الحمد لله وكفى ، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى . وبعد : ففقد اتصل بي أحد المشايخ بالجنينة وطلب مني كتابة مقال عن الخضر عليه السلام ،وأخبرني أن صحيفة آخر لحظة أصبحت تنفد من حين وصولها لأن الآلاف يترقبون عمودي (أنوار ) فأقول : الكلام عن سيدنا الخضر عليه السلام في المباحث التالية : أولاً : اسمه ولقبه وكنيته . فاسمه :بليا ، ذكره ابن قتيبة في كتابه المعارف وابن حجر في الفتح والعيني في العمدة. واختلفوا في اسم أبيه ، فقيل : ملكان وقيل كلبان .وقيل: عابيل وقيل قابيل .قال الحافظ بن حجر في فتح الباري الأول اشهر .أما لقبه : الخَضِر ، بفتح الخاء وكسر الضاد . وقد أخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم :إنما سمي الخضر لأنه جلس على قروة بيضاء فإذا هي تهتز من خلفه خضراء . قال ابن حجر في فتح الباري وقد زاد عبد الرزاق في مصنفه القروة الحشيش الأبيض .أما كنيتُه : أبو العباس . قال النووي : وهذا متفق عليه . نسبه وأصله : قيل إنه ابن آدم من صلبه ، أخرجه الدارقطني وابن عساكر من طريق رواد بن الجراح عن مقاتل بن سليمان عن الضحاك عن ابن عباس. قال الحافظ ابن حجر في الإصابة : رواد ضعيف متروك . والضحاك لم يسمع من ابن عباس . قلتُ :إن الضعف والانقطاع لا يضران في مثل هذا المقام ،بل يكفي أدنى شاهد . وقيل :إنه ابن قابيل ابن آدم عليه السلام ، ذكره أبوحاتم في كتا ب المعّمرين. قال ابن حجر في الإصابة : هذا معضل . وقيل إنه من ولد فارس جاء ذلك عن عبدالله بن شوذب أخرجه الطبراني عن ضمرة بن ربيعة ،قال الحافظ بن حجر في الإصابة سنده جيد . زمانه : الصحيح أنه كان في زمان الاسكندر بن فيلقوس اليوناني الملقب بذي القرنين الأكبر . وهذا كان في زمان سيدنا إبراهيم عليه السلام .واختُلف فيه هل هو نبي أم رسول أم ولي ؟ جزم القُشيري أنه ولي ، والصحيح عند الجمهور أنه نبي (عمدة القارئ ،شرح البخاري )لأدلة كثيرة منها :1/ قال تعالى حاكياً عنه ( وما فعلتُه عن أمري ) أي بوحي ،2/ قال تعالى (فوجدا عبداً من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمنا من لدنا علماً) قال ابن عباس : الرحمة ، الهدي والنبوة .راجع الدرر المنثور للسيوطي . 3/ لا يجوز أن يكون غير النبي أعلم من النبي 4/ لا يجوز أن النبي يتبع غير النبي لأن سيدنا موسى عليه السلام تبعه هل هو حي أم ميت ؟؟؟ قال جماعة من العلماء بموته كالبخاري وغيره . واحتجوا بما في الصحيح من قول النبي صلى الله عليه وسلم : أريتكم ليلتكم هذه فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى على ظهر الأرض واحد . وبالآية : (وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد )أما الجمهور على أنه حيٌ . وناقشوا الآية أنها تفيد الخلد ، اما الخضر فإنه سيموت عند رفع القرآن .أما الحديث فإنه عام مخصوص بدلالة إبليس لم يمت أو أنه مخصص بمن في البروالخضر مسكنه البحر . والقول بحياته هو نقل ابن تيمية في مجموع الفتاوي والنووي (الأسماءواللغات ) وابن حجر في الفتح وغيرهم . سبب حياته : قيل لأجل أن يكذب الدجّال ، وهو مروي عن ابن عباس أخرجه الدار قطني وابن عساكر . ذكر عبد الرزاق في مصنفه عن معمر بن راشد :أن الخضر حيٌ وقيل بدعاء سيدنا آدم عليه السلام له ، رواه ابن إسحاق في المبتدأ . وقيل :لأنه شرب من عين الحياة . وهذه العين ذُكرت في البخاري والترمذي . وقال ابن حجر أن ذلك لم يثبت مرفوعاً أي الشرب من ماء الحياة . والخلاصة أن الخضر عليه السلام حيٌ عند جماهير العلماء.