تسنى لي وبالتوفيق أن أصلي الجمعة الماضية (13 جمادي الأولى 1435ه) الموازي (14 مارس 2014) أن أصليها بمسجد مجمع المصطفى صلى الله عليه وسلم بالقاهرة بحي النصر- غرب الاستاد- في جمهورية مصر الشقيقة.. واصغيت بانتباه شديد لخطيب المنبر بتلك الجمعة وبيني وبينه صف واحد من المصلين الذين لم ألحظ فيهم كعُمامتي أو جلابيتي وأنا بين إخوتي المصلين أولئك.. بمصر.. وكلنا مشدودون للإمام الخطيب الطلق المعبّر حين ركز على التداول وقيادة الجماعات والأمم.. ذاكراً أن قواعد التمكين لا تقوى وتعلو إلا قليلاً عندما تكون اجتهاداً بشرياً وإن تكاملت ركائزها أو قوى سلطانها.. فهي منهارتة متضاعفة.. إذ خلق الانسان ضعيفاً.. ولكن ما بُني وأُسس على قواعد القرآن فهي قائمة على .(وما فرطنا في الكتاب من شيء)... ودونكم الأمثلة والشواهد المتعاقبة.. فتقوى الله إذن تقتضينا أن نخلص النوايا لله رب العالمين الذي أمرنا أن نحكم بما أنزل هو سبحانه.. ونحن نقرأ (رب هب لي حكماً وألحقني بالصالحين..) وأن النبي المجتبى صلى الله عليه وسلم يقول- كما أذكركم دائماً- (إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة عام من يجدد لها أمر دينها) وليس دنياها..- أي الدنيا فحسب- ونحن نلحظ أن الجماعات قد تتبارى وتتنافس على وضع أسس القيادة والريادة.. إلا أن ما لم يقم على ركائز الموجهات القرآنية.. فهو أضعف وسيزوي وإن تطاولت به الأديادي.. فهمنا كله أن تكون الأسس على مؤشرات التمكين.. حتى لا تنحدر بنا الممرات والسبل ونحن نظن أننا على أُسس متينة فإنني وأنا استمع لهذا الخطيب المفوه قد جذبني إلى استحضار تجارب عديدة قامت وأسست تحت شعارات زهت وسمت وتطاولت وانتشرت على مستويات وبلدان عربية وأفريقية وآسيوية لكنها الآن تنهار وتؤول إلى فناء.. فأين الاشتراكية التي اقحمت على الأنظمة والقطاعات ردهاً من الزمان.. ونديدتها الرأسمالية.. وهي تعني عكس الاشتراكية.. وأين البعثية وهي ترفع شعار أمة عربية ذات رسالة خالدة.. ثم أين الشيوعية كمعتقد فشا في الناس عابراً قارات وبلداناً.. يخلب قلوب وتيارات وثقافات شتى.. ناهيك عن الأديان والمعتقدات الكثيرة الأخرى.. وسرعان ما يقفز إلى الذهن النابه المعتقد المتكامل الذي يزهو بعقلية العالم العصري الجامع.. مثل ذاك الفيلسوف والعالم المسلم (ابن سينا) الذي تكاملت عنده علوم الشرع وعلوم الطب معاً.. حتى أن الناس والأطباء خاصة يركزون على كتابة.. (قانون الطب) بشهية وإنتباه متمكن.. ونريد من ذلك أن نقول بأن الآيات المترادفة في أمر حكم الناس وقيادتهم.. بأن من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم (الكافرون) وكذلك هم (الفاسدون) ثم أيضاً هم (الظالمون).. فإن كان كل هذا التداعي هو من تلك الخطبة المنبرية (بمسجد) حي النصر بالقاهرة.. ولما كان هو مجمع إسلامي فقد احتوى الموقع ذاك مؤسسات أخرى تجارية وتوجيهية وتعليمية.. فقد ترافقت التدافعات من الناس وتوالت لأغراض كثيرات.. وقد احتوتنا معروضات عديدات ونحن نخرج من المسجد عند البوابات الخارجية فإنه مجمع المصطفى صلى الله عليه وسلم الاسلامي الذي حملني مباشرة للخرطوم.. لمجمع النور بحي عزيز كافوري ببحري.. حيث تبهرك السلالم والمدرجات المتحركة والثابتة لترتفع بها إلى (مسجد النور) الباهي.. الذي يقصده الناس والمصلون.. رجالاً ونساءً وشباباً وأطفالاً من مواقع مختلفة ليصغوا ويستمعوا لاخي العالم «د. عصام البشير» وهو يجدد عليهم كل جمعة وكل شهر.. ويقايس الأمر بمقتضى التتالي والتوالي والظروف الآنية والهداية كل عام.. قائلاً اطيعوا الله واطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم.. فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله وإلى الرسول.. والناس يتصاعدون ويصقلون اسماعهم وافئدتهم للبيان الساحر المؤثر والقرآن.. وهم في ذات المواقع بعدها يهرعون إلى التسوق وجلب وشراء المطلوب والمقصود من المحال التجارية داخل مجمع هذا المسجد (مسجد النور) وتنوع المعروضات لمن أراد أن يشتري أو يهدي.. لأن «عصام» يقول لهم (تهادوا تحابوا) وهي صقل للأنفس والأرواح وكأنه يقول لهم «أي عصام» إن الأثر الطيب يقول لكم.. إن اليهود يحسدونكم في ثلاثة (الجمعة.. والصفوف المتراصة.. وقولكم آميييين...). فهذان المسجدان (بالقاهرة) و (بالخرطوم) يؤديان رسالة التعبد والعبرة والعظة.. وكذلك يشيران إلى أنه إذا أديتم الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله.. فإذن دونكم جميعاً المجمع التسوقي (بالخرطوم) بحي كافوري- بحري ومجمع المصطفى صلى الله عليه وسلم الاسلامي بحي النصر (بالقاهرة) وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.. والله أكبر..