الكثير من الشباب و(المتشابين) في الوسط الفني الحالي و على كافة تخصصاتهم كفنانين وعازفين وموسيقيين أكاديمين ونقاد متخصصين وغير متخصصين يرددون في كثير من المنابر العامة و الخاصة أفكار تتعلق بتبرير ما يجري على ساحة الغناء الآن من إستسهال وإهمال للجودة في العناصر الأساسية للأغنيه (النص واللحن والأداء).. من منطلق فكرة أن لكل جيل ذوقه وتوجهاته .. متناسين أن أجيال اليوم من الفنانين وأشباههم و كذلك عامة المتلقين الشباب لم يكونوا خارج إطار الفكر الثقافي العام للماضي الساطع للأغنية السودانية ولهم أن يعلموا أنه لا يمكن أن يختلف الذوق الفني للشباب عن ماسبق عليه حال الأغنية القديمة الممدوحة الكلمات والألحان والنص إلا إلى مستوى يزيد أو يرفع المستوى الجيد إلى درجة الممتاز، وذاك لعمري مسار طبيعي لتطور الفن الغنائي السوداني الذي هو كإرث تاريخي موسيقي أدهش العالم الذي حظي بتلقي منتوجه الإبداعي في الإطار المحدود للنفاذ والإنتشار الإعلامي الذي عانت منه الأغنية السودانيه، وبذلك أية إتجاهات ذوقية جديدة للشباب يجب أن تبدأ من حيث إنتهى الآخرين فالمبدع لا يخلق فكرته الإبداعيه من (الفراغ الذهني) ولكنه ينتجها من تراكم الذاكرة السماعيه والذي بلا شك يجب أن يكون أكبر مصب لها هو موروثنا الغنائي الذي تلقيناه من كبار الفنانين الذين سبقوا، والذين أسسوا قواعد متفق عليها تخص إتجاهات المتلقي السوداني السمعية و الذوقيه ثم من بعد ذلك تم تطوير التراث الغنائي بإجتهادات فكرية وأكاديمية تم إعتمادها برضا الجمهور عنها و إستساغته للمعالجات التي طُورت بها الأغنية التراثية بما في ذلك أغنيات الحقيبة الأمدرمانيه .. ومن هذا المنطلق إن تركنا الحبل على القارب وجعلنا من إعتماد مبدأ إختلاف أذواق وإتجاهات الشباب الفنيه والإبداعية تعبر عن الغث الرخيص من الفنون والأغاني التي لا تخدم إلا المزيد من التدهور في الذوق العام، لمجرد أنه جيل يجب (أن يختلف عن أهواء من سبقوه عمراً) فإننا بذلك التبرير نكون قد عرضنا الفن السوداني والذوق العام للأمة لخطر كبير يتمثل في إفساح المجال للأشعار الركيكة الشكل والمضمون والألحان التي لا تحمل أيي جديد غير الصخب و الخالية من التفاصيل التي تفيد ما يخدم عنصر الإدهاش وإتجاه إختلافها عن ما سبق، يجب على معتلي تلك المنابر ألا يجاملوا أحدا على حساب رفعة الفن وعلو مستوى الذوق العام .. نعم نحن مع أن يختلف المنتوج الغنائي لفنانينا الشباب تحت قاعدة التفرد والإبداع .. ولكن في إطار ما تم الإتفاق عليها برضا وإستحسان كافة إتجاهات الذوق الجماهيري العام من قيم وشروط تتمثل في الإحتفاظ بالمكتسبات السمعية الراقية التي تعودت عليها الأذن السودانيه والناتجة عن تأني فنانينا القدام في إختيار النصوص الشعرية وكذلك إخلاص الملحنين والموسيقين الذين يضعون ألحاناً يجتهدون في حصولها على شارة الإختلاف والتفوق بالإضافة إلى التميزفي الأداء والذي يضفي على كل فنان شخصيته الخاصة و طعمة الأدائي المميز...إجتهدوا أيها الشباب و ثابروا بغير ذلك سيذهب الزبد جفاءاً.