عشية مباراة الأهلي الأخيرة أمام حي العرب.. توجهت نحو إستاد ود مدني وفي مخيلتي أن جمهور سيد الأتيام سيتدافع يومها من كل فج بكثافة صوب الإستاد لمؤازرة فريقه الذي يحتاجه اليوم أكثر من أي وقت مضى بعد أن جار عليه الزمان وساءت عروضه وبات يسبح في بحر متلاطم من الهزائم.. لا ضفاف له ولا مراسي.. وأصبح يتهدده شبح الهبوط ومغادرة دوري الكبار مكسور الخاطر مهيض الجناح. وقد فجعت حقيقة وأنا أحدق نحو مدرجات الإستاد قبيل انطلاقة المباراة بلحظات وهالني منظرها الكئيب وهي تبدو خالية من الجمهور لدرجة أنني لم أجد مشقة في إحصاء عدد المشاهدين بمدرجات المسطبة الوسطى الشعبية فوجدتهم واحداًِ وثلاثين شخصاً فقط .. تصوروا!! في تلك اللحظات امتلكني الخوف حقيقة على سيد الأتيام الذي بات في آخر الزمان غريب ديار وغريب أهل بعد أن انصرف عنه جمهوره العاشق الولهان الذي كان مضرب الأمثال في حمية التشجيع وصخب المؤازرة وهو يهدر كالإعصار في المدرجات.. فيهز الأرض بعنف تحت أقدام خصومه الذين يمتلكهم الرعب في مواجهة عملاق الجزيرة. إلا أن سيد الأتيام سرعان ما بدد مخاوفنا وهو يتخطى حاجز النحس ويعبر بحر الهزائم بإرادة فولاذية وعزيمة قوية بعد أن استشعر لاعبوه خطورة الموقف.. فلعبوا برجولة وشراسة طالما افتقدناها في سابق المباريات.. فتوجوا جهدهم بتحقيق النصر الذي أهدوه في لفتة بارعة لجمهورهم القليل الذي شهد اللقاء بعد أن توجهوا نحوه بعد نهاية المباراة وهم يحيونه بحرارة على تكبده مشاق الحضور رغم الاحباطات. صحيح إن الفوز الذي حققه سيد الأتيام على السوكرتا لا يعني أن الفريق قد تجاوز شبح الهبوط.. فهو حقيقة لا زال يقف على شفا الهاوية ولكنه يعني أنه بدأ (يشم) العافية.. والعافية درجات وقطع شك إذا واصل لاعبوه أداء بقية مبارياتهم بنفس الحماس والاصرار والروح القتالية العالية المشبعة بالاحساس بعظم المسؤولية اعتبارا من مباراة الغد أمام الأهلي العاصمي فسيتجاوز الفريق هذا المطب بإذن الله.. أما اذا أبطرهم النصر الذي حققوه مؤخرا على حي العرب وعادوا ثانية لمربع الأداء السلبي و(ميتة القلب) فلا نملك الا أن نأسى على سيد الأتيام وهو يهبط في قطار الممتاز. قلوبنا مع الرومان والأفيال يخوض الرومان مساء اليوم واحدة من أهم المباريات أمام هلال الساحل في اطار سعيه لتأمين موقفه.. بل والمنافسة على مركز متقدم في روليت الممتاز وفريق الاتحاد في نسخته الجديدة بقيادة مدربه محسن سيد قادر بالتأكيد على مواصلة مشوار الانتصارات طالما أن نجومه الاشاوس قادرون على قهر المستحيل وتطويع (الكفر). أما أفيال الجزيرة فسيخوضون غدا معركة جديدة أمام نيل الحصاحيصا العنيد وبلا شك فإن أولاد فاروق جبرة الذين عودونا دائما وأبدًا على نثر الأفراح في ربوع ود مدني سيواصلون بمشيئة الله مسيرة انتصاراتهم وسيعودون من الحصاحيصا مكللين بالفوز وهم يتأبطون النقاط. آخر السطور أصحى يا جمهور ود مدني (حوبتك جات).