كانت المبادرة الذاتية هي أساس اختيار المحررين الصحافيين في العهد الجديد لصحيفة الاتحاد الاماراتية عام 1999م-2000 وقد أصبحت صحيفة الاتحاد ذراعاً قوياً لمؤسسة الامارات للإعلام التي ضمت كل وسائل الإعلام الحكومية فيإمارة ابوظبي، وأصبح رئيس مجلس إدارتها سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الإعلام والثقافة الاتحادية وقتها، ووزير خارجية الإمارات العربية المتحدة الحالي وهو شاب ذكي ألمعي مبادر، وعرف منذ صغره با لذكاء والشجاعة، ويذكرني بصاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير خارجية المملكة العربية السعودية السابق ونجل المغفور له الملك فيصل بن سعود رحمه الله رحمة واسعة، وكان الأمير سعود الفيصل يلازم أباه منذ صغره.. وكذلك كان شأن سمو الشيخ عبدالله بن زايد وتعلم من والده االمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الكثير، وكان زايد رحمه الله رجلاً حكيماً رحيماً، وكذلك كان المغفور له بإذن الله الملك فيصل بن سعود.. وكلاهما له مواقف لا تنسى، فقد أعلن الملك فيصل عن رغبته في الصلاة في بيت المقدس.. وقال زايد قولته الشهيرة إبان حرب اكتوبر المجيدة في عام(1973) ليس البترول العربي بأغلى من الدم العربي.. وأعود إلى المبادرة فقد كان الطاقم الجديد لتطوير صحيفة الاتحاد أصحاب خبرات من الصحافيين والتقنيين العرب من أشهر العاملين في الصحافة العربية في المهجر وعدد من الأجانب. كان زميلنا عثمان صديق قد تقدم بأوراقه للعمل في الاتحاد، وكان معنا في مكتب الشارقة بصفة مستمرة قبل تعيينه.. قدم عثمان مقترحاً للصحيفة بإعداد صفحة يومية عن الحوادث في الامارات، وتتضمن حوارات وتحقيقاً قصيراً وحوادث وعاموداً يومياً.. ولقيت المبادرة استجابة سريعة في العهد الجديد،.. وكان عثمان واثقاً من أنه سيجد وظيفة مرموقة بفضل مبادرته.. وتم تعيين عثمان محرراً صحافياً في مكتب الاتحاد بدبي وظل بها لسنوات.. وعرفنا فيما بعد أن أسس تعيين المحررين الجدد وإعادة تعيين المحررين السابقين أمثالنا اعتمدت على المبادرات الشخصية وعلى سجل المحرر الصحافي ومافيه من مبادرات خلال فترة عمله. ومازلت أجد في المبادرة أفضل طريقة لتقويم الشخص الذي يعمل معك، وكلما كان الشخص مبادراً كان حظه في الترقي أفضل من غيره.. سقت كل هذه المقدمة لأشد مهنئاً على يد الشخص المبادر الذي فكر في جولة منتخب النازحين بدافور في ولايات السودان المختلفة، وقد أوشكت على أن تكون حقيقة وتنفذ على أرض الواقع.. وقبل شهر من الآن لم أكن منفعلاً باي معسكر في دارفور التي لم اتشرف بزيارتها إلا قبل شهر تقريباً، وزرت الفاشر حاضرة شمال دارفور، وهناك سجلنا زيارة قصيرة لمعسكر ابوشوك.. وقابلت مع وفد إعلامي عدداً من رؤساء القطاعات الثقافية والرياضية والفنية وهم من أبناء المعسكر، والذين يقومون بعمل كبير في داخل المعسكر وخارجه.. ولعل المبادرة التي لقيت الثناء والتقدير والإشادة هي مشاركة فريق النازحين من معسكرات ابوشوك، وزمزم، والسلام في بطولة كأس رئيس السلطة الاقليمية لدارفور خلال شهر فبراير الماضي، والتي شاركت فيها منتخبات ولايات دارفور الخمس، وفريق نازحي دارفور هو السادس في البطولة.. وحقق فريق النازحين نتائج طيبة في المنافسة وكان لمشاركته أثر طيب وجميل لدى جميع أهل دارفور.. وقد أبدى الدكتور على قاقرين إعجابه بمنتخب النازحين أثناء البطولة وأشاد بهم وبقدرات عدد من لاعبيهم المتميزين، وقد سجل الدكتور علي قاقرين زيارة لمعسكر ابوشوك لقيت تقديراً خاصة من أهل المعسكر والمهتمين بالرياضة وعلى رأسهم السيد آدم حسين يعقوب رئيس الهيئة الرياضية والشبابية بالمعسكر، والذي يسجل اهتماماً كبيراً وحضوراً ممتازاً في كافة المحافل حتى يحقق للشباب في المعسكر الذين يصل عددهم نحو 20 ألف شاب فرصاً في التأهيل والتدريب والرعايةليس في مجال كرة القدم والرياضة، ولكن في كل المجالات الثقافية والفنية والعلمية.. ويركز آدم على ألعاب القوى.. ويؤكد أن بالمعسكر خامات ممتازة متى ما تم تدريبها وتأهيلها سيكون لها شأن على المستوى القومي وليس دافور فقط.. كما أن هناك نشاطاً ثقافياً كبيراً في معسكر ابوشوك، وهناك برنامج ثقافي كل يوم اثنين يفتح المجال واسعاً أمام كل المواهب من شعراء وأدباء وفنانين لإبراز مواهبهم وقدراتهم، ومن بين الأسماء التي برز نجمها أخيراً الشاعر ابراهيم محمد شريف من معسكر ابوشوك الذي فازت إحدى قصائده في مسابقة لمجلة عربية سعودية.. الآن تتواصل جهود الأستاذ حسين عبد الرحمن حسن وزير الشباب والرياضة بالسلطة الاقليمية لدافور من أجل انجاح جولة منتخب نازحي دارفور، وتستعد اللجنة العليا لهذا الحدث القومي الكبير لإعداد البرنامج والطواف على الولايات، ومن الشخصيات التي تبذل جهداً كبيراً لانجاح البرنامج الدكتور علي قاقرين نائب رئيس اللجنة العليا مع مشاركة العديد من الشخصيات القومية والرياضية.. ومن بينهم الأستاذ كمال خيري الذي يقوم بالتنسيق والمتابعة والأستاذ أحمد محمد الأمين مدير العلاقات الخارجية بوزارة الشباب والرياضة بالسلطة الاقليمية لدارفور.. هذه الجولة لمنتخب النازحين تحمل رسالة مهمة مفادها أن السلام ينتظم دارفور وأن المعسكرات تشهد الآن حراكاً ثقافياً ورياضياً وفنياً مهماً.. وأن التعليم منتظم في المدارس داخل المعسكرات، وأن هناك نوابغ ومبدعين داخل هذه المعسكرات سيكون لهم شأن عظيم.. وعلينا أن نستفيد من الجولة ونرعاها وأن نعمل على إنجاح هذه المبادرة المتميزة وأن تجد حظها من التغطية الشاملة في وسائل الإعلام المحلية والأجنبية.