الصدمة التي يعيشها ياسر سعيد عرمان هذه الأيام بتنكر رفاقه خلفاء د.قرنق في قيادة الحركة علية قبيل الاستفتاء، جعلته يحاول في تصريحاته الأخيرة استرداد شخصيته الاجتماعية بإعلانه عن تشكيل حزب للحركةالشعبية عقب الانفصال بالشمال ،وهو يدري أن ذلك غير ممكن ،لكنها المحاولة لتغطية صدمة المقلب الذي شربه ،والذي ليس هو المقلب الأول ،فقد شرب من قبل المقلب عقب عودته للخرطوم بعد نيفاشا ،عندما تم تقسيم الحقائب ولم يمنح هو شيئا منها ،ثم كان المقلب الثاني يوم ترشيحه لمنافسة البشير في الانتخابات الرئاسية تلك الأيام التي ملأت فيها صوره الطرقات وأكثر هو فيها من الجولات الولائية متحدثا عن شعاره (الأمل والتغيير )،وعن برنامج قال انه برنامج الحركة الشعبية ،والذي كان يؤكد فيه أن حكومة الحركة الشعبية القادمة ستعمل علي الاستغلال الأمثل والتوزيع العادل للثروة لمصلحة الشعب السوداني وفائدته ..وكان يقول عن الجانب الاقتصادي أن البترول مورد غير متجدد وانه قابل للنضوب ،وعليه يجب توظيف عائداته لتطوير الزراعة ،باعتبارها العمود الفقري للاقتصاد السوداني ..وذهب عرمان في حواراته أيامها للقول (لن تكون هناك دولة آمنة في الجنوب أو الشمال اذا قرر الجنوبيون اختيار وطن بديل ) ،هكذا كان عرمان متحمسا لفكرة السودان الجديد ،ويظن ان رفاق الأمس مثله متحمسون ،ولم يدر بخلده ان الحركة قد سلمت أمرها لأمريكا ،وان الإشارة تأتيها من هناك من واشنطن التي غيرت منفستو الحركة من السودان الجديد إلي الانفصال ،وأنها هي التي وجهت بالإسراع في سحبه من السياق الرئاسي حتى لا يفوز ويحرج الحركة التي تخطط أمريكا معها للانفصال وبالتالي فان فوز عرمان اذا تم يجعلها بلا حجة لإقناع الجنوبيين بالتصويت للانفصال ..ومن هنا جاء سيناريو أبعاده عن السباق بعد عودته من جولته في دارفور ..الأبعاد الذي تم بشكل لم يرض عرمان الذي هيأ نفسه للمنافسة ،الا ان الحسابات والإشارة الأمريكية بضرورة سحبه أربكت عرمان والذي ازدادت ربكته عقب إعلان الحركة اختيارها للانفصال ،وهو ما لم يتوقعه عرمان الذي انضم للحركة في عام 1986،وكسب بسرعة ثقة قرنق ،وتدرج حتى صار ناطقا رسميا لها واختار الزواج من ابنة السلطان دينق مجوك ناظر عموم دينكا مجوك التي تسكن منطقة آبيي ،ذلك السلطان الذي اشتهر بتمسكه بوحدة السودان ،حيث كان عرمان يبني أحلامه ومستقبله السياسي علي السودان الجديد المتوحد ،لا علي الانفصال الذي جعله يقول أمس انه لم يقبل بالمشاركة في حكومة الجنوب في حالة الانفصال ،وهي أقوال تأتي أيضا لتجميل صورته ،فهو يدري أن من حرموه من المشاركة أيام كانت الحركة تحكم الجنوب كله وتشارك في الحكومة المركزية وحكومات الولايات الشمالية ،لن يسمحوا له بعد الانفصال الذي بالمشاركة ،وقد قالها باقان اموم قبل أيام انه لن تكون هناك علاقة تنظيمية بين الحركة الشعبية في الجنوب والشمال ،في أشارة الي انتهاء دور عرمان ومن معه من الشماليين في الحركة ،وهذه قد قالها الفريق سلفا كير نفسه صريحة عندما استدعي منصور خالد وياسر عرمان الي جوبا ،وأخطرهما برغبة الجنوبيين في الانفصال ،وأكد لهما أن البقاء في الحركة رهين بالالتزام بسياساتها في أشارة الي انتهاء دور عرمان ومنصور وأعضاء قطاع الشمال من الشماليين ..لنقول أن عرمان الذي مارس السياسة بهتافات المنابر الطلابية لم يعرف حسابات السياسة ولو كان يعرفها لأدرك انه كرت امضي سنوات طويلة من عمرة في مشروع سراب لم يقبض منه إلا الريح ،وان عليه أن يصمت الآن حتى يغادر ليكمل تعليمه ،المشروع الثاني ،الذي قال عنه بعد عودته للخرطوم انه من أولوياته ،فالواقع يقول أن عرمان لم يعد له أمل بعد الآن في مستقبل سياسي من خلال الحركة ،كما لا يمكن له أن يحدث تغييرا في من استخدموه كرتا وحرقوه ،وبالتأكيد أن الحركة التي من المرجح أن تعود بعد سنوات قريبة للمطالبة بالوحدة في ظل الصراعات القبلية المتوقعة ،والتي ستجعل أمريكا تعيد حساباتها خاصة وأنها تبني مصالحها علي دولة ناجحة لا دولة تهدد مصالحها في المنطقة ،فان عرمان لن يكون من كروت الحركة في المرحلة القادمة ،ولن يجد سلوي غير التغني بأغنية جاري وراء السراب مخدوع وضاع الزمن . نقلا عن صحيفة آخر لحظة بتاريخ :3/1/2011