أكد عضو البرلمان ووكيل وزارة المالية الأسبق شيخ المك أن ميزانية 2013م لم تتحدث في زيادة الإنتاج القومي مشيراً إلى أن الإنتاج ضعيف، ونوه إلى أن إنتاجية القطن متأرجحة لأدنى مستوى بالرغم من ارتفاع سعره في العالم، وأوضح أن الجهاز المصرفي ليس له قدرة كافية لكي يوفر التمويل لمشاريع القطاع الخاص وانتقد التوسع في الحكومة، وقال كل وزير يده قوية يقوم بالتعيين بنفسه وأبان أن الذهب ساهم بثلاثة مليار دولار في العام، مشيراً إلى أنه حل ثلث المشكلة الناتجة عن انفصال الجنوب، وقال لولا الذهب لارتفع الدولار إلى 10 جنيهات... فإلى مضابط الحوار .. ما تقييمك لميزانية العام 2013م التي عرضها وزير المالية أمام البرلمان؟ - الميزانية واقعية ولم تضع أرقاماً وهمية، ولكنها وضعت أرقاماً تقديرية وهي إصلاحية جيدة ونوعية و عادلة وشكلها راقٍ ولم تضع ضرائب واقتصرت على ضريبة ترخيص العربات الخاصة كما أنها خالية من عوائد النفط. بعد إشادتك بهذه الميزانية هل تتوقع أن تتم إجازتها دون جدل؟ - ستجد العضد و التأييد وستتم إجازتها بيسر. ذكرت أن الميزانية خالية من عوائد نفط الجنوب ولكن هنالك مفاوضات جارية، ماذا عن تلك العوائد في حال دخولها لخزينة الدولة؟ - نحن في البرلمان نرى إذا تحقق واكتمل الاتفاق مع الجنوب وتحققت بعض الإيرادات لن يترك الأمر لوزارة المالية للتصرف فيه بل تعود للبرلمان لتوظيفه، ولن نسمح باستخدام عائدات نفط الجنوب دون الرجوع للبرلمان لأخذ موافقته حيث إنها تعتبر إضافة وليس جزءاً مكملاً للميزانية. هناك حديث بأن ميزانية العام 2013م تغني الغني وتفقر الفقير؟ - صحيح منذ الاستقلال كل الوزارات على امتداد الحكومات المتوالية اهتمت بزيادة الأجور ولم تتحدث عن تقليل الفقر، والميزانية الآن لم تتحدث أيضاً عن أي معايير أو تسويات لتخفيف حدة الفقر عدا زيادة الدعم الاجتماعي ولم تتخذ أي إجراءات ضريبية لتخفيف حدة الفقر، ولكنها تحدثت عن دعم مباشر لأصحاب الدخول الضعيفة ووضع وظائف للخريجين. ألا تعتقد أن الميزانية أهملت بعض الجوانب ولم تتحدث عنها؟ - الميزانية لم تتحدث عن زيادة الإنتاج القومي وهو إنتاج ضعيف ويجب أن نزرع القطن وننتج الأسمنت والسكر لنصدره للخارج، فما زالت إنتاجية القطن متأرجحة لأدنى مستوى بالرغم من ارتفاع سعره في العالم. هنالك آراء تنوه إلى زيادة المخاطر والعجز في الميزانية؟ - العجز يعتمد كثيراً على الأوراق المالية بنسبة عالية وهذا بلا شك سيؤدي لزيادة المخاطر الحالية، لأنه وصل إلي مراحل كبيرة، فشهادة شهامة وصلت للجمهور بما يعادل نصف الميزانية و إذا حدث أي اختلال في الشهادات والجمهور طالب بسداد الوثائق سندخل في ورطة كبيرة، فبالتالي طالبنا بالتدرج في التخلص من شهادة شهامة حتى لا تشكل عبئاً على الخزينة العامة في الدين الداخلي، وبالتالي نسبة تمويل العجز في الميزانية من الموارد المحلية كبيرة وتحتاج إلى مراجعة. هل المناداة بزيادة الأجور يمكن أن تحل مشكلة للعمال؟ - لا يمكن أن تحل مشكلة وهي مضرة وحتى لو حلتها سيكون حلاً مؤقتاً لأن زيادة الأجور تزيد التضخم وترفع الأسعار. ولكن ما يقدم للعمال غير كافٍ في ظل ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة؟ - العمالة السودانية مكدسة بوظائف لا حصر ولا عدد لها و إنتاجيتها متدنية وضعيفة، ونحن نرى لابد من زيادة الإنتاجية حتى نستطيع أن نكافئ العمالة، و على الدولة أن تراعي تحسين مستوى المعيشة، وهو ليس مربوط بالأجور ولكنه مربوط بالتضخم و يجب أن نتجه لتخفيض الأسعار ويجب أن نضع برامج للمعاش المبكر لتخفيض العمالة بإعطائهم حقوقهم وأي زيادة في الأجور مع تضخم العمالة تصبح تضخمية. والملاحظ أن الفصل الأول في التسيير للعام 1969م كان نسبة 1/1 ولكن هذا العام بنسبة 4 /1. لذلك لابد من تخفيض العمالة والمعاش المبكر وفي ظل تخفيض العمالة يمكن أن نزيد الأجور. أنت تطالب بتخفيض العمالة، فأين يذهب هؤلاء وكيف يقاومون ظروف الإعاشة؟ - نعطيهم مرتب 10 سنوات ويمكن أن يعملوا في القطاع الخاص. هنالك من يرى أن الميزانية الحالية تضع العامل أمام خيارين إما أن يكون «حرامي أو شحاد»؟ - هذا غير صحيح، وحقيقة أن الحكومة يومياً تتوسع في الحكم بصورة كبيرة «كم ولاية ووالي ؟!»، بالإضافة إلى ضغوط الأحزاب المشاركة، وأيضاً كل مسؤول يعين يأتي بمجموعة و كل وزير يده قوية يقوم بالتعيينات بنفسه وهذا خطر على الدولة، فالتوسع في الحكم أحدث مشاكل بالإضافة إلى أن العمالة مترهلة وتحتاج إلى قص، فهنالك العمالة المؤقتة وأيضاً أصحاب العقود الخاصة التي تصل إلى المليارات، الوظائف التعاقدية لبعض الفئات الذين يأخذون مرتبات عالية ويُظلم الآخرون. لكن الحكومة أعلنت سياسة التقشف فكيف تنظر لانعكاساتها؟ - سياسة التقشف لم تجد الإرادة السياسية فهي لم تمنع العقودات الخاصة وكل وزير لديه حاشية من الحرس والسكرتارية. ما الذي يميز ميزانية العام 2013م عن العام الجاري؟ - ميزانية العام 2012م تضمنت إيجارات لخطوط نقل بترول الجنوب الشيء الذي لم يتحقق آنذاك. لماذا تهمل الحكومة تقارير المراجع العام فيما يخص التعدي على المال العام برأيك؟ - التعدي على المال العام ليس بالحد الكبير فالمراجع العام يقدم أقل من 1% من التعدي على المال العام وهو حجم صغير ولكنه يهول لإغراض سياسية للنيل من الحكومة القائمة وكل الحديث غير مؤسس وليس هنالك إثباتات على ذلك والحكومة من جانبها اتخذت إجراءات عديدة وقوّت المراجعة الداخلية و الأجهزة الحسابية من أجل أن تقوم بدورها.. أما حديث الرأي العام عن الفساد والتعدي على المال العام هو ظاهرة حميدة وطيبة. لماذا لا تظهر عائدات الذهب في الميزانية؟ - لا يدخل لأنه إنتاج أشخاص ويعود العائد لهم، ولكن الذهب يرفع الدخل القومي للدولة ويساهم في الاقتصاد وتأتي ميزانيته في المدفوعات، كما أنه وفر النقد الأجنبي للدولة.. ومساهمته حالياً تبلغ ثلاثة مليار دولار في العام تقريباً، وقد حل ثلث المشكلة الناتجة عن انفصال الجنوب و لولا الذهب لارتفع الدولار إلى 10 جنيهات. ولكن هنالك شركة أرياب وهي شركة حكومية؟ - إنتاج شركة أرياب ضعيف حوالى 5 طن في العام. توقع خبراء اقتصاديون ارتفاع سعر الدولار إلى 11 و13 جنيهاً مع بداية العام بالرغم من أن الرئيس وعد باستقراره ب 3 جنيات بنهاية العام الجاري؟ - إذا قرأنا قراءة صحيحة يمكن أن يستقر سعر الدولار إذا حدث استقرار، ووصلنا إلى اتفاق مع حكومة الجنوب وفي هذه الحالة سيستقر. ما هي الأسباب التي أدت إلى عدم استقرار الدولار، علماً بأن الدولة أكدت أنها متحسبة لتداعيات الانفصال؟ - لم نوفق في زيادة إنتاج السلع المضرة للدولار أو السلع التي تحد من الوارد، ولكي نحل هذه المشكلة هنالك اتجاهان، الاهتمام بالقطاع الخاص المحلي والأجنبي، وذلك بأن نزيل المعوقات التي تهدد الاستثمار، فمهددات الاستثمار ما زالت قائمة بالرغم من مرونه القانون، فالمستثمر يعاني في تنفيذ مشروعاته، على سبيل المثال يمنح المستثمر أرضاً للاستثمار وتكون ملكاً لجهة فيدخل مع ملاكها في إشكاليات، ويجب أن نجعل المزارع أو المواطن شريكاً في الاستثمار.. والشي الأخر جهازنا المصرفي ليس له قدرة كافية لكي يوفر تمويلاً لمشاريع القطاع الخاص، وحتى لا يستطيع أن يزيد رأس مال البنوك المحلية ولابد من زيادة البنوك المتخصصة مثل البنك الزراعي والصناعي من أجل تمويل الإنتاج، فالقطاع الخاص يمثل حوالي 80%من الناتج المحلي الإجمالي ويحتاج إلى تمويل. كيف يمكن للحكومة حل مشكلة ديونها لدى القطاع الخاص؟ - الدين المحلي أصبح عادياً وبأرقام كبيرة ومن ضمنه شهادة شهامة وسندات كنا قد عملنا بها تنمية في عام 2005م، لكن الحكومة لم تدفع للقطاع الخاص سنداته والحكومة تستدين من القطاع الخاص بأسعار غالية، ورغم الانتعاش الذي حدث في القطاع الخاص تراجع بسبب الحكومة. وفي عام 2007م جلسنا مع أصحاب القطاع الخاص ووضعنا جدولة ولكنها لم تنفذ. باعتبارك كنت وكيلاً في وزارة المالية لماذا لم تستشعروا الأزمة الاقتصادية التي يمر بها السودان حالياً؟ - كنا نعلم وقد نوهنا إليها قبل انفصال الجنوب. وهل وجدت القبول وقتها؟ - وجدنا معارضة وأنا قد تعرضت في ندوة إلى نقد كلامي يفوق الشتيمة. هل تنويهاتك كانت سبباً وراء عزلك من وزارة المالية؟ - احتمال.. آرائي واضحة وضوح الشمس والحمد لله لمن ينل أي شخص مني، وخرجت من وزارة المالية ولست نادماً.