشكل والمضمون كان دستور عام 2005م، مستبعداً أن يكون الدستور القادم أفضل منه. جاء حديث الرجل خلال ورشة نظمها الاتحاد العام لطلاب ولاية الخرطوم تحت عنوان «ورشة عمل حول الدستور الجديد للبلاد» بحضور دكتور عز الدين الطيب عميد كلية القانون بجامعة النيلين ودكتور يوسف الكودة رئيس حزب الوسط الإسلامي. لم يستبعد غازي سليمان أن الهجمة الشرسة التي يتعرض لها السودان يراد منها تفكيكه لدويلات صغيرة وفق الحملة الدولية، وقال إن البعض يغض الطرف عن ذلك دونما أدنى اهتمام بالواقع المحيط بالسودان، مشيراً إلى أن محاولات إسقاط الإنقاذ قد تؤدي الغرض المطلوب وفق الإستراتيجية الغربية وتحقيق «الفوضى الخلاقة»، وأبدى غازي من خلال تجربته القانونية ملاحظات دقيقة على الأوضاع الراهنة، منتقداً أسلوب الهيمنة على مفاصل الدولة من قبل المؤتمر الوطني، منوهاً إلى عدم الاستخفاف بالآخرين بما يسمى عقد مؤتمر الحركة الإسلامية وقال إذا كانت هناك حركة إسلامية بالمعنى المطلوب «أنا رئيسها»، كما استشهد بتجربة دستور عام 1998م وقال إن هذا الدستور وضعه الشيخ الجليل دكتور حسن الترابي الذي قام بتبديله بآخر مما أدى إلى استقالته من اللجنة القانونية التي أشرفت على وضع الدستور. واختتم غازي بالتأكيد على وقوفه إلى جانب حكومة الإنقاذ دون أن ينفي تطلعه للتغيير لكن ليس بيد سوزان رايس وأعوانها ولكن بيد الشعب السوداني وطالب بضرورة الحفاظ على القيم والمثل والأخلاق ومنها عدم تعريض الوطن إلى الذل والهوان وضرورة الحفاظ على المكاسب الوطنية دون استخفاف بالآخرين، وقال إن ذكاء الإنقاذ سيكون بتمسكها بدستور عام 2005م. دكتور يوسف الكودة رئيس حزب الوسط الإسلامي تساءل في حديثه قائلاً ما هي أسباب تراجع مستوى التعاطي مع قضايا الساعة في مدارك الأجيال الحالية.. ألسنا مطالبين بتفصيل الواقع الحالي محاولة لإحياء قيم الدين والبحث عن ما يجمع عُرى المجتمع والبعد عن ما يفرقهم منوهاً إلى أن ماضي الأمة السودانية كان مثالياً في تعاطيه مع واقعه السياسي وأعطى مثالاً لذلك الواقع البعيد المأمول عودته، وقال «كنا نجد في البيت الواحد الشيوعي، الاتحادي، الديمقراطي والإسلامي» وكذلك خلال انعقاد الندوات يتحدث فيها نقد والترابي وغيرهم.. واسترسل دكتور الكودة في حديثه خلال ورشة حول الدستور القادم وقال نحن بصدد المطالبة بضرورة الحرص على اعداد دستور يتوافق عليه علماء الأمة الإسلامية ولا حرج في اختلافات وجهات النظر والمهم هو الاجماع على جوامع الأصول، ونوه دكتور الكودة إلى أهمية التروي دون الاستعجال مهما طالت الفترة لمناقشة ما يجب أن يحويه الدستور، وقال إننا نتوق إلى دستور يراعي هويتنا وطالب الجهات غير الإسلامية من المسلمين بالابتعاد عن أي مشروع في هذا الشأن يهمل ما بدواخل وخصوصية الأمة الإسلامية مؤكداً على أن محاولة للابتعاد عن هذه النقاط الأساسية سيتعرض للفضل وحث على أهمية الإدراك بالمصطلحات التي تطلق لبعض المفاهيم الإسلامية دون اطلاقها هكذا.. وتساءل هل الإسلام دولة مدنية سيما واننا أصحاب رؤية إسلامية وسطية واضحة دون تشدد أو غلو، وإذا كانت الدولة مدنية إذن عليها بسط الحقوق والحريات التي لا تتنافى مع الدين لا كما ينادي العلمانيون بإقصاء الدين عن مباديء الحياة العامة.. ولمحاولة حسم المسائل العالقة.. مثال المواطنة هل هي أساس توزيع الحقوق. وهل يحتمل الإسلام التعددية.. مع استصحاب مبدأ الشورى.. واختتم دكتور يوسف الكودة حديثه بأهمية نبذ التعصب الديني وقال إن التعصب من أعظم مداخل الشيطان مطالباً بضرورة نبذ الفرقة والتعاون على الخير، مشيراً إلى أن الجماعات وسائل تصب في انتماء الأمة، مضيفاً أن الحريات من شأنها أن تتلاقح وتنبذ الأفكار المنحرفة. جامعة النيلين بدورها كان لها السبق في إعداد مبادرة لمشروع مقترح يطرح للقوى السياسية «الحكومة والمعارضة».. عميد كلية القانون بالجامعة دكتور عز الدين الطيب حديثه كان أكاديمياً صرفاً شرح خلاله عدداً من تعريفات الدستور وأجمله في نصوص وقواعد تعبر عن أغلب أفراد المجتمع، ويتضمن ثلاثة محاور نظام الحكم وشكل الدولة والقيم والمثل أو الحقوق والواجبات، ونوه إلى أهمية استصحاب الإرادة السياسية في تطبيق أي دستور متفق عليه، كما لخص عدداً من الدساتير التي شهدها السودان منذ عام 1956م حتى دستور عام 2005م واشترط دكتور الطيب على ضرورة أن يلبي الدستور تطلعات التراضي الوطني والتعددية السياسية من شأنه أن يحقق الثوابت ويكرس الولاء القومي الوطني ليعلو على كل الولاءات الجهوية القبلية الطائفية الناتجة من منطلقات حزبية ضيقة. كانت هناك مشاركات ثرة من الطلاب، و غازي سليمان والذي كالعادة حديثه لا يخلو من الطرائف والمصارحة والشفافية.