السير دوقلاس نيوبولد كان السكرتير الإداري في فترة الاستعمار ويعتبر الشخصية الثانية بعد الحاكم العام.. ورغم أنه يذكرنا بفترة قاسية من تاريخ الكبرياء الوطني المجروح.. إلا أنني أعتقد أن ذلك لا يمنع أن نستشهد ببعض آرائه كرجل مثقف واسع الاطلاع.. خبر جغرافية وتاريخ السودان بروح الإنسان وفي إحدى محاضراته التي ألقاها في نادي الخريجين عام 1940 والتي تحدث فيها معرفاً المثقف بأنه الشخص الذي تتوفر فيه هذه الصفات.. أولاً: سعة الخيال.. ثانياً: روح الفكاهة والدعابة.. ثالثاً: القدرة على التسامح ورابعاً: الروح الإنساني الشفيف. وأعتقد أن أمتنا تموج بمن يحمل هذه الصفات ونحن أحوج له الآن أكثر من أي وقت مضى.. لأننا في حاجة إلى السلام والمثقف الحق هو الذي يلتزم بقضايا أمته ويتفاعل معها في محاولة صادقة للعطاء في غير صدام ومعارك.. والرجل الذي نحن بصدد الحديث عنه هو رجل متأدب ومفكر موسوعي المعرفة.. مجود متفوق ومبدع وأعتقد أنه متعلق بالوطن وتكمن عبقريته في انفتاحه الذكي على كل المعطيات والتجارب الإنسانية باختلاف آيدلوجياتها.. وقد حاول أن يجعل من هذا الاختلاف منطلقاً ليقبل بعضه بعضاً.. فقد حمل الإنسان الأمانة وهو ظلوم جهول.. ورغم هذا فعلى الإنسان الإنسان أن يظل محاولاً مسح هذا الظلم والجهل وقد كان السموأل خلف الله رجلاً خليق بالوزراة والوزارة خليقة به.. وأردنا أن تتوصى به الحكومة خيراً ولكن للسياسة حكمتها ومنهجيتها ودروبها التي لا نستطيع نحن العامة أن نفهم وقع خطواتها وبحورها التي لا نستطيع أن نسبر غورها وإنما جعل الله الوزارات ليموت فيها الإبداع إلا من رحم ربي.. وأن فيها فتناً كقطع الليل المظلم فكن من احلاس أروقة يا سموأل. لكن هناك كلمة حق يجب ألا نجعلها تضل في ردهات السياسة وتتماهى في ظلماتها الشائكة وتغرق في أعماقها التي لا تحد.. وإن هناك عقولاً وطاقات نحن كأمة في أمس الحاجة إلى عطائها وإلى استمراريتها ورجل كالسموأل خلف الله يستحق أن نرفع أكفنا إلى السماء سائلين المولى أن يظل كما كان دائماً كلما أعطى عملاً كان به كلفاً ومنفذاً وباذلاً وأن أروقة تفتح ذراعيها وقلبها وأنها ستؤدي عنك إن شاء الله.. وأنه خير لنا ولك أن نأكل من سقيف أروقة وسوف تثقل أروقة موازينك إن شاء الله فالزمها ونحن معك إن عجنت سنخبز وإن علفت سنسقي. إن في أروقة الريح طيبة والبحر هاديء والشراع مرفوع.. فابحر ومعك كل مثقف جاد.. والسموأل كمثقف خلاق وصاحب عقلية متفتحة وشهية نهمة للإبداع والعطاء.. لابد أنه جاعل من أروقة منبراً للسلام والأخوة.. فإن الثقافة هي مفتاح السلام ولا توحد الشعوب غير العقيدة الثابتة والإيمان المطلق بأن الثقافة هي القبول.. أجعل يا أخي السموأل من أروقة منبراً يجمع بين الشعر والمال واقترح أن تفكر أروقة في إنشاء شركة تخرج المنتج الثقافي المقنع بضروبه المختلفة عبر لجان أمينة تجمع ثقات مختلفي الرؤى السياسية والفكرية يجمعهم حب الوطن وإخراج هذا المنتج بصورة عصرية فارهة تتناسب وما يجري في العالم.. ويمكن أن ترفع من مستوى المثقف المنتج المادي والذي هو في أمس الحاجة للاستفادة من الهبة التي وهبها له الله في تغيير وجه حياته.. وكما قال العقاد: «الثقافة هي ترويض الوظائف الإنسانية على استيفاء نصيبها من الحياة الفضلى».. أي الحياة بشقيها المادي والروحي. آية يوسف وقيع الله سعد