والأخبار تحمل خبر وفاة عامل بمزرعة بضاحية الأزهري بالخرطوم موخرا يبعث التساؤل عن مصير العديد من المتشردين وأبناء الشمس، وليل الخرطوم في ديسمبر يلوح بأيام باردة قد تنزل فيها درجات الحرارة الى أقل من 10 درجات مئوية يتبادر الى الأذهان السؤال عن حالهم وهم في شوارع المدينة الفسيحة تحت رحمة الهجير صيفاً، والآن بين فكي زمهير الشتاء والعابر بين طرقات السوق العربي بالخرطوم يرى بوضوح انزواءهم في الأزقة القصية، وكذلك رفقاءهم بأم درمان في مجاريها الواسعة ولسان حالهم يقول أين المفر ونحن من الشمس الى الشتاء القر، نحبق عن ملآذات آمنة وقلوب حانية، هكذا تترسم صورة واقع التشرد في ولاية الخرطوم والظروف التي جعلت من هذا الواقع كثيرة، والدراسات التي تناولت الظاهرة كثيرة، ولكن مازالت الأيام تفرز كل يوم أعداداً من المتشردين أثر ظروف اقتصادية وأخرى أمنية واجتماعية كلها جعلت بعض المواطنين بلا مأوى وأبناء شمس وشوارع ليس لهم إلا الله . **** دراسة واقع التشرد بولاية الخرطوم برعاية د. أمل البيلي وزير التوجية والتنمية الاجتماعية ولاية الخرطوم عقدت الإدارة العامة للرعاية الاجتماعية بالوزارة ورشة عمل بعنوان (دراسة واقع التشرد بولاية الخرطوم) وذلك بمباني قاعة الشارقة جامعة الخرطوم وقد خاطبها محمد السناري مفوض العمل الطوعي وممثل الوزيرة، وامتدح الدور الاجتماعي التي تقوم به الوزراة في تنظيم مثل هذه الورش بجهد مقدر مع نخبة من العلماء وأهل الاختصاص لدراسة ظاهرة التشرد، التي أصبحت تؤرق الولاية لما لها من عادات وسلوكيات خاطئة قد تضر بالأمن القومي للبلاد.. ودعا الى الاستفادة من عرض هذه الدراسة المقدمة لتتكامل الأدوار، حتي يتسني لنا الخروج بمخرجات تقودنا الى الطريق الصحيح اتجاه معالجة ظاهرة التشرد.. هذا وقدمت الأستاذة كوثر عبدالله عبدالله الفكي مدير الإدارة العامة للرعاية الاجتماعية عرضاً تفصيلاً لواقع النشر بولاية الخرطوم، مشيرة الى تعامل الوزارة مع الظواهر التي تحدث في المجتمع من أجل معالجتها والحد منها مشيرة الى تجربة الوزارة في مجال التشرد بدأت ببرامج مثل لم الشمل للمشردين، ثم بانشاء دور للإيواء وقد شكرت الأستاذة كوثر كل الجهات التي عملت وساهمت في هذه الدراسة، وتطرقت خلال شرحها الى أهم الأسباب وكيفية المعالج، ثم مشيرة الى نسبة ذلك كله وفق الأرقام التي خرجت بها الدراسة، هذا وقد عقب على الورقة بروفيسور خليل المدني الذي شكر الوزارة على الاهتمام لهذه القضايا التي من شأنها تجسير الفجوة بين الباحثين ومتخذي القرار، وشدد على أنه ليس بالضرورة كل أسباب المشاكل هي ذات الأسباب التي تؤدي الى انتشارها، وثمن على استخدام المنهج الاجتماعي في الدراسة لأنه هو الأنسب في مثل هذه الدراسات.. وتجدر الإشارة الى أنه تم تدريب كل الباحثين الذين أجروا هذه الدراسة، حتي يتسنى لهم تحقيق الجودة.. وقد ختمت الورشة بفيلم من إنتاج وزارة التوجية والتنمية الاجتماعية عن ظاهرة التشرد، ورغم ذلك يظل السؤال هل ترى الدراسات النور وهي تحمل كل هذه المؤشرات الخطيرة؟ مؤشرات خطيرة والبحث عن حلول، ملخص دراسة واقع التشرد بولاية الخرطوم، هدفت هذه الدراسة الى معرفة واقع التشرد في ولاية الخرطوم، حيث أجريت الدراسة بهدف الحصر والتصنيف الذي أجري في مارس 2013م، حيث شارك في الحصر عدد 201 باحث، وقد تم استخدام المنهج الاجتماعي المتكامل كما تم تصميم استمارة بغرض الحصر والتي جاءت على النحو التفصيلي التالي.. بأن بلغ عدد المشردين بولاية الخرطوم 2447 مشرد فيما كانت أعلى فئة عمرية تقع مابين 1217سنة بعدد 1040بنسبة 42,5 - أما عدد الذكور بين المتشردين بحسب الدراسة الميدانية فقد بلغ 2069 بنسبة 85% والإناث بعدد378بنسبة 15%- أما عن التعليم فجاءت نسبة أعلى مستوى تعليمى للمتشردين في مرحلة الأساس بعدد1558بنسبة 63% .ونسبة العاملين منهم بعدد1422متشرد بنسبة 58% .وكل هؤلاء المتشردين معظم أسرهم تعيش في الخرطوم بعدد 1507 بنسبة 61% وأن العائل الأساسي للأسرة هو الوالد، وجاءت الإجابة بذلك لعدد596 بنسبة 24%- أما عدد الذين لديهم الرغبة في لم شملهم مع أسرهم فبلغ 1402 متشرد بنسبة 57% .. في البحث عن أسباب الخروج الى الشارع كانت الاجابات كالآتي البعض قال: إن أسبابه هي الخروج الى العمل بهؤلاء وصل عددهم الى 754بنسبة 30% - أما البعض الآخر فقال الخروج بسبب الظروف الاقتصادية بعدد 593بنسبة 23% وأما نسبة التشرد بعد الدراسة الميدانية فقد بلغت نسبة التشرد الكلي بعدد 1154 بنسبة 47% ونسبة التشرد الجزئي 907 بنسبة37% . -أما عن العادات السالبة للتشرد فجاء في الدراسة أن عدد الذين يتعاطون المواد المخدرة بلغ 627 بنسبة 26% ونوع التعاطي المواد الطيارة بعدد 421 بنسبة 24% .، وعند سؤالهم عن وجهة نظرهم في حياة الشارع كانت إجابة بعضهم بأن الحياة في الشوارع سيئة جداً بعدد 718 بنسبة 29% .- هذا وتجدر الإشارة الى أهم التوصيات التي خرجت بها الدراسة هي وضع معالجات لكل الحالات بجانب توفير الخدمات، ثم بناء قاعدة معلومات تساعد علي اتخاذ القرار مع استمرار التوعية المجتمعية للحصول على أسرة متماسكة في ظل خطورة السلوكيات في الشارع العام. الشتاء والبحث عن الدفء وبقول الناشط أحمد الأمين لآخر لحظة- وهو أحد الشباب المتطوعين في مجموعة شارع الحوادث- حيث يعملون على توفير الدواء لاطفال السرطان عن طريق الإعلان عن حاجتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهم مجموعة شباب اقتطعت من وقتها لخدمة المجتمع، يقول لم نقف على هذا العمل بل تطوعنا أثناء السيول والأمطار للمساهمة في تقديم الخدمات للمتضررين، والآن ننشط في حملات لجمع البطاطين والملابس الشتوية للمتشردين كمساهمة من شباب البلد بقدر ما نسطيع حتى نتمكن من توفير الدفء لهؤلاء المساكين الذين لا مأوى لهم سوى الشوارع والأزرقة.. فالسودان مازال بخير يقول الشاب أحمد الأمين وهو يستلم إحدى المساهمات من زميلته الشابة المنهمكة في ترتيب ما تم التبرع به عبر حملتهم في مواقع التواصل الفيس بوك، وتويتر عن التبرع بالملابس والتي اطلق عليه (حملة في دولابك)، ولاقت تجاوباً كبيراً من الشباب والمجتمع، ويختم محمد الأمين حديثه وهو يغادرني الى حيث عربة البوكس المحملة بالملابس في اتجاه نحو تجمعات المتشردين، وهم قد قاموا بحصرها مسبقاً لتسهيل عملية التوزيع، يقول علينا أن نتابع العمل ولا نيأس فالخير مازال فينا قيمة إنسانية ...!!