ابن أخي.. كمال.. كنت في زمان قريب في حالة من الإندهاش.. نسجت في خيالي مقاطع من الشعر.. جاءت على هذا النسق.. غابت معاني الريد.. والعيد صبح ماعيد.. الناس غشاها جديد.. وحدين نسو الإخوان وحدين في وسط الشوق حصدو السراب أحزان.. جف السلام في الإيد.. ضاع السؤال بينا قلَّ البعز.. لخال.. والعم مكانو بعيد.. الدنيا مقلوبة في صوره مهزوزة.. لو أنت سيد للمال تصبح وجيه إنسان يدوك أرفع شان عمده ومعاها «عميد» آأخ من زمان الفات كان الأصول تشريف، كان الولف تعريف، باقي الخصال جملة.. بتكون معاك رصيد... أقول إليك قد سطوت على خيالي، وعدلت مداخلي بوله أقرب إلى التسابق في الوصف، وأصبحت مستغرقاً في خاطري بمدافئ الإشادة.. وجعلتني أتذوق مرارات الحياة بأنها (وقفة) استجمع فيها حب الأوفياء والقادمين من خلف بستان المعزة بتنازل مكتمل في كل نصوصه العاطفية التي أجيزت في زمان البساطة والإنبساط دون انفلات يعكر صفو القلوب العامرة.. ابني كمال الرشيد.. حينما تمطر سماء الإنسانية يجول في خاطري محياك واستجمع ملهمات العرفان من مقاطع وجهك المبرأ من الأحقاد، والمزين بذاك البريق الأخاذ، وحينها اتخذت من خصالك رشفات الماضي ونحن صغار نجول وتتجول بين (كبارنا) نجمع الحصا لنلعب مساءاً تحت ضوء القمر المكتمل في رحابات تجملت بصفاء أهلنا الطيبين.. الباسمون والراضون بواقعهم.. فنلعب شليل وينو.. وكم في الخط.. (سكج مكج)، وكرة الشراب حين كنا نبحث عن شراب بالٍ ونعاني في الحصول عليه لندرته وقلته... وتلك خواطر رأيتها فيك لأنك جزءاً من نقائيات لزمن جميل، لزمن جميل خالٍ من التعقيد وهمس المدن الحديثة التي تنام على وسادات الإشفاق وتصحو على هم الماديات بنماذجها المتعددة.. فكلما رأيتك أنشق صدري بالإعجاب، وعاد بي شريط الأصالة في زمان تعلقت روائعه في حائط الماضي، الذي كان مبتسماً على الدوام منذ بزوغ الفجر وحين المغيب، كل الأحوال تبدو جالسة على منتجع السعادة المطلقة، لا يشكون الضنك ولا يضربون دواخلهم بهموم الدنيا الزائلة، إحساسهم بالآلام والأمراض يغدو سريعاً وكم من حمى تزورنا ليلاً فتصب أمهاتنا علينا زيت السمسم المخلوط بالشاي الفلت وقليلاً من الملح والقرض، وكنت أسمع من الوالدة بأنها (الجامعة) فيطل علينا الصباح ونحن أكثره عافية ونشاطاً لنذهب لمدارسنا وعبق الجامعة ينفذ بدون إكراه.. أقول إليك فصول الإرث القديم تتجسد في عيونكم، لأنك أخذت فيها قدراً كبير، فدائماً ما تبحث في دواخلنا باشفاق صادق، تحمل هم الآخرين دون أن يحس بك من هم حولك.. لأنك تتوق للسعادة الشاملة كما كان السابقون، فحفظت جوهر التواصل وشكلت حضوراً قل ما يجود عليه هذا الزمان المتغلب في خصائصه الإنسانية المنسابة على أشرعة الإيقاع السريع بين أمواج قد تدلفك على شواطئ الحرمان. سطرتك في هذا المقال الجديد ليقرأ من هم في شاكلتك ليكونوا نواة تتسع رقعتها في وسط الجيل التائه بين الماضي والحاضر والمستقبل.. علنا نعود رويداً رويداً إلى ماضي الذكريات باختلاف المعايير والمقاييس في أوجه الحياة عمراناً وعولمة وتقانة فرضت وجودها.. ولكن الأعراف لابد أن تواصل رونقها لتخرجنا في إضاءات التقليدية السمحة. أقول مثلك يضع الإطمئنان أن يأخذ مكانه في مناقع الضمير ويلفظ تماماً مفحمات الأقحام السوداء التي تأتي بلا إذن أو خاطر.. وتطرق أبواب القلوب الهائمة في مسرح الحياة الحديثة.. حيث المطالب بمواقف رافضة تماماً لماضي المعاملات الإنسانية بيننا ليظل كابوس الاختناق يدور في محورنا بين زفرات وشهقات أهلنا.. فتأتي أنت مبدداً باشراقاتك ندءات الوجل والتحسب والانشغال بهموم الدنيا. أقول مثلك مدخل إلى علم النفس.. بشذب منافذ الإنقسام ما بين أرق منتظر وسهر مشفق يصيب حدق العيون بالأعياء والترهل، ويضع خطاً رفيعاً أسود باشارات توحي بالإنهزام. أقول مثلك مسرح للانفتاح الإنساني والأخلاقي يقدم عملاً جاذباً على خشبة مسرح الحياة لتكون الأدوار مجتمعة تناهض الخنوع لأمور الدنيا، وتجعل الابتسامة نصاً يهزم مؤلمات الزمن الحاضر.. فلربما يقرأ الحاضرون عذوبة الماضي وتلك القلوب التي تعترف بالوفاء والمحبة والإخلاص، ومثلك شيء جميل في وقت يبحث عن الجمال الأصيل. عضو إتحاد الصحفيين السودانيين