تغيير المنهج المدرسي إلى جامعي خطوة لبناء الدولة العلمية، مما يسهل الفتوى في مجال التعليم هي أننا جميعاً قرأنا ودرسنا في المدارس السودانية البريطانية الصنع والتأسيس، وصعدنا عبر ذلك السلم التعليمي السابق والحالي، الذي وصل بنا في خاتمة المطاف أن أصبحنا عبارة عن مثقفين بارعين نجيد القراءة والكتابة والجدل أيضاً، ثم اشتعل الرأس شيباً. السؤال: جمهورية السودان خالية تماماً من المخترعين والمكتشفين، لكنها مليئة بالمثقفين والشعراء والكُتَّاب بعدد أفراد سكانها لماذا؟. الجواب: إنه المنهج المدرسي الذي تجلس لإعداده وزارة التربية والتعليم في بخت الرضا، فتجدهم يتواضعون في الإعداد إلى أن يخرج الكتاب المدرسي من بين أيديهم عبارة عن عناوين عريضة جداً، وتفاصيل دقيقة لا ترى بالعين المجردة، وعدد سطور لا يتعدى بعض الوريقات والصفحات، التي لا تشبع جائعاً، ولا تروي ظمآنا. إن المنهج المدرسي السوداني ليس به عيب أيها السادة والسيدات، سوى أنه لا يلائم طبيعة النفس البشرية. إن طبيعة النفس البشرية كما تعلمون لا تقبل أو تستوعب إلا مواداً كاملة، تبدأ بالألف وتنتهي بالياء كما في الحروف الأبجدية. ألم تر كيف أن الناس جميعاً يعيشون المسلسلات والأفلام والنكتة ومتابعة الدوري الرياضي؟. إذن ليس هو عشق المتعة والاستمتاع لكنها طبيعة النفس البشرية، فالمسلسلات تبدأ من الحلقة الأولى ويستمر منهجها حتى الحلقة الأخيرة، فتظل مبادؤها وأفكارها خالدة في الوجدان، مثل قصص المطالعة التي تظل راسخة في أذهان الجميع، وما عداها في منهج وزارة التربية والتعليم فهو غثاء كغثاء السيل. ألم تر كيف أن منهج السماء له بداية ونهاية، اختتمت بعهد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فظل خالداً وسيظل خالداً حتى قيام الساعة. المعلومة الكاملة لكل علم في العلوم موجودة بتسلسلها عند وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، والتي تمثل عندي التاجر الإجمالي، فتأتي وزارة التربية والتعليم لتأخذ منها بعض العناوين المتفرقة، لتبيعها لأبناء الوطن بثمن قدره كل العمر. إذن.. دبلوم في كل مجال هو المنهج المدرسي الذي يليق بأبناء وبنات السودان. إن مما يثلج صدور الآباء والأمهات هو أن يروا أبناءهم بارعين، يجيدون علماً من العلوم، فعندما يصبح أبناؤنا جامعيين منذ النشأة، وتمنح لهم شهادة الدبلوم عقب كل ثلاث سنوات من عمرهم، فانظر كم عدد الشهادات التي سينالها من كان عمره ما بين الستين والسبعين، وهل هناك من هو أطول عمراً منه وأوفر حظاً، فبقيام المدارس الجامعية سيتحقق الهدف المنشود ألا وهو: أطلب العلم من المهد إلى اللحد. عندها نتساوى مع الدول المتقدمة ثم نتفوق عليها منتصرين. إن مما سهل القيادة على خالد بن الوليد رضى الله عنه، أنه كان صحابياً يقود صحابة، وسهلت عليهم القيادة والانتصارات، حتى آلت إلى أسامه ابن زيد وهو صغير في السن، إلا إنه صحابي يقود صحابة.. فأنى للبروفيسور أن يقود من هم دون ذلك، فهل تسهل عليه القيادة؟ اليوم ترفع راية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي عالية خفاقة، ثم تنكس راية وزارة التربية والتعليم، ونلفها كالثوب الخرب، ونسلمها للسفارة البريطانية إلى غير رجعة. أو ليس استفتاء يناير 2011م هو التدشين لاستقلال يناير 1956م. معاً وتحت اشعاعات صباح ذلك اليوم السعيد لنفتح سوياً صفحة جديدة بيضاء ناصعة البياض، خالية من كل الشوائب البريطانية المادية منها أولاً ثم المعنوية. الشركة السودانية لكهرباء بورتسودان