كان صعود ضيفنا في هذا الحوار إلى منصب الأمين العام لحزب الأمة القيادة الجماعية بمثابة المفاجأة، خاصة وأن الأمانة ظلت- وبحسب توقعات داخل وخارج الحزب- وستظل تحت قبضة د. الأمين عبد القادر.. ولكن تولي الهادي الدويحي رئاسة الأمانة والإطاحة بالأمين السابق، الذي تم ترفيعه إلى منصب نائب رئيس الحزب، هناك من يرى أن الإجماع داخل المؤتمر العام على الدويحي هو من قدم القيادي الشاب.. وهناك من يرى أنه «رجل» ضعيف قدمته مجموعة لتمرير الأجندة عبره.. والرأي الثالث يقول إن الذين قدموه يرون فيه الخلاص من القبضة الحديدية الديكتاتورية للأمين العام السابق.. ولكن الرجل أدار معنا الحديث بهدوء وليس «بروداً»، وقدم مرافعته القوية وإجاباته الخالية من الدبلوماسية السياسية بالحوار، وأدار معنا نقاشاً ساخناً حول عدة قضايا للحزب فإلى مضابطه: يقال إنك توليت رئاسة الأمانة العامة بسبب ضغوط مارستها المجموعة التي قدمتك وبشق عصا الطاعة داخل المؤتمر العام ما تعليقك؟ - وصلت لمنصب الأمين العام لحزب الأمة القيادة الجماعية بالتدرج الطبيعي، وليس هناك ما يمنع، فقد كنت أميناً لشؤون الولايات، وقد وصلت للمنصب باجماع والتفاف وتقديم من قيادات للحزب واذا قلت إنني حصلت على 90% من الأصوات فإن ذلك «تواضعاً مني» وصراحة أنا لم أرشح نفسي ولكن رشحني الآخرون وقد امتلأت القاعة بالتصفيق عند انتخابي. تم الاتفاق معك على منصب نائب الأمين العام لتفاجيء المؤتمر العام بترشيحك لرئاسة الأمانة.. لماذا؟ - لا.. لن أقبل «أبداً.. أبداً» «حكاية» نائب أمين عام هذه، رغم أنني أسعد جداً أن أكون نائباً لدكتور الأمين عبد القادر وقد عملت معه من قبل ولم اتحرج في ذلك، بل كان بيننا تفاهم وتقدير، وأختلف معه بأدب لأنها ديمقراطية، ولذلك تحفظت في الرد على اقتراح «نائب للأمين العام» وتركت الأمر للمؤتمر العام الذي أتى بي، ولن أخفي «عنك»أننا تناقشنا من قبل مع الأخ د. الأمين عبد القادر وقال لي: أنا سأكون أميناً عاماً، وأنت نائب لي، ولكن الرأي لم يعد رأي الدويحي بل هو رأي الذين رشحوه ووضعوا ثقتهم به. يقال إن الذين رشحوك للمنصب يرون فيك شخصاً ضعيفاً يمكن أن تمرر أجندتهم عبرك ما تعليقك؟! - أولاً أنا لارتهن لأية جهة كانت أو شخص مهما كان، ولن أسمح بمرور أي أجندة من خلال الأمانة العامة، ولن تتدخل في مهام رئاستي العواطف الشخصية، وقربي من أي شخص، وأنا شخصياً لي قدراتي و أسلوبي في إدارة الأمانة العامة، ولا يمكن أن أسمح لأي جهة أن تتدخل في قرارات وعمل الأمانة. إذن لماذا الالتفاف والاجماع على شخصك برأيك؟ - الأصوات التي التفت حولي، والذين اتفقوا على الهادي الدويحي، لأنني من الأصوات التي تنادي بالديمقراطية في العمل داخل الحزب والتغيير، وأن لا تكون المناصب حكراً على أشخاص بأعينهم، وأن تتاح الفرص للقيادات والكوادر، وكذلك الوجوه الشابة، وبالتالي فإن هذه الأشياء التي أنادي بها تلبي أشواق الآخرين. كنتم على وشك الانسلاخ ودخول حزب أمة آخر هذا يدل على تنسيق مسبق؟ - هذا الحديث غير صحيح لأنه لا يوجد تنسيق بيننا وأي حزب آخر من أحزاب الأمة، ثم كيف يتم تنسيق بعد انتخاب الأمين العام. قلت إن قيادات الأحزاب الأخرى كانت فرحة بانتخابك كيف تفسر هذه الفرحة؟! - ذلك لأنني اتمتع بعلاقات جيدة مع معظم أحزاب الأمة، وهو أمر طبيعي خرجنا من رحم الإصلاح والتجديد، لذلك هي كانت فرحة، وهذا قبول من الله تعالى وهبني إياه من معظم قيادات أحزاب الأمة في الداخل والخارج. صراعكم سببه نصيب الحزب من كراسي المؤتمر الوطني الوزارية ما تعليقك؟ - حزب الأمة القيادة الجماعية حزب راشد جداً، وعندما أتحدث عن المناصب الدستورية أجتمع المكتب القيادي للحزب، وقد شاركنا بأقل عدد من الدستوريين، وكذلك لأن المشاركة في حكومة القاعدة العريضة مبنية على برنامج سياسي وفقاً للقضايا الوطنية، واتفق «معكِ» أن هذه المناصب الدستورية قد نوقشت داخل الحزب واحتكارها أيضاً، وأن يتقلد شخص واحد الوزارة لمدة خمس سنوات كممثل للحزب.. لابد أن يكون هناك تبادل في الأدوار، إضافة إلى أن الحزب الذي يظل يقدم وجوهاً متكررة يحظى بنظرة الحزب الذي لا يملك «غير هؤلاء»، وهذا الأمر لا ينطبق على حزبنا المليء بالكوادر والقيادات المؤهلة، التي لم تجد الفرصة للتقدم. ولماذا الصمت ما دمتم حزباً يؤمن بالديمقراطية ولم تنادوا بتبادل الأدوار؟ - هذا الوضع ظل في وجود متمسكين متنفذين، ولذلك فإن ما حدث في المؤتمر العام في إطار السعي لتبادل الأدوار بطريقة ديمقراطية داخل الحزب، وقد ظللنا طوال الفترة السابقة نبدل «أحمد بحاج أحمد». المجموعة التي كانت على وشك تقديم مذكرة داخل المؤتمر بشأن الشراكة حجتها أن تمثيل الحزب بالحكومة ضعيف.. ما تعليقك؟ - أنا لا أقول إن تمثيلنا بحكومة القاعدة العريضة ضعيف، ولن أصفه بالضعف، ولكن يمكن أن نقول إنه قليل لأن الممثلين لحزبنا بالحكومة يقومون بأدوار قوية وفاعلة ويشكلون حضوراً سياسياً عالياً. ترشيح الأمين عبد القادر لمنصب نائب رئيس الحزب للشؤون التنفيذية يجعل الأمانة مرة أخرى تحت قبضته؟ - بتاريخ «1/6/2013م» ما عاد للأخ الذي احترمه جداً الأمين عبد القادر صولة أو جولة أو قبضة على الأمانة العامة، لأن النظام الأساسي للحزب لا يسمح لشخص أن يتدخل في شؤون عمل الأمانة العامة، وسأدافع عن هيبة الأمانة وقدسيتها ولا يوجد نائب رئيس يتدخل في عمل الأمانة العامة، ثم أن الأمين العام صعد بانتخاب ونائب الرئيس تم تعيينه وفقاً للائحة الحزب، لذا فإنه لا يمكن ولا توجد سلطة أخرى تتدخل في عملنا في الأمانة، فقط نتلقى التعليمات والإشراف من رئيس الحزب المنتخب. من خلال حديثك وتقديمك لمنصب الأمين العام.. بداخل حزبكم تيارات الآن؟! - لا.. أبداً لا يوجد بحزب الأمة القيادة الجماعية سوى التيار الذي أتى في المؤتمر العام ب«د. الصادق الهادي» رئيساً للحزب، وبالهادي الدويحي أميناً عاماً للحزب بالإجماع من كل عضوية وقيادات الحزب بولايات السودان بما فيها الخرطوم، والإجماع على الدويحي يعني تياراً قوياً، وأصوات قليلة جداً كانت مناوئة للهادي الدويحي، ولذلك- وفي تقديري- إن كان هناك اجماع فإنه يسحق فكرة التيار الآخر. أطلقتم مبادرة للوحدة وجلستم إلى حزب الأمة القومي إلى أين وصلت اللجان؟ - كانت لنا جولة واحدة مع حزب الأمة القومي، شكلنا مجموعة من اللجان مع كل أحزاب الأمة، ولكن المبادرات لم تتواصل مع حزب الأمة القومي وغيره، لكن الحزب أطلق مبادراته من خلال خطاب الأخ رئيس الحزب د. الصادق الهادي للمؤتمر العام.. حيث أكد أن الحزب سيسعى للوحدة مع أحزاب الأمة المشاركة في الحكومة وحزب الأمة القومي المعارض. إذا حدثت الوحدة مع الأمة القومي وتساوت الرؤوس بين الصادقين الهادي والمهدي سنعيدكم الرئاسة لذات المربع؟! - أنا على ثقة بأن د. الصادق الهادي والذي تنازل من قبل عن الرئاسة لحزب الأمة الفدرالي سيتنازل مرة أخرى إن كانت الرئاسة هي العقبة. إذاً أنتم تقبلون برئاسة الصادق المهدي؟ - نحن نحترم الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي، ونحن تلاميذه وأبناؤه ومازلنا ننهل من علمه في كل المجالات، ولكن إذا كان سينادي بحزب «سودان واحد» اختلف معه «بأدب» لأن الديمقراطية تعني التعددية، والتعدد هو الديمقراطية. حزبكم متهم بأنه حزب يبحث عن «كراسي» المؤتمر الوطني؟ - دخلنا مع المؤتمر الوطني في الشراكة، وقررنا أن نواصل لأجل السلام والتنمية والتحول الديمقراطي، ففعلاً نحن المجموعة الوحيدة بقيادة د. الصادق الهادي الذين قررنا أن نواصل الشراكة لأجل القضايا الوطنية- السلام والتنمية- وقد بقينا إلى أن تحقق ذلك، ولكننا لم نمض إلى المؤتمر الوطني من أجل الوظائف و«الكراسي». ما هي خططك وبرامجك القادمة داخل الأمانة العامة؟ - أولاً من ضمن أولوياتي سأزور الأخ الأمين العام للحركة الإسلامية الزبير محمد الحسن، في إطار تعزيز الشراكة بيننا والحركة الإسلامية، وهي علاقات تاريخية قديمة منذ استشهاد محمد صالح عمر بالجزيرة «أبا»، ولذلك سأسعى لتجديد هذه العلاقة القوية بين الأنصار والحركة الإسلامية، إضافة إلى أنني سأزور واتصل بكل أمناء الأمانات العامة بالأحزاب.. أما بالنسبة للأمانة العامة داخل حزب الأمة القيادة الجماعية، فأولى أولوياتي تقديم القيادات الشابة للمناصب العليا بالحزب، إضافة إلى أننا سنهتم بأن تنتقل أنشطة الحزب للمحليات والولايات، وأن لا تتمركز بالمركز العام كما هو الحال في السابق. الهادي الدويحي هناك من يرى أنكم بلا مؤهلات وخبرة سياسية توصلكم لرئاسة أمانة حزب.. ما ردك؟ - أنا منظم بحزب الأمة منذ 1975م وقتها كنت طالباً بالمرحلة الثانوية، وتدرجت حتى وصلت إلى سكرتير شباب حزب الأمة في النيل الأبيض تحت اشراف حامد محمد حامد الدويحي.. وبعدها أصبحت رئيساً لحزب الأمة بصنعاء، ثم رئيساً لحزب الأمة الإصلاح والتجديد بصنعاء، وأميناً لشؤون الولايات بحزب الأمة القيادة الجماعية، كل هذه المواقع اكسبتني الخبرة السياسية التي تؤهلني لقيادة الأمانة العامة الآن.