ولاية جنوب كردفان ولاية أرهقتها الحرب لمدة سنتين منذ أن تفجرت، ولكنها صمدت في وجه جيش الحركة الشعبية وما يسمى بقوات الجبهة الثورية التي ظلت تستهدف مدينة كادقلي بقذائفها العشوايئة ورغم كل هذه الظروف المعقدة أمنياً أقامت الولاية تنظيم بطولة شرق وسط أفريقيا المعروفة بسيكافا، وتوافدت الفرق إليها للمشاركة، بينما كانت وسائل الإعلام حضوراً للتغطية، وقدم مولانا أحمد هارون إجابات عديدة على التساؤلات التي صاحبت تنظيم هذه البطولة في ظل هذه الظروف، مشيراً إلى كافة التداعيات التي جعلت من حكومة الولاية تنتصر لإرادة مواطني الولاية الذين رفعوا شعار «الدانة ولا المهانة.. والصاروخ ولا النزوح» تمسكاً بولايتهم وأرضهم ضد خطاب السلبية والعداون من الحركة الشعبية. ü حدثنا عن استعداد الولاية لهذه البطولة وماهو دور الاتحاد الأفريقي لكرة القدم في إقامتها بكادقلي والفاشر، وماهي الرسائل لذلك رغم الظروف التي تحيط بالولاية؟ - نحن فخورون باستضافة ولاية جنوب كردفان لفعاليات سيكافا، و فخورون بأن نتولى مهمة نقل ما يجري من وقائع وأحداث مهمة للرأي العام المحلي والإقليمي والدولي.. بطولة سيكافا ستبدأ بدخول ضيف الشرف المدينة الرياضية، واستمر برنامج حفل الافتتاح من الرابعة إلى بداية المباراة.. و مثل السيد رئيس الجمهورية الفريق أول ركن آدم حامد موسى رئيس مجلس الولايات ومعه نخبة من الوزراء الاتحاديين، و وزير الشباب والرياضة ورئيس اتحاد سيكافا ورئيس الاتحاد السوداني وضيوف آخرون، وشاركنا الأخ الوالي عثمان كبر والي ولاية شمال دارفور بالإضافة إلى ولاة وممثلي ولايات الجوار من دافور والنيل الأبيض.. وأنا أقول إن الاتحاد الأفريقي ظل يحتفظ بمكانة خاصة للسودان باعتبار أن السودان الدولة المؤسسة لهذا الاتحاد، وظل يتميز بمواقفه المستقلة القوية في كل القضايا وهو في قلب مشكلات القارة، وفي كثير من الأحيان سباق في أدوات ومؤسسات العمل الأفريقي السياسي. ü لكن في العام 2007م حرم السودان من رئاسة الدورة؟ - صحيح في 2007 إبان عقد مؤتمر القمة الأفريقي في الخرطوم وما صاحبه من ملابسات وتدخلات أدت إلى حرمان السودان من رئاسة تلك الدورة كما جرى واستمر العرف الدولي، وكان متازمناً مع ذلك انعقاد الاجتماع السنوي للاتحاد الأفريقي لكرة القدم في الخرطوم، وتذكرون الكلمة القوية التي عبر بها السيد عيسى حياتو لرئيس الجمهورية عمر البشير عندما اختارته الجمعية العمومية للاتحاد الأفريقي لكرة القدم راعي فخرياً لكرة القدم الأفريقية، واستشهد هنا ببعض حديثه الذي ذكر فيه: «السيد الرئيس عندما خذلتك أفريقيا السياسية لمواقف هي تعبير عن إرادة قوى أخرى غير أفريقية، فالرياضيون الأفارقة يحفظون لكم هذا الجميل ويحفظون للسودان هذا الجميل وهو من الدول المؤسسة، ويردون للسودان حقه كروياً باعتباره الرائد في الكرة الأفريقية»، أنا اعتقد أن هذا الحديث كان رسالة قوية جداً.. وثانياً الاتحاد الأفريقي لكرة القدم واتحادته الإقليمية طرحوا مفهوماً مهماً جداً مستنبطاً من أن القارة الأفريقية تعاني من نزاعات وحروب لأسباب شتى، لذلك طرحوا بأن تكون الكرة الأفريقية بمثابة الدواء لتلك الجراحات الأفريقية بسسب النزاعات والحروب. ü برأيك ما هو مفهوم الاتحاد الأفريقي من هذه الرسالة؟ - الاتحاد الأفريقي يقول إن هذه النزاعات والحروب لا توقف كرة القدم، وهنا نذكر في هذا السياق كأس الأمم الأفريقية في 2010م في أنغولا إذ تعرض بص المنتخب الكنغولى إلى كمين أدى إلى وفاة أحد الإداريين وإصابة بعض اللاعبين، ولكنهم أصروا على إقامة المباراة في أنغولا، وأيضا إبان أحداث مالي كانت العاصمة باماكو تتعرض لإشكالات أمنية، وأصر الاتحاد الأفريقي على إقامة مباراة الهلال السوداني والأهلي المصري في باماكو وقتها، ونذكر جيداً مباراة المريخ السوداني وأحد الفرق الأفريقية ثاني يوم بعد أحداث الهجوم على أم درمان.. وأيضاً هنا في كادوقلي وكانت الحرب لا تزال تدور داخل هذه المدينة، وعشان أدخلكم في المعركة، خط المعركة كان أمام أمانة الحكومة، وهذه أماكن سيطرتنا، وغرب الزلط أماكن سيطرة العدو وكانت مباراة هلال كادقلي مع الخرطوم الوطني، مما كان له أثر مباشر في عودة مواطني كادوقلي اليها من المدن الأخرى.. و بالتالي عندما طرح الاتحاد الأفريقي واتحاد منطقة سيكافا بأن تنظم هذه البطولة في كادقلي والفاشر، ولمساندة سكان هاتين المنطقتين، ما كان منا إلا الاستجابة. ü لماذا تمت الاستجابة منكم لتنظيم البطولة في ظل هذه الظروف الأمنية المعقدة؟ - نحن استجبنا لأننا ندير معركتنا بمفهوم تدخلات واسعة، لأن الحرب ليست فقط التجهيزات العسكرية، فهي تشتمل على طيف واسع من التدخلات السياسية والفنية، ونحن نريد طيفاً واسعاً من الخلوة من مدائح من أولاد البرعى إلى جمال فرفور والمساحة الفي النص دي لازم تتملىء بطيف واسع، والقصد الأساسي نحن ما دايرين الحرب توقف حياة الناس.. التمرد يمكن أن يحتل موقعاً يلحق خسائر لأفراد، ولكن لن نسمح له بكسر إرادة وتماسك وعزيمة المواطن، لهذا كان شعارنا أن التمرد لا يوقف حياتنا لأنه عندما يصل لهذه المرحلة سينتصر علينا، إذاً وفقاً لذلك نعتقد اعتقاداً جازماً مع المدافعة والمجاهدة لدرء التحديات الأمنية لابد من العمل من أجل التنمية وخدمات الناس، زراعتهم تجارتهم ثقافتهم رياضهتم، وكل هذه من المسائل التي نعمل عليها، صحيح هي صعبة في مثل هذه الظروف لكنها غير مستحيله.. لهذا إزالة جراحات الحرب هي وفق خططنا الرئيسية ومستمرة في ظروف بالغة التعقيد ونحن حريصون على التواصل والعمل. ü إذاً ماذا عن التهديدات التي ترسلها الحركة الشعبية بأنها سوف تستهدف الاستاد والمدينة أثناء البطولة؟ - هذه التساؤلات حاضرة ونحن نعلم بها، و ببساطة أقول هل لو لغينا سيكافا أو أجلناها هل سيتوقف العدوان على كادقلي، وهل سيقذفوننا بالورود!! أكيد لا، وإذا فعلنا ذلك سيصلون إلى مرحلة تخطيط برنامجنا بأن نفعل ولا نفعل وهنا يكونون انتصروا بلا حرب.. ولهذا نحن بظروفنا هذه كما يقول الشعراء والكتاب رغم المطر رغم الرياح رغم الظروف والصعاب، نحن قررنا إقامة البطولة وسيكافا قائمة..