ياسر عرمان (الرفيق) الشمالي نذكر كيف أنهم صعدوا به أيام الانتخابات الرئاسية إلى الثريا، ونذكر كيف أنه كان سعيداً أيام ترشحه للرئاسة ولسان حاله يقول جئت للحركة لاصطياد أرنب فوجدت نفسي بعد حين اصطاد كل الأفيال، هكذا قد يخيل اليه أيامها، أو هكذا يبدو لنا ونحن نسمعه في دارفور يرد على هتاف جماهير الحركة هناك بحضور باقان بقوله: (الكرسي مضمون مضمون) ليفوت عليه يومها أنه لا شيء مضمون أو ثابت داخل حركته المتعددة التيارات، والتي بالفعل عصفت به من السباق في أول اجتماع لمكتبها السياسي، ليجد أنه ليس هناك بد من امتصاص الصدمة برغم قوتها عليه، وإظهار التماسك بقوله إن ما حدث لن يؤثر على تماسك القيادة لتتضاءل من يومها تصريحاته الإعلامية الكثيرة خاصة وأنه معروف بأنه من الذين كانوا يتحدثون بمناسبة وبدون مناسبة ولأي وسيط إعلامي، وفي أي زمان ومكان أيام الأحلام الوردية (طبعاً)، ليخلفه باقان في كثرة القفز من خلال أجهزة الإعلام والذي يريد أن يؤكد باستمرار أنه موجود وأن معركته مع المؤتمر الوطني ومع الجناح الآخر بحركته يجب أن تستمر وأن عليه أن ينتصر في الآخر لمجرد رغبة الانتصار ولو على لا شيء، المهم أن مفاجآت عرمان لم تنتهِ إلى هنا، وإنما تفاجأ ببعض الرفاق القريبين من (أبناء قرنق) يتخلون فجأة عن فكرة الزعيم د. قرنق (السودان الجديد)، وينحازون للانفصال الذي يقضي على كل آمال عرمان الذي لا اعتقد أنه يعرف ماذا سيفعل إن تم أو ماذا سيقول وهو الوحيد الذي لم يذق طعم الوزارة بعد اتفاقية السلام، ولم يترك له حتى الاستمتاع بسباق الرئاسة إلى النهاية، كما لم تترك له فرصة مواصلة دراسته في أعقاب هجرته المفاجئة عقب السلام (حرداناً) كما تردد، فليتهم تركوه ليكمل تعليمه بدل مستقبل سياسي مجهول ينتظره حالة الانفصال لا قدر الله، والذي لم يكن في حساباته مثلما لم يكن إبعاده من السباق الرئاسي في حساباته بعد الاستقبالات بالورود والرياحين في المطارات ومرافقة الرفيق باقان له في زيارات الولايات الدعائية في معطيات تقول إنه كان مرسوماً له فقط أن يصعد للمسرح وينزل بانتهاء الدور مثلما جرى أيام الحرب، حيث كان هو الناطق الرسمي للحركة الشعبية ولكن بعد توقيع الاتفاقية آلت المهمة لشخصية جنوبية في أول قرارات الحركة، وتم الدفع به لقطاع الشمال الذي لم يعرف الاستقرار بفعل الخلافات المتجددة بين عناصره.. كل هذه المقدمة الطويلة أسوقها للسؤال عن دور القيادات الشمالية التي كانت من ركائز الحركة في السابق، في التأثير على قناعات الانفصاليين والعودة بهم إلى خط الوحدة الذي بنى قرنق حركته عليه من أجل سودان جديد موحد، حتى لا يجد عرمان ومنصور خالد والجنرال مالك عقار وعبد العزيز الحلو وغيرهم من الشماليين،أنفسهم أمام معادلات جديدة صعبة، ويحمد للجنرال مالك عقار حديثه عن أهمية الوحدة وهو من الذين أفنوا أغلب أعمارهم يقاتلون من أجل سودان يجمع الشمال والجنوب كما جمعتهم الغابات والأحراش في صفوف الحركة.. وبلا شك أن تحركهم بقوة سيكون له أثره خاصة وأن الانفصاليين لا يستندون على شيء غير الرغبة في تجريب الانفصال في معادلة تقول حساباتها إنها لا تحتاج إلى تجريب وإن الوحدة هي التي تجعلهم يحافظون على عهدهم مع الراحل المفكر والقائد د. جون قرنق، وتجعلهم ينظرون إلى أبعد من أرجلهم، وتجعل مستقبل السودان المتحد هو الأقوى والأفضل للجميع في زمان تتوحد فيه الدول ولا تتفكك، وهذه لا تغيب إلا على أصحاب العقول الغائبة والمغيّبة لا فرق، والتي يمكن أن يكون لمن كانوا معهم من رفاق الشمال، دور بالتأثير على مفاصل الحركة التي بوسعها أن تحافظ على وحدة الحركة ككيان جامع للشماليين والجنوبيين، وتحافظ على وحدة الوطن بلا إقصاء لشمالي في الجنوب، أو جنوبي في الشمال، وإيقاف رغبة تجريب فاشلة في حساباتها، هكذا نريد أن ينتهي المسلسل وتنتهي الحكاية على خير للجميع.. آمين