يا أحبة.. أقسم بالله العظيم وبكل قسم غليظ إني لا أفرح.. ولا أسخر.. ومن أنا ليسخر عن وطن عظيم وشعب مدهش نبيل جسور وعظيم.. أنا يا أحبة أعني ما أقول.. بل أتمنى أن يصبح حلمي حقيقة تمشي على تراب طاهر ومصون.. نعم أرجو منكم كلكم حكومة ومعارضة.. سلمية كانت أو تهتف بالقنابل والدانات والبارود.. أن تفسحوا لنا المجال.. أن تترجلوا من كل كراسي السلطة ومنصات المعارضة.. أن تجلسوا على مقاعد المتفرجين.. أن تفتحوا لنا الأبواب مشرعة في القصر الجمهوري والذي سوف نسميه قصر الشعب.. أن تشرعوا لنا كل أبواب مجلس الوزراء.. أن تزيحوا «الأقفال» والمزاليج من حوائط المجلس الوطني لنستبدل تلك «القطيفة» الخضراء التي تكسو مقاعده وقاعاته ب«دبلان» أو «دمورية» بعد أن نصبغها باللون الأحمر وكذا جدرانه بذات الطلاء.. لنسميه «مجلس الشعب السوداني».. وقبل أن نقول لكم من نحن.. وما هي مكونات جبهتنا.. وما هو برنامجنا.. نسألكم في صدق متوقعين اجابات منكم في طهر وحق.. ألم تجربوا حكم الإخوة في حزب الأمة منفرداً.. ألم تستظلوا بحكم الاتحادي الديمقراطي منفرداً.. ألم تجربوا حكم حزب الأمة والاتحادي الديمقراطي مؤتلفاً.. ألم يحكمكم الأحبة الإخوان المسلمون منفردين بكم إنفراد «كرسيتانو رونالدو» بحارس «نيوكاسل» المسكين.. ألم يحكمون الوطن نفس هؤلاء الأحبة مطعمين بشظايا انشقت كما حائط أو كوخ متصدع من عمارات الأمة القومي والاتحادي «الاصلي» وما يزالوا بالدفة ممسكين.. ألم تحكمكم «مايو» منفردة لمدة ستة عشر عاماً حسوماً.. ألم يحكمكم عبود وصحبه لست سنوات حسوماً.. حتى مولانا المشير سوار الذهب ألم يحكمكم لاثني عشر شهراً مع فضل برمه ناصر وتاج الدين وصحبه الميامين.. «طيب» هل جربتم يوماً حكم أي قبيلة من اليسار.. بل هل حكم من ينتمي إلى «اليسار» أو التقدم دقيقة واحدة.. وحتى الاجابة تقول.. إن الذي دفعنا إلى ذلك هو تلك اللكلكة التي نحن فيها الآن.. كلنا فوق مركب في أعالي البحار وهي في قلب الرياح وما أتعس الانسان.. أي انسان.. الوطن أي وطن.. الأمة.. أي أمة.. الشعب.. أي شعب.. إن تنسد أمامه أضواء وأنوار الأفق.. أن تنبهم أمامه الدروب أن يتسربل بثياب اليأس.. أن لا يرى في نهاية النفق ضوءاً أو حتى شمعة تقاوم عزيف الريح.. أن «يقنع باطن وظاهر» من لوحة بهيرة تلوح حتى المستقبل البعيد.. وما أباس وأتعس أمة أو وطن لا يملك من رصيد الدنيا غير النظر إلى الخلف ليجتر في أسف.. في حزن.. في حسرة أمجاداً غابرة وأياماً ماجدة.. ولوحات بهية ولكنها في بطن التاريخ.. أنا لست متشائماً.. ولكنني أيضاً لست حالماً.. ولا من الذين ينظرون إلى السماء لتمطر ذهباً وفضة.. لست مخذلاً ولكني لست مغفلاً لأقول إن الوطن الآن يعيش أبهى أيامه وإنه ليس في الإمكان ابدع مما كان.. يا أحبة.. إني اليوم أدعوكم لصرخة في وادي الصمت.. إني اليوم.. أكتب حباً في الوطن ودفاعاً عن الوطن بأطراف أسنة وخناجر.. بل من محبرة نزيف وأعواد مشاعل.. وقبل الدخول في هذه الغابة الشائكة التي يربض فيها الشيطان.. دعونا نعترف.. حكومة ومعارضة.. أمة وشعباً انقاذاً واصلاحيين.. أحزاب ونقابات.. مكونات مجتمع مدني كيانات.. نعترف بأن الوطن يعيش تحت ظلال أهوال ومشاكل.. مخاتل ومكابر من يقول إن مركب الوطن يمخر عباب نهر أو بحر في أمن وسلام وعينه على المرفأ وحتماً يصل سالماً اليابسة.. وهل نبدأ التاريخ من أوله.. لا هذا رهق وتبديد وقت وطاقة واستدعاء جدل ونصب.. منذ استقلال الوطن.. ظللنا نهتف ونغني بحبنا للسودان.. ما تركنا حرفاً من «العربية» إلا وأرهقناه.