ü لا زالت في ذاكرتي صدى زيارة تاريخية رافقت فيها مولانا السيد «محمد عثمان الميرغني» في زيارة تاريخية للجزيرة.. الزيارة كانت بعد توقيع اتفاقية السلام الشهيرة والتي عرفت باتفاقية «الميرغني قرنق»!! ü تحركنا من الخرطوم في الصباح الباكر ووصلنا «مدني السني» بعد المغيب.. كانت الجماهير الغفيرة تقطع الطريق القومي في أكثر من مكان!! كانوا يهتفون «عاش الميرغني بطل السلام»! ü لن أنسى ذلك الهتاف وموكب الميرغني يتوقف في طرف إحدى الحواشات.. كنا في طريقنا لقرية «طيبة» للقاء الشيخ عبد الباقي «هل الاسم صحيح»؟!! ü نزل الميرغني من السيارة وقطف لوزة «قطن» وضعتها إحدى الأيدي في جوال على مقربة من الشجيرة.. صاح الناس «عاش الميرغني للحصاد»!! ü في صباح اليوم التالي كان «مانشيت» صحيفتي التي أوفدتني مع الميرغني في هذه الرحلة التي لا أنساها يخرج بهذه الكلمات: «الميرغني يفتتح حملة الحصاد بمشروع الجزيرة» !! ü المزرعة «السياسية» هذه الأيام أينعت ثمارها وبلغت «مرحلة النضوج» وهناك من يتهيأ للحصاد وقطف الثمار.. ومولانا الميرغني بعيد عن الجماهير وعن «الموسم» الذي يحتشد بكل ألوان الطيف السياسي.. كل الأحزاب السياسية موجودة وبقوة وتتكلم وتناقش و«تناور» إلا مولانا وحزبه الذي تفتقده الساحة والجماهير! لماذا يترك مولانا كل هذه «النعمة» وينزوي في شقة مقفولة وباردة ويترك كل هذا التفاعل الحي وهذا النسيج؟! ü الحزب الاتحادي غائب أو قل «خرج ولم يعد»!! مشاركته في الحكومة يلفها الغموض واحتار فيها الناس!! فحزب «الدقير» تمثيله أوسع وأكثر نفوذاً ومع ذلك فهناك من يقول: إن مولانا يرمي لي قدام!! و«قدام» هذه استعصت على الفهم!! ü الميرغني لا تعوزه المعلومات وعلاقاته مع الأطراف الإقليمية والعربية والدولية عميقة.. فهل هذه المشاركة بصورتها الحالية «مرضي» عنها أم هي تستند على تقديرات ذاتية لا تخرج من واقع الحزب الحالي والحفاظ على جزء من «مصالحه» وحيويته داخل البلاد!! ü قبل أيام قلت لأستاذنا وعمنا «علي نايل» القيادي المعروف: يا أستاذ وين انتو؟! قال نعم نحن غائبون ومعترفون بهذا الغياب ولكننا «متحركين» وهناك مجموعات بدأت التحرك لكسر الجمود!! ü هذه هو «المطلوب إثباته» من الحزب الاتحادي الديمقراطي الذي يعوّل عليه الشعب السوداني كثيراً.. فهو ليس «بالهيّن والليّن».. إنه حزب «الحركة الوطنية» وحزب «الجماهير» و«الوسطية والاعتدال» والتي هي مزاج غالب أهل السودان!! ü هذه الصورة الذهنية في طريقها للتلاشي إن سارت الأمور في التدهور والاضمحلال الذي يمارسه هذا الحزب على نفسه!!.. لم تعد تصلح التبريرات القديمة بأن هذا هو حال الاتحاديين «كل واحد يشوت براه» وكل واحد يغني على «مزاجه»!! ü الناتج الإجمالي نراه في حالة «التوهان» والغياب الكبير للحزب الاتحادي.. وهو سلوك سياسي مرفوض ومعيب لحزب نراه كبيراً ومؤثراً وقيادته لا ترى ذلك أو ربما تري ولكنها ربما تكون معجبة بأغنية قديمة يقول مطلعها «حجبوك من عيني يا ترى»!.