بمجرد أن صرح الرئيس البشير بعدم نيته في الترشح لفترة رئاسية قادمة ضاقت الأرض بمارحبت وجلس الناس يتحدثون ويرشحون (في الفضاء الطلق) وتعشم البعض وزهد مثلهم وتفرق الناس بين متفائل ومتشائم وآخرين يقولون (ليس هنالك حل ونحن في أزمة جاثمة ستحول البلاد الى اللا شيء بعد ذهاب البشير)..! نعم أن البشير يلعب الدور الأكبر في قيادة ركبا سفينة الإنقاذ منذ العام 1989 وحتى هذا التاريخ وصبر عليه الشعب عامة والصفوة خاصة وواجه تحديات عملاقة أبرزها وجوهرها كيفية المحافظة على مكانته الوجدانية في نفوس هؤلاء ولفترة طويلة إمتدت ل23 عاما ويضاف إليها عام آخر..! وهذه الفترة جديرة بأن تكسب أي شخص أصدقاء وبالمقابل أعداء ولكن البشير كسب الأوائل ولم ينجح في كسب الآخرين (الأعداء) حتى من التنظيمات المعارضة بل والجماعات المسلحة التي تقاتل وتستعين بالخارج..! إلا وأنها لم تكن العداء للرئيس البشير بقدر ما هي تحترمه وتلتمس فيه الوطنية والسودانوية المحضة..! وفي تقديري أن الحديث سيكون مقبولا وموضوعيا إذا ماكان عن الخليفة الجديد , ولم تكن الخلافة بالأمر الساهل لما لها من تعقيدات معروفة تتمثل في كيفية قبول الناس بهذا الخليفة ووزنه عندهم , وكان الرسول صل الله عليه وسلم قد أعد سيدنا أبوبكر (رضي الله عنه) قبل وفاته إعدادا غليظا حتى لايختلف الصحابة عليهم الرضوان عليه وبالفعل كان نعم الإعداد الذي لايقيل الجرح لما له من أسبقية في كل شيء وشهد بذلك كبار الصحابة ومنهم سيدنا عمر رضي الله عنه فقبلوا به وساندوه في ساعة العسر حتى فارق الحياة وجيء من بعده بخليفة جديد للمسلمين ولا أريد أن أغوص في ذلك وأردت الإستشهاد والتذكرة..! وإذا كنا نتحدث عن حكم اسلامي أو عقيدة اسلامية فهذا هو المنهج الذي ينبغي أن نستعين به والواقع يقول أن الرئيس البشير قطع بعدم ترشحه (البتة) لفترة رئاسية جديدة وهو أمر طبيعي ينبغي أن نقبل به واقعا فإن لم يكن في الدورة القادمة فقطعا سيكون في التي تليها أو التي بعدها وهذا يحتم على الوطن والوطني إختيار زعيم جديد يترأس البلاد ويقود زورق سفينتها نحو الإبحار الى فضاء السلام والاستقرار..! في وقت تواجه فيه البلاد تحديات عظيمة في أمنها واقتصادها ووحدتها وعقيدتها وعليه فإن الوضع لا يحتمل المفاجآت بل يحتاج الى قرار مبكر من قبل الحزب حتى لا تكون هنالك نتائج سلبية وحتى لا نصطدم بحائط الوقت القاتل..! لذا أعتقد أنه حان الوقت لأن يتحدث المؤتمر الوطني عن خليفة للبشير أو يقنع هذا الرئيس ويصبح القرار للمؤسسة وينقطع دابر التكهنات والتوقعات والترشيحات والتي تخلف مسرحا جيدا للأجندات الخارجية والداخلية وبالطبع ستؤثر على الوضع الداخلي للمؤتمر الوطني فإن لم تحدث هزة كبرى فستحدث تبعثرا للأوراق الداخلية للحزب وهو في غنى عن ذلك..! ما نقصده أن يتحرك الحزب وقادته في التبشير بزعيم جديد يطرح بكل قوة من قبل أغلبية ساحقة وبعد تمحيص وتروي أو يتمكن هؤلاء من إقناع البشير كما أشرت في مقدمة حديثي , ولكن أن لا يتم حسم الأمران فذاك أمر مرفوض ومدخل لكثير من الأشياء كما ذكرت ..! كثيرون في هذا الحزب يصلحون رؤساء وقادة وهم أصحاب قدرات فذة تؤهلهم لذلك وأكبر تحد يواجه هؤلاء هو تحدي القبول الصفوي من الذين يزعمون أنهم أصحاب جماهير و(ربما كان لهم ذلك) وبالنظر الى تجربة الانتخابات الفائتة نلاحظ العديد من الإشكالات قد حدثت جراء عدم التروي والتأني ونتيجة لضغوطات الزمن القاسي مما أحدث اشكالات عدة وما يزال المؤتمر الوطني يدفع فواتير العديد من الولاة من الذين هزموا مشروعه وخيبوا طموحات جماهيره في الولايات ولنا في شمال كردفان أسوة ..! وحتى لا تتكرر التجربة فعلى أجهزة الحزب وأروقته أن تتحرك مليا في إيجاد خليفة للبشير أو أن يصبح هذا الأخير رئيسا ومرشحا للبلاد بأمر من مؤسسات وهياكل وجماهير حزبه.. والله ولي التوفيق..