رمت المؤسسة الشبابية لتقانة المعلومات حجراً كبيراً في بركة ساكنة وهي تلفت الانتباه لموضوع خطير خاص بالنفايات الإلكترونية بعد أن لملمت أطراف المسألة بالتعاون مع وزارة العلوم والاتصالات ووضعتها على منضدة وزارة مجلس الوزراء التي ناقشت الملف الخطير عبر منتداها أمس الذي كان موسوماً ب «أثر النفايات الإلكترونية على الأمن البيئي»، وذلك أن تقنيات الصناعات الإلكترونية معقدة وتحتوي على مواد سامة ولها فترة إنتاجية أو استعمال قصيرة تخضع لتغييرات وتحويلات سريعة، وهذا الانتشار كما جاء في إحدى الأوراق لصناعات الأجهزة الإلكترونية ونموها يقترن بتحدٍ بيئي متزايد يتمثل في الإدارة السليمة لهذه المعدات عند نهاية صلاحيتها، وتمثل النفايات الإلكترونية نسبة صغيرة قد لا تزيد عن 2%من إجمالي المخلفات بأي دولة، وتكمن مخاطر النفايات الإلكترونية كما قالت الأستاذة مها محمد خير من الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس في ورقتها في احتوائها على مواد سامة مثل الزئبق والرصاص وغاز الكلورين السام ومواد أخرى مثل الزجاج والبلاستيك والكربون الصلب التي يصعب التخلص منها أو إمكانية إعادة تصنيعها مما يجعل هذه الأجهزة مصدراً دائماً لتلوث البيئة، وأضافت مها وتكون هذه المواد الكم الأكبر من محتويات النفايات الإلكترونية، وأشارت إلى أن هذه المواد بكميات صغيرة في النفايات الإلكترونية تجعل عملية فصلها بالطرق التقليدية غير ذات جدوى. وكانت المفاجأة عندما كشفت عن تعرضها لضغوط من جهات عليا بالدولة - لم تسمها - للسماح بإدخال أجهزة ومعدات إلكترونية مستعملة، غير مستبعدة أن تكون تلك الأجهزة عبارة عن نفايات إلكترونية، وقالت المسؤولة بهيئة المواصفات مها محمد خير إن جهات عليا تمارس ضغوطاً على الهيئة لإدخال أجهزة مستعملة لمصلحة منظمات، ولعل المنتدى الذي شهد حضوراً كبيراً من خلال حشد المؤسسة الشبابية لعمداء كليات جامعية ذات صلة بالموضوع، كان ساحة للصراحة والإقرار بالخطر الذي بات موجوداً في كل بيت من خلال وجود أجهزة ومعدات غير مطابقة للمواصفات، وهذا ما أكده عضو هيئة المستشارين نصر الدين شلقامي من أن دراسة أكدت أن حجم النفايات الإلكترونية بلغ «135» ألف طن أغلبها عبارة عن تلفزيونات، وكانت الحكومة في وقت سابق قد أصدرت قراراً قضى بعدم دخول الأجهزة المستعملة خاصة الطبية وهو القرار الذي أصدره وزير الدولة السابق بالصحة د. حسن أبو عائشة ولكنه ذهب أدراج الرياح الآن على الأقل من خلال كشف الهيئة القومية للاتصالات أكثر من «33» مليون هاتف نقال للبلاد غير مطابقة للمواصفات وتحوي مواداً سامة ومشعة من جملة «36» مليون هاتف بالبلاد الآن، وأوضحت الهيئة على لسان المهندس جمال أمين السيد بلوغ المشتركين في خدمة الهاتف السيار «27» مليوناً، ونوه إلى احتواء المحمول المطابق للمواصفات على أكثر من «40» وحدة بها مواد سامة منها الرصاص والزئبق. المفاجاة كانت في إقرار الحكومة بحسب وزير البيئة والغابات والتنمية العمرانية دكتور حسن عبد القادر هلال أن البلاد أصبحت مكباً للنفايات الإلكترونية، وأبدى انزعاجه لعدم مواكبة التشريعات للتطور الذي حدث في استخدام التقانة، وأقر الوزير بأن النفايات الإلكترونية أصبحت تمثل خطراً يواجه السودان وأن خطورتها تزداد يومياً، وتواصلت المفاجآت عندما اتفق معه وزير مجلس الوزراء أحمد سعد عمر بإشارته لضعف التدابير التي تحد من خطورة النفايات الإلكترونية، ورد معظم الأمراض السائدة الآن للأجهزة التي وصفها بالسامة والمسرطنة الواردة للبلاد، وقال إن أناساً نفوسهم ضعيفة يسعون للتكسب على حساب صحة المواطن. ولعل الإقرار الحكومي بشأن خطورة النفايات الإلكترونية أصاب الحضور بالدهشة مما دفع وزيرة العلوم والاتصالات د. تهاني عبد الله لأن تقترح إقامة مشروع قومي لتدوير النفايات الإلكترونية.