فلنبحث بشجاعة وموضوعية عن كل الأسباب التي أدت إلى تقاعسنا وتخلفنا في كثير من المجالات التي كنا رواداً فيها وصرنا اليوم في ذيل القائمة دون مراجعات وإعترافات لتصحيح المسار، وعلى سبيل المثال أين خطوطنا البحرية اليوم وكيف تبعثر وتناثر ذلك الصرح العملاق في سنوات وجيزة، بعد أن كانت بواخره تشق عباب البحار والمحيطات رافعة علم الوطن وتجوب كل الموانئ العربية والدولية في خدمة النقل والتجارة فأين الباخرة (نيالا) وأين (سنار) والأبيض، وأم درمان، وكل الأسطول الذي كانت بواخره مسماة بأهم مدن في السودان، وسمعة خدماتنا الجيدة اخترقت أوربا إلى هامبوروج وليفربول وامستردام وميناء بورتسودان، كان يعج بالبحارة من كل أصقاع الدنيا.. فالقادمون من المحيطات (بباب المندب) يمرون بالسودان في طريقهم إلى أوروبا وآسيا، فيا ترى ما هو حال خطوطنا البحرية اليوم، بعد أن كانت مميزة ورائدة في سبعينيات القرن الماضي ، وأخشى عليها مما أصاب السكة الحديد والخطوط الجوية السودانية التي ماتت وشبعت موت بسبب التخلف وعدم التحديث والتطوير في طائرتنا وحتى مطاراتنا صارت أضحوكة من دبلوماسيي الدول الصديقة بعد أن فشلنا في إقامة مطار جديد ظللنا نتحدث عنه في كل سنوات الحكومات المتعاقبة، دون أن نعرف أين هو وما هو المكان المخصص له، حيث تضارب الروايات في كل زمان ما بين أم درمان والخرطوم حتى بقي الحال على ما هو عليه وتتوالى الإخفاقات والفضائح بعد أن تم بيع (خط هيثرو) الذي كان هدية مقدرة من المملكة البريطانية (اليزابيث) وله قيمة أدبية ومادية كبيرة دون كشف صريح للمتورطين في ذلك ودون محاسبة المخطئ بعد أن فاحت رائحة الفساد في تلك الصفقة الفضيحة التي مازالت لغزاً محيراً ناهيك عن ما جرى في السكة الحديد والخطوط البحرية من إهمال شاركت فيه كل حكومات ما بعد الاستقلالو، والتي لم تنتبه لعمليات التطوير والتحديث في تلك الصروح الاقتصادية الضخمة والآن (مافات شيء) فلنلحق بما تبقى من تلك الصروح التي كانت شامخة في زمن مضى، ونعجل في انتداب بيوت خبرة عالمية تعيننا في اللحاق بالعالم، فليس عيباً الاستعانة بالآخرين، فكل العالم يتكامل يتبادل الخبرات والتجارب، فالخطوط البحرية والجوية والسكة الحديد يمثلون أهم ركيزة اقتصادية في النمو والتطور في كل الكون. //