في استشهاد زميلنا المغفور له بإذن الله عبد اللطيف الحسن عبد السلام، قصة.. فقد انضم إلى كتائب المجاهدين ساعة النفرة.. بل تقدم نحو الصفوف الأمامية، ليؤكد أن قيمة الإسلام عالية، وقيمة العقيدة تستوجب التضحية، وقيمة الوطن تعلو فوق الجراحات.. لذلك تقدم، لم يترك قلمه وراءه بعد أن حمل السلاح، فهو الشهيد ذو السلاحين، القلم والمدفع. غادر شندي وكل ولاية نهر النيل تاركاً وراءه أسرته الصغيرة، وكان يتواصل مع زملائه في «آخر لحظة» حتى قبل ارتقائه درج المجد والخلود بيوم واحد، وتحدث ليلة استشهاده مع زميلنا عبد الجليل صالح، كان يضحك مطمئناً أن النصر آتٍ، لأنه من عند الله، ويشهد له الجميع بعمق الإيمان وتأصل الخير داخل نفسه، قال لعبد الجليل: (يا زول نحنا تمام، لكن قدر الله إن وقع، أبقوا عشرة على أولادي)، وضحك ضحكته الأخيرة وانتقل فجر اليوم التالي إلى الفراديس العُلى. غادر زميلنا الأستاذ عبد العظيم صالح إلى شندي للعزاء، وتلقى العزاء في فقيد «آخر لحظة» ومراسلها الهمام الشهيد عبد اللطيف الحسن، الذي كان وسوف يظل رمزاً للبسالة والرجولة والشجاعة، ومن داخل الخيمة مدّ هاتفه لبعض من كانوا حوله، فحادثوني والعبرات تخنق أصواتهم، تّحدث إليّ ممثل جمعية المكفوفين في مدينة شندي، كان يبكي وهو يقول إن فكرة الجمعية جاءت بمبادرة من الشهيد العظيم، ثم تحدث إليّ غيره من قيادات بعض منظمات المجتمع المدني، وأعلموني كيف كان مؤثراً وفاعلاً وسط أهله هناك. وحال أن أغلقت هاتفي اتصل عليّ الدكتور عبد الناصر سُلَم مدير مركز حقوق الإنسان في الاتحاد الأوربي، ونائب مدير الدراسات في (فوكس) معزياً مواسياً.. ثم جاءني أكثر من إتصال للتعزية، لاتلقى بعد ذلك هاتفين من القصر الجمهوري، ثم المؤتمر الوطني يؤكدان على أن الدكتور الحاج آدم يوسف في طريقه ل(آخر لحظة) لمواساة منسوبيها في فقدهم لزميلهم ومراسل الصحيفة الشهيد عبد اللطيف الحسن عبد السلام.. وعند الرابعة والنصف كان السيد نائب رئيس الجمهورية بيننا، جلس إلينا معزياً ومواسياً، وداعياً بخير الدعاء لروح الفقيد الشهيد. لم يكن السيد نائب رئيس الجمهورية وحده، فقد صحبه نفر كريم من بينهم الأستاذ ياسر يوسف أمين الإعلام بالمؤتمر الوطني، ولم أكن وحدي في استقبالهم، بل أركان الصحيفة بكل ألوان طيفهم السياسي والتحريري، وقد أجمع كل من كان بيننا أن الوطن فوق الولاءات الضيّقة، وحتى الذين لم يخفوا معارضتهم لنظام الحكم قالوا بذلك.. راجع خبر الزيارة.