أقول نحن بشر نستحق أن نعيش ونحن قابضون على جمر التحدي، ولهذا موقفنا استجابة لإرادة مواطني الولاية للتحدي والصمود.. والمواطن متمسك بأرضه لأنه صاحب قضية وحق وهو لايقيم بالإيجار هنا في الولاية.. هو سيد حق. ü ما هي التدابير التي اتخذتموها لمجابهة الأحداث المتوقعة؟ - نحن نتخذ كل التدابير لتوفير أفضل حماية لكن ليس هنالك خطة أمنية كاملة ونقيّم كل الأسباب، ومن بعد ذلك نتوكل على الله، فبمثل ما نحن نخطط هم يخططون، ومن يجد ثغرة في الآخر يستغلها.. واعتقد أن الانتصار لإرادة مواطنينا تحقق من لحظة وصولكم كإعلاميين والوفود المشاركة.. يكفينا أنكم عرفتم مواطنينا وشاهدتم كيف يؤدون وظائفهم اليومية بشكل عادي، وحركة الناس في السوق رغم القذف العشوائي الحياة مستمرة. ü ماذا عن الخدمات لمواطني الولاية في ظل تحديات الحرب؟ - حرصنا على أن العام الدراسي يبدأ يوم1/7 وينتهى يوم 28/3 وهذا ما تم،وطيلة سنوات الحرب مؤشرات النجاح في امتاحنات الأساس والشهادة السودانية شهدت تطوراً إلى الأمام.. وأثناء الحرب الولاية جاءت الأولى في مكافحة الملاريا.. وأثناء الحرب زرعنا الموسم الزراعي السابق 3.894 ألف فدان أي ما يقارب الأربعة مليون فدان، ورغم جراحات الحرب حافظنا على ثروتنا الحيوانية، ورغم جراحات الحرب الولاية في مهرجان ليالي السودان الثقافي أحرزت المركز الأول.. ورغم جراحات الحرب رياضياً ظل هلال كادقلي محافظاً على موقعه المتقدم في الدوري الممتاز من القسم الأول من المنافسة والآن ضمن المربع الذهبى من المرحلة الأولى من الدوري الممتاز، إذاً انظر للرياضة ونحن مجتمع متزن في الثراء والتنوع وهذا مصدر قوة لنا، ولغة الرياضة ومطلوباتها صفة إنسانية لأن الرياضة أكبر من أي حزب سياسي وأكبر من أي قبيلة، لأنها تجمع الكل وتقرّب ما تفرقه السياسية، وما أحوجنا إلى ذلك في وطن يعاني من التمزق، وهذه رسالة الرياضة. ü هناك رسالة توجهها الحركة الشعبية لمواطني ولاية جنوب كردفان عن التهميش والظلم كيف تقراءون ذلك؟ - صحيح أن الولاية تتعرض إلى رسالة سياسية غاية السلبية من الحركة الشعبية، وهي رسالة حول التهميش والظلم، وهذا خطاب سلبي يفتقد إلى رؤية تقدم الحلول، ويحاول أن يخلق حالة انكسار وانهزام عبر هذه الرسالة، لهذا كان حديثنا لإنسان هذه الولاية هو وضعه في الصورة الصحيحة غير المشوهة، وهو تاريخياً صاحب ثقافة وسلطة من مملكة تقلي والدولة الوطنية وهي الدولة المهدية فقد كان مصدر الثورة من جنوب كردفان، كل هذا التاريخ يدحض تلك الدعاوي عن التهميش.. والتحدي الآن أن إنسان المنطقة هنا، سواء كان في كادقلي أو الفاشر كفوء بتمثيل السودان.. والرسالة السالبة التي تحاول أن تفصل جنوب كردفان من الوطن لا يمكن لها أن تنجح لأصالة مواطني هذه الولاية الذين رفعوا شعار «الدانة ولا المهانة.. والصاروخ ولا النزوح». }}