وكثير من المسئولين عندنا يحسبون، (جهلاً من عند أنفسهم)، إن المسؤولية وجاهة وتشريف وإفتراء على خلق الله.. وآخرون أكثر فهماً يحسبون أن لا أحد يحاسبهم، ناسين أو متناسين يوم الحساب، وبذات القدر هناك مسؤولون يراعون الله في كل كبيرة وصغيرة، ويخافونه في المواطن المسكين.. شعارهم: (من فرج عن مؤمن كربة.) نقول ذلك لا لنتهم أحداً بعينه ولا أن نقول إن إخوتنا في التأمين الصحي (المعنيين في مقالنا هذا) إنهم من هؤلاء أو أولئك، ولكن نقول بكل الأمانة إن التأمين الصحي أصبح في الفترة الأخيرة عبئاً ثقيلاً على المواطن لا مظلة يرتاح عندها ويحط أمراضه في ظلها كما قالوا أو يقولون. في ولاية الجزيرة مثلاً، يلزم المواطن للسفر لمدني حتي يتم تحويله من هناك للخرطوم، يفرض عليه الأمر فرضاً.. مما يعني تذاكر سفر أخرى من هنا لهناك، وبالعكس، وذلك مضيعة للوقت، والأهم من كل ذلك أن هذه (الإلزامية) قد تودي بحياة كثيرين بإعتبار أن هناك حالات طارئة لا يجدي معها الإنتظار، ناهيكم عن السفر من منطقة ما إلى ودمدني، ومنها للخرطوم، وهنا قد يجد من ينجز له إجراءاته وقد لا يجد، وقبل أن يبتلع الناس مرارة التحويل لحاضرة الجزيرة فاجأتهم الإدارة بمرارة أخرى، وهي منع التحويل للخرطوم، وفي هذه حدثني العم عثمان الترابي الذي ذاق الأمرين وفعل المستحيل ليقنع مسؤولي التأمين بمدني، بخطورة حالة حرمه المصون ومعاناتها من جلطة، ومع ذلك حرمت من التحويل للعاصمة. إن التأمين الصحي كما قالوا لنا هو تخفيف على المواطن، وأمان صحي له، ولكن للأسف الشديد هو غير ذلك على الأقل في بعض المناطق، ولا أكذب ولا أتجمل إن قلت إن الكثير من الشكاوي وصلتني خلال أسبوع واحد، منها من يشكو خطأ إجراءات تحويله، ومنها من يشكو غياب مسؤول، ومنها من يقول أنه دفع رسوم تسجيله وبطاقته عبر لجنة شعبية، ولكنهم قالوا له أن العدد المطلوب للكشف لم يكتمل..وعليه أن يصبر حتي اكتماله ومن بعدها تستخرج له البطاقة، وإن انتظر المسكين هل ينتظر المرض، وهل ترحم الجيوب الخاوية وحكايات آخر متشابهات وغير متشابهات،) تؤكد أن التأمين الصحي يحتاج لمراجعة حتي يكون أمناً صحياً ينعم به المواطن بحق وحقيقة، يشعر معه بالإطمئنان وأن ما يدفعه من أموال لم يذهب مع الريح ولا مع مرسال وردي،) المشي وما جاء). أخواننا في التأمين الصحي، الواقع والمواقع التي أنتم فيها تقول أنكم خدام للمواطن، وهذه المواقع بدرجاتها المختلفة تحتاج للسرعة وإلى كل من يصل بالمواطن لمقابلة الأختصاصي والقيام بكل اجراءات الفحص وغيرها، فالأمر معني بالصحة ولا شئ غيرها، وطالما أن المواطن يدفع للتأمين من جيبه، فمن حقه أن يجد الرعاية والإهتمام، وأن يجد العلاج معززاً مكرماً، وليس ذليلاً مهيناً فهو يدفع مقابل خدمة يجب أن تقدم له متى ما احتاجها من غير عناء ومشقة، وأسفار وترحال من أجل إشارة وتوقيع من مسؤول . طالما أن التأمين الصحي يأخذ حقه من المواطن كاملاً، فعليه أن يعطي المواطن حقه كاملاً،. بتوفير الأطباء والإختصاصيين ممن يقومون بإجراءات التحويل، وتوفير الدواء من الدرجة الأولى بالصيدليات، وليس أدوية الدرجة الثالثة وغيرها، عليهم أن يخافوا الله في المواطن، وأن يتذكروا أن العمل عبادة وأمانة يجب آداؤهما كما يجب وإلا.