شريط فيديو عملية كسر القيود والهروب الكبير للمدانين بقتل الدبلوماسي الأمريكي غرانفيل في 12 يونيو 2006م ، أثار العديد من الأسئلة حول القضية خاصة وأن الشريط المصور أوضح التفاصيل الكاملة لعملية الهروب والتخطيط لها وحمل في نهايته بياناً ورسالة إلى الأمة الإسلامية حملت العديد من الإشارات.. «آخر لحظة» حملت أوراقها وجلست إلى الدكتور المحامي عادل عبد الغني أحد هيئة الدفاع عن المدانين لمزيد من التفاصيل خاصة وقد جاء في شريط الفيديو في حديث لإحدى القنوات العربية عن تحصينات سجن كوبر.. فماذا قال حول العملية وما هي قراءته لأحداثها وللبيان.. الإجابات في مضابط هذا الحوار: مقاطعاً: كيف دافعت عن هؤلاء الشباب وهم في الأصل يرفضون فكرة محامٍ يدافع عنهم؟ - صحيح هم رفضوا فكرة الدفاع عنهم ولكن عن طريق أسرهم تم تكليفي بالدفاع عنهم، وعن رفضهم لفكرة المحامي اعتقد أنه راجع لفكرهم الديني وأنهم يؤمنون بما يفعلونه، وبالمناسبة هؤلاء الشباب صادقون جداً مع أنفسهم ولا يكذبون ولا يجاملون، وأذكر أننا عندما ذهبنا إليهم قالوا إنهم يعترفون بنا ولا يريدون الحديث معنا ولكن تحت ضغط أهلهم وافقوا على أن ندافع عنهم وبالكثير من الصبر خلقنا نوعاً من التفاهم، وتطور الأمر إلى ثقة بيننا، ونحن فى فريق المحامين عنهم ليست لنا أي علاقة بأي نشاط إسلامي أو ديني وربما أننا كنا نصف من البعض بأننا من العلمانيين ومعي الأخ والصديق المحامي كدودة وهو محسوب على اليسار، والأستاذ وجدي صالح وهو بعثي معروف وأنا ليس لديّ أي انتماء لأي جهة سياسية، وتطور الأمر بيننا كما قلت وكسبنا ثقتهم حتى إننا نتبادل النكات، واذكر أنني حدثت محمد مكاوي وهو في عمر ابني وكنت أقول له لماذا اخترت أن تكون هنا وأنت شاب وسيم بدلاً أن تكون على شارع النيل، وكان يسخر مني ويقول هذا اهتمام الآخرين أما نحن فلنا اهتمامات أكبر، وهكذا كنا نجدهم في حديثهم معنا صادقين جادين وهم توصلوا إلى قناعة بأننا مهنيون ونمارس مهنتنا في الدفاع عنهم ليس إلا. هل توقعت يوماً أنهم سوف يهربون من السجن، وهل عرضت عليهم تسوية من قبل ذوي الدم؟ - هؤلاء الشباب عندما اتجهنا في ملفات القضية شعرنا أنها سوف تثبت عليهم وسوف تتم إدانتهم، فقمت وطرحت عليهم فكرة وهي أننا لدينا فرصة بالاتصال بوالدة المجني عليه غرانفيل لأنني كنت أحسب أنها انطلاقاً من ديانتها المسيحية لا تؤمن بعقوبة الإعدام، وعليه سوف نقوم بالاتصال بها، وقمت بإرسال رسالة عبر منظمة المعونة الأمريكية إلى والدة غرانفيل وبعد فترة تلقيت الرد بأن أتحدث إلى محاميها إذا كان لديّ أي طرح بخصوص القضية، وفعلاً أرسلت إليه بهذا الخصوص ووصلني الرد وكان رداً معقولاً وجيداً وهو أن والدة غرانفيل قالت إنها ليس لديها مانع من أن تتنازل عن القصاص وهي لا تؤمن بالإعدام ولكن هنالك مشكلة أن القانون السوداني لا يشتمل على عقوبة السجن المؤبد وأن التنازل عن هؤلاء الشباب سوف يجعلهم في حرية وهنالك خطر في أن يكرروا ما فعلوه مع آخرين ولكن رغم هذا هي مستعدة للتنازل تحت شروط وهي خمسة شروط حددتها في أن يعتذر هؤلاء الشباب للشعب الأمريكي الذي هو ابنها والذي جاء مشاركاً في اتفاقيات السلام وأنشطة السلام، ثانياً أن يعتذروا للشعب السوداني لمقتل أحد أبنائه وهو السائق المرحوم عبد الرحمن عباس وكذلك أحد ضيوف البلاد وهو ابنها غرانفيل الذي هو في ضيافة السودان، ثالثاً: أن يقولوا إن هذا القتل تم نتيجة فهم خاطيء لمباديء وتعاليم الإسلام، وذكرت الآية التي تقول «من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً...»