شهد العام الحالي والذي هو في خواتيمه أحداثاً مثيرة وعديدة وجرت مياه كثيرة تحت جسر المسرح الإقليمي طيلة الإثنى عشر شهراً ، كان من الضرورة بمكان قراءتها وبشكل هادئ ونحن نستقبل العام 2014م لمعرفة تداعيات تلك المسائل وتأثيراتها على مستقبل المنطقة التي تتسارع فيها وتيرة الاحداث بغير ماهو متوقع حتي لاصحاب القرار ناهيك عن المراقبين .. (أخر لحظة) وضعت ملفات مهمة في ذات الخصوص على منضدة الخبير في الشأن الأفريقي والمحلل السياسي البروفيسور حسن مكي المعروف بقراءاته العميقة للمشهد السياسي .. لسان حال مكي كان يقول ليس من متعظ ومتدبر ولكن لنتفكر في ماقاله في ثنايا هذا الحوار .. الحوار مابين المعارضة المسلحة والحكومة لم يصل الى نقطة تفاهم بعد الى متى الصراع وماهي المخرجات؟ - الآن الوضع من الناحية الاقتصادية والناحية الأمنية في تلك المناطق بلا شك سييء وماضي الى الأسوأ وهو مزيد من النازحين ومزيد من تشويه سمعة البلد، ومزيد من التدخل الدولي، واتفاقية جبال النوبة بدأت بالتدخل الدولي ولم تأت بسلام حتى الآن، وكذلك نيفاشا بدأت بالتدخل الدولي وانتهت بانفصال جنوب السودان وحتى الآن لم يتكمل السلام، والآن في دارفور تدخل دولي كبير والدولة تنتقص بعضها في حين أنها تتحدث عن السيادة والحرية والسلام والانعتاق، وكأننا نحفر في آبار بدون ماء أو نحفر لمجاري أنهار في مناطق ليس فيها أمطار وبرمجة للعقول في اتجاه آخر، بينما التبعية الدولية بالذات بوجود عساكرها على الأرض وكذلك الاقتصاد السوداني بحسب روشتة البنك الدولي وكثير من السياسات هي املاءات، ولذلك اعتقد أن المخرجات ستكون صعبة وسوف تكون هنالك مفاجآت.... مقاطعاً.. ماذا تقصد بالمفاجآت؟ - على وجه ما رأينا من تغيرات الآن وما كان أحد يتوقعها بهذه الصورة أعتقد أن هناك المزيد من التغيرات المفاجئة. إذن 2014م من سيقود بوصلة التغيير في السودان؟ - أعتقد أنها المؤسسة الرئاسية وليس شخص بل المؤسسة وهل هذا سيجدي أو بالأحرى سيكون مخرجاً وحلاً؟ - سوى كان يجدي أو لا يجدي ليس هذا هو السؤال.. فنحن ليس لدينا بدائل حسنة أو بالأحرى جيدة.. الآن كل شخص استنفد أغراضه والحرس القديم استنفد أغراضه والأحزاب ليس في امكاناتها تقديم البديل.. ما تحدثت عنه يقودنا الى سؤال البديل.. هل المشكلة في من يحكم السودان أم الاجابة على سؤال كيف يحكم السودان؟ - هذا سؤال مهم والاجابة عليه مهمة وهي الاثنين معاً من وكيف ولا فصل بينهم لأن من يحقق كيف هو البديل المطلوب.. ولا يمكن أن يأتي شخص من الظلام ليحكم السودان، وانقضى الوقت الذي يجىء فيه سرالختم الخليفة الذي لم يكن معروفاً لشخص.. وإن كان سر الختم الخليفة جاء محمولاً على جبهة الأجيال وبمباركة الجيش ومباركة الفريق عبود ومباركة القوى السياسية التي كانت موجودة مثل السيد اسماعيل الأزهري والصادق المهدى ولكن الآن لابد أن الذي يأتي أن يكون معروفاً من أول يوم.. على ذكر الأجيال التي حملت سرالختم الخليفة رئيساً لها في السابق.. أجيال اليوم تنعت نخب الماضي السياسية بالفشل ما أدي لتثبيت النظام الحالي؟ - هذا النعت والوصف فيه ظلم كبير مثل لعبة كرة القدم التي يطلق فيها بعض الجمهور عبارات الاستهجان لبعض اللاعبين الذين لا يسجلون أهدافاً وهم لا يدرون ماهية ظروف هؤلاء اللاعبين داخل الملعب، وهنا الفرق بين اللاعب والمشجع والتوفيق الإلهي وحسن الطالع، ولكن أقول إجمالاً وعلى سبيل المثال أن السيد محمد أحمد المحجوب كل فترته كوزير خارجية للسودان كانت 31 شهراً، ولكن قطع شك ميراثه أكبر من أي رئيس أو وزير سوداني موجود الآن في التشكيل الحكومي.. أيضاً الزعيم اسماعيل الأزهري فترة حكمه كم وثلاثين شهراً لكن ربنا سخر له الحكم لارساء قواعد الحكم، وببساطته وسماحته يظل في قلب كل سوداني حتى الآن، وهو الذي رفع العلم واخرج الناس من التبعية، وكان شخصاً عادياً ولم يسجن شخص ولم يشن على أحد حملة بروبغاندا أو يزور في الانتخابات.. هناك قضية أخرى فيما يتعلق بالمحاصصة القبلية وتأثيرها على الحكم خاصة وأنها الآن اشتعلت في جوبا في سباق السلطة كيف ترى الخروج من مأزقها الآن؟ - بخصوص المحاصصة القبلية نحن الإسلاميين نحتمل عواقب ذلك سياسياً، لأننا أضعفنا نظام المجتمع المدني وأضعفنا خطابنا السياسي وأضعفنا القوى السياسية والأحزاب وأصبح الكل يلجأ للقبيلة والقبيلة بحد ذاتها ليست مشكلة، لكن التعامل معها على أساس سياسي تميزي هو المشكل، وهناك طبعاً عناوين عليا هي الوطن والهوية والانتماء وهناك الموجودات الأولية وهي القبلية والعشيرية والأهل وللأسف الشديد نحن كإسلاميين خاطبنا مافوق الهوية الوطنية، والناس لم يجدوا رافعة فوق أكبر من هوية الرؤى الوطنية، والهوية الوطنية كانت محتكرة، لذلك لجأ الناس للهويات الأولية أو ما تحت الهوية الجامعة وهي القبيلة والعشيرية والجماعات الايدولوجية مثل الانتماء للبعثيين أو الناصريين أو اليساريين أو القوى الثورية وللأسف الهوايات ما تحت الوطن، ما عبأت بالوطن، دمرت الوطن حرقت ونهبت وسرقت وقتلت وكسرت المدارس، لأنها كفرت بالهوية الوطنية وبالهوية مافوق الوطنية.. أخيراً كيف تقرأ لنا أحداث العام 2013م ومايترتب عليه في العام 2014م من أحداث سياسياً واقتصادياً واجتماعياً؟ - أعتقد أن أكبر حدث في السودان 2013م هو الزيادات الاقتصادية وهو زلزال سياسي اقتصادي اجتماعي مازالت توابعه تتداعى وهو مثل ما يصحى المزارع في الشمال ويجد الهدام قد أكل الأرض، ويقول لا حول ولا قوة إلا بالله ويهاجر ويترك البلد، وهذه الزيادات ضربت المرتبات فالذي كان مرتبه وقوته الشرائية 1000دولار فجأة وجد أن مرتبه وقوته الشرائية تعادل أقل من 200دولار، وأصبحوا تحت خط الفقر لأن خط الفقر يكون فيه دخل الشخص أقل من 2 دولار في اليوم بمعنى أي عائلة دخلها أقل من 2الف جنيه هي تحت خط الفقر، لأن العائلة فيها خمس أشخاص وإذا دخلها 2 الف جنيه هذا يعني أن الفرد دخله 400 جنيه، وهو يساوى 60 أو 70 دولار.. ومن يدخلون الآن في خط الفقر هو لواءات الجيش وما دونهم وأساتذة الجامعات وما دونهم، ووكلاء الوزارات وما دونهم، والناس الآن خارج خط الفقر وهم الذين خارج الحكومة، وهم المنقبون عن الذهب والمغتربون وبعض المزارعين وليس كلهم لأن البعض الآخر في عسر.. لذلك هذا زلزال اقتصادي حتى الآن لم تظهر توابعه الحقيقية والحدث السياسي في 2013م هو التغيير السياسي الأخير وهو صراع قوى مثل (الناس لمن يكمل فهمهم بقيفوا كويمات كويمات) معسكر الرئيس كويمات والحرس القديم كويمات معسكر غازي كويمات والمترصبين وهكذا... مقاطعاً.... وماذا عن الأحداث اقليمياً؟ - اقليمياً رحيل زنياوي من الساحة ورحيل نلسون مانديلا، وفصل رياك مشار وباقان اموم، واندلاع الحرب بجوبا، والطلاق بين الاخوان والجيش بمصر، وانفجارات ليبيا، والتدخل الخارجي السافر في سوريا والسودان، والآن امتدت الوصاية الدولية على سوريا، اليمن، ليبيا، افريقيا الوسطى، وآخرها الآن في جنوب السودان، وكأنما هناك حالة من الاستعمار الجديدة للمنطقة.