المشهد الآن في ولاية شمال دارفور يشير إلى أن الأحداث تتدحرج نحو المربع الأسوأ كلما تعالت الرغبات الشخصية للاعبين في الميدان هناك. فأمس الأول تناقلت الوسائط بأن عثمان محمد يوسف كبر والي شمال دارفور تعرض لمحاولة اغتيال من قبل مسلحين داخل منزل معتمد محلية الكومة التي زارها خلال جولة تفقدية. غير أن الأنباء تضاربت، فيما نفى معتمد الكومة تعرض كبر لمحاولة اغتيال، قال إن أربعة سكارى قاموا بإثارة الشغب بسوق الكومة وعبروا عن رفضهم لزيارة الوالي الذي كان موجوداً بعيداً عن مكان الحادث، و أصابوا شرطياً توفي متأثراً بجراحه وهي رواية تتعارض مع أخرى تشير إلى أن إحدى السيارات المرافقة لكبر في جولته تحركت إلى وسط سوق الكومة، وأن مسلحين حاولوا اختطافها حيث تصدت لهم الشرطة وألقت القبض على عدد منهم والتحقيق معهم يجري الآن. ********** وبعيداً عن هذه الأحداث فإن شمال دارفور تصدرت المشهد خلال الأسبوع الماضي بعد أن كانت أكثر أمناً و استقراراً، وهو تصعيد يقف خلفه لاعبون كبار بينهم موسى هلال المستشار بوزارة الحكم الاتحادي والموجود في منطقته (سرف عمرة) حيث رهن عودته إلى الخرطوم بإبعاد كبر من منصبه، فيما استغل مني أركو مناوي الوضع بالولاية وشن هجمات على عدة مدن منها منطقة الطويشة بغية تحقيق نصر معنوي ونهب مواد غذائية وبترولية من المدن. ونتج عن ذلك نزوح المئات من المواطنين من مناطقهم. ويعد الأستاذ عثمان محمد يوسف كبر أحد أبرز الولاة في دارفور وحقق نجاحاً لافتاً في شمال دارفور. ترعرع كبر وسط أسرة عرفت بالزهد والتعليم، فوالده برتاوي وأمه زيادية وترعرع في منطقة الطويشة بشمال دارفور، وهو من مواليد 1955، وكان بارعاً في إجادة رقصة (الكشوت)، وهي رقصة شعبية في شمال دارفور. وكان لديه موهبة إمتاع الآخرين ويمتلك صوتاً جهورياً. واختار كبر مهنة التدريس في مدرسة الطويشة، وقد لمع نجمه في العام 1978 خلال زيارة لحاكم دارفور آنذاك لمنطقته ليدخل بعد ذلك الساحة السياسية. في العام 2001 لعب كبر أدواراً حاسمة لجهة استقرار دارفور ليتم اختياره في عام 2003 والياً لولاية شمال دارفور عقب تعرض الفاشر لهجوم من قبل حركة مناوي، حيث كان يستهدف مطار الفاشر. وخلال مسيرته في الحكم الممتدة حتى الآن نجح كبر في إقناع لكثير من أبناء الولاية في الحركات المسلحة بالإنضمام إليه، وبرغم ذلك تعرض لحملات من خصومه لإبعاده عن منصبه. وتقول بعض قيادات شمال دارفور إن ما تشهده الولاية هو نتاج لصراع بين كبر وخصومه خاصة موسى هلال الذي يطالب بإبعاده من منصب الوالي، وهو مطلب ظل يردده البعض. إذ قال المسؤول السياسي بحركة تحرير السودان القيادة الجماعية سيف النصر التجاني هارون إن كبر جزء من الأزمة في الولاية، داعياً إلى تغيرات في مراكز صناعة القرار المحلي بالولاية وضخ دماء جديدة في أجهزة الحكم، وأرجع سيف النصر ما حدث إلى تعامل كبر مع بوادر الخلافات القبلية في مليط وكتم مما أدى إلى تطور الأحداث إلى عمليات كبيرة بواسطة المتمردين.. ويضيف سيف النصر أن قادة الحركات المتمردة يريدون أن تبقى شمال دارفور مشتعلة من أجل الكسب والحصول على الأموال من الخارج. لكن من يطالبون بإزاهة كبر يدركون أن مثل هذه الخطوة ستغري آخرين بالمطالبة بإبعاد ولادة من مناصبهم، كما أن وجود كبر في منصبه سيعزز هيبة الدولة خاصة وأنه والٍ منتخب في العام 2010م.