، وأشارت إلى أنها تقرأ في المحاكم الإسلامية، وأن يتعهدوا بأنهم لن يقوموا بقتل إنسان آخر بمثل هذه الظروف، وحملت إليهم هذه الشروط ورغم أن القضية واضحة لكنهم رفضوا قبول الشروط بالاعتذار وحملت هذا الرأي لأسرهم، فقالوا لأسرهم أيضاً إنهم لن يعتذروا وهذا الرفض أدى إلى اختلاف بيني وبينهم وتركت القضية حينما أصروا على رفضهم انسحبت من القضية قبل الحكم، لأنني قلت بوضوح أن لا أمل والأمل الوحيد لكم قد رفضتموه فعن ماذا أدافع، رغم أننا اتصلنا على والد السوداني المرحوم عبدالرحمن عباس فوافق على التنازل ولو أنهم وافقوا على الاعتذار لانتهت القضية إلى سجن بعدة سنوات، ولكنهم رفضوا وقالوا «نحن قتلناه ولو قام تاني بنقتلوا»، وهم مقتنعون بما فعلوه تماماً، وبعد ذلك صدر الحكم ورجعت إلى أسرهم لمواصلة الاستئناف ولكنه في تللك الفترة هربوا وبعد أن تم القبض على عبد الرؤوف حصرنا الاستئناف على عبد الرؤوف وهو بالمناسبة لديه دفوعات قوية في حقه، فموقفه يختلف عن هؤلاء الشباب تماماً ونحن لا نعتمد، بل نثق أنه لو طبق القانون على وجهه الصحيح وبطريقة سليمة وهذا ما نثق فيه، في المحكمة العليا فإن الحكم على عبد الرؤوف سوف يلغى من القتل إلى السجن... مقاطعاً: هل هنالك قرائن وأدلة تفيد بذلك؟ - نعم عبد الرؤوف كان نائماً لحظة تنفيذ العملية بقتل غرانفيل وصحا على صوت إطلاق الرصاص وهو معهم في السيارة وهنالك قرائن ودلائل وكلام القانون يبتديء بالأحاديث النبوية، حيث قال صلى الله عليه وسلم: «رفع القلم عن ثلاث.. النائم حتى يصحو والصبي حتى يحتلم والمجنون حتى يفيق»، ولحظة تنفيذ الجريمة عبد الرؤوف حقيقة كان في السيارة ولكن كما ورد في القضية الادعاء ولكنه قد نام قبل نصف ساعة من الحادثة ولم يصحُ إلا بعد إطلاق النار وهذا حسب حيثيات الادعاء والشرطة والتحري، وإذا استصحبنا هذا في لحظة كان القلم مرفوعاً عليه أي لا جرم عليه، وحتى في القانون الإنجليزي والقانون الأمريكي نجد في هذه الحالة أنه لا يعتبر قائماً بهذا الفعل، وهذه الحالة في القانون الإنجليزي تسمى «اتومتيزم» وهي حالة من حالات الدفوع اللازمة. المجموعة الأخيرة التي تم القبض عليها في الدندر، هل اتصل بك أهلوهم للدفاع عنهم؟ - لا لم يتصل بنا أحد، واعتقد أن هذه القضية في مراحلها الأولية ولم يتمخض عنها بلاغ أمام النيابة والشرطة، فهي قضية مع الجهات الأمنية لا دخل لنا بها ولكن في المحاماة نحن ملزمون كمبدأ عام بالدفاع عن الناس. ماذا عن البيان الأخير الذي ورد في شريط الفيديو والإشارات التي حملها؟ - قبل ذكر الحديث عن البيان أود أن أقول إن الشريط به حاجة مهمة وهي أن الكثير من الناس كان لا يصدق أن المهندس مهند عثمان يوسف قد توفي ويعتقدون أن ذلك تمويه لإيقاف الملاحقة له دولياً من الأجهزة الأمريكية والمحلية لكن بهذا الشريط ازدادت قناعتي بأنه توفي لأنه ظهر بشكله الذي رأيناه فيه أيام الدفاع عنهم وكذلك ذكره إخوته بالمرحوم خلال نهاية الشريط وعدم ظهوره معهم ولم تكن هنالك مشكلة في أن يظهر معهم لو كان حياً يرزق خاصة أنهم الآن في مأمن، وكذلك قصة البيان الذي حوى إشارات واضحة ومحذرة للحكومة والمؤتمر الوطني ويجب قراءته بتأمل شديد وخاصة من الجهات السياسية والأمنية ووضع التساؤلات: هل ما ورد في طياته يعتبر مرحلة جديدة للمواجهة مع الحكومة خاصة وأن البيان يكيل الاتهام للحكومة بقولهم كاميرا الأعداء ويصفها بالمضللة وهل يا ترى هذا الشريط هو انتقال من مرحلة عدم عداء بين هؤلاء الإسلاميين من الشباب والإسلاميين في المؤتمر الوطني وخاصة بعد القبض على الخلية في الدندر وتوقيت بث هذا الشريط، كلها أسئلة مهمة من خلال قراءتي للشريط وتحليله فهو يحمل نذر مواجهة وهل هو يرقى لمرحلة التهديد، واعتقد أن الإشارة إلى الجزء الثاني إن صدر وتم بثه . أتوقع أن يكون هنالك المزيد من التفاصيل حول مرحلة الصلح والمفاوضات ورفضهم للاعتذار، لأن هذا جاء واضحاً خلال الشريط ونشيدهم الذي قالوا فيه إن الاعتذار مذلة، لذلك أتوقع أن يتحدثوا عن رفضهم لطلب الاعتذار وربما لما لديهم من أفكار في المرحلة المقبلة وأيضاً أنهم يبعثون برسالة أنهم موجودون على الأرض.