هناك شيء غريب أردت أن أشرككم معي في التفكير فيه، وسيتذكره من شاهده وسيعلمه من لم يذهب لإحدى مكاتب السجل المدني التابعة للشرطة وهي تحتفي باستخراج شهادات الميلاد، والتسