عندما نتحدث عن الدساتير والقوانين واللوائح فإنها شيء من صنع البشر لتنظيم حياة الناس، ووضع اسس الحكم وتنظيم التعامل.. اما الحديث عن الفتاوى فهو بديهياً شيء مرتبط بالدين.. والفتوى تصدر دائماً لشرح مسألة دينية يستدع الأمر توضيحها أو شيئاً لم يرد أصلاً ويجتهد العلماء من خلال تعمقهم الديني وفقههم في ابراز المعاني وتقريبها للعامة.. استنادًا على مرجعيات دينية وسوابق، وانطلاقاً أن الاجتهاد من أبواب الدعوة.. ولذلك تنشأ بعدد من الدول دورًا للافتاء وهيئات للعلماء للاضطلاع بتلك المهام.. خاصة في الدول التي تمثل الشريعة الاسلامية مصدر تشريعاتها الرئيسي مع مراعاة حفظ حقوق الأقليات الدينية.. ولكن لاحظت ان بعض الفتاوى في بعض الدول واحياناً في السودان تأتي طبقاً لما يصدر من قوانين في التوقيت... ففي مصر صدرت فتاوى حتى من مشائخ الأزهر حسب ما ورد في الاعلام يتطابق توقيتها مع الادارات السياسية.. وانا هنا لا أو أن اتحدث عن نصرة تلك الفتاوى لفئة بعينها، لكن أتحدث عن التوقيت وحتى في السودان والذي يضم هيئة علماء السودان نخبة ممتازة من علمائنا فقد لاحظت- أن بعض الفتاوى تصدر في تواريخ أو توقيت يطابق بعض الأحداث أو صدور بعض القوانين الوضعية- ومثال ذلك ما نشرته الصحف عن اصدار فتوى تعطي المرأة حق الطلاق من زوجها الذي يدخن وقد تردد أن هذه الفتوى لم تصدر أصلاً وانما هو «كلام جرايد» وآمل أن يكون كذلك لأن احدى الصحف اجرت استطلاعاً مع عدد من النساء فأجمعن جميعاً بأن التدخين يجب ان لا يكون سبباً للطلاق وخراب البيوت أن كان الأمر يستحق الفتوى.. فلماذا لا تصدر الفتوى قبل صدور القانون الوضعي في رأيي أن كان هناك امورًا تستحق الفتاوى، فلتصدر ثم يصدر القانون الوضعي استنادًا على ما جاء بها، وليس العكس، لأن القوانين الوضعية تعتمد أساساً على الشريعة الاسلامية في السودان. وتوقيت اصدار الفتاوى مهم جدًا فيجب ألا نسند القانون الوضعي باصدار الفتاوى لصالحه، لأن الفتوى أمر دين ولا علاقة لها بالصحة أو السياسة أو الاقتصاد وان الفتاوى لا تصدر بمزاج الحكام والأنظمة والأجهزة التشريعية، وانما هي أحكام دينية تستفيد منها هذه الأجهزة في اصدار قوانينها الوضعية كيلا تتعارض مع الشريعة. وبهذه المقاييس يجب أن تصدر الفتاوى اذا دعى الأمر لها قبل صدور القانون المرتبط بالفتوى والتحية لعلمائنا على جهودهم وتمنياتي لهم بالتوفيق دوماً.