قلت لصديقي في الجزء الأعلى من المدينة «موقعاً» ووظيفة، و«نكتوتاً» هل قرأت مقال «علي أتبرا» في صحيفة «آخر لحظة» أمس «أقلهم أخي الرئيس وسترى عجباً»! في مجالسنا كان البعض يقول له «يا أخي قول النصيحة لجماعتك ديل».. يضحك صديقنا ويقول «الريس» بتاعنا يكفينا شر هذه المهمة العسيرة فهو دائم النصح لإخوانه!!.. نضحك وشر البلية ما يضحك.. فريس صاحبنا هو واحد من أخوانه!!.. أو قل هو كبير أخوانه «ذاتو»!!.. وجزء من الجماعة!!.. نضحك على هذه التبادلية التشاورية!! صديقنا قال في إحدى المرات انتقل فرع من مؤسستنا إلى مبانٍ جديدة وفاخرة.. ذهبنا لحضور مراسم الاحتفال!!.. في الصيوان الفخم المعد كان كل شيء يمضي على ما يرام «المايكرفون» والحشود و«البلح» و«الفشار» الذي حل مؤخراً بديلاً عن الفول السوداني.. و«الحاشية» وكبار الموظفين والمراوح الكبيرة التي يسمونها «الهيل» تجلب إلينا هواء بارداً إضافياً.. فجأة والحديث لصديقنا قلت بصوت عالٍ للريس المبنى ده عندو مشكلة «Parking».. حدجتني الحاشية بنظرات قاتلة كصواريخ كروز منطلقة من على ظهر بارجة في عرض المحيط!!.. أما الريس فقد كانت الأشعة فوق الحمراء والبنفسجية هي سيدة الموقف في نظرته الصامتة نحوي!! بعد انتهاء الاحتفال سألني أحد أفراد الحاشية!!.. ما الذي جرى لعقلك «أنت أهبل واللا شنو؟!».. أنت «جاهل» زي ما قال مأمون حميدة للصحفيين واللا «صغير» في الدنيا دي!!.. قال صديقي: يا جماعة كلامي دا في إطار النصيحة!!.. قالوا لي بصوت واحد!! يا أخي «بركن» عربيتك في بيتكم.. وتعال بالمواصلات المشكلة شنو؟! قلت للصديق وماذا بعد ذلك.. قال من «ديك وعيك» فلا «نصيحة» مع «الوظيفة».. نحن ما صدقنا رطبنا نرجع تاني لأيام زمان!! الأيام دي الريس مبسوط مني!! قلت له علي أتبرا وضع النقاط فوق الحروف وهو ينادي بالمحاسبة وإقالة الوزراء.. ووصفهم توصيفاً دقيقاً فهم وظفوا المناصب للمصالح الذاتية وقتلوا المشروع وخانوا العهد وهم «يكسرون الثلج» ويكسرون الوطن ويدمرون شرف المواطنة. علي أتبرا ليس كصديقي الذي يتمرغ في تراب الميري ويخشى مفارقة «الطرطيبة».. ولكنها أمانة النصيحة والخوف الأكبر من تفكيك الوطن لدويلات.. فما فائدة الوظيفة والطرطيبة إن فقدنا وطناً بفعل المحسوبية والفساد و«التمسحة» وادعاء احتكار الحق والحقيقة والدين! علي أتبرا ليس كصديقي فهو قد ذهب هناك إلى أم روابة وتجول بين آهات النازحين والمكسورين ورأى بأم عينه حجم الضربة الكبرى التي يوجهها الأعداء إلى معنويات هذا المواطن الصالح.. هي الحديث عن الفساد.. فساد بعض القيادات. القصة يا صديقي أكبر من الإقالة وذهاب هذا وذاك.. الفساد ليس هو فساد المال.. هذا هين ومقدور عليه.. الفساد الأكبر هو فساد «الفكرة». لقد اتضح كم هي فاسدة فكرة أن تحكم مجموعة بعينها الناس!! وتدعي أنها «المأمورة» ولا أحد سواها يشاركها هذه «الإمارة» أو «الوزارة» أو حتى «الحمارة»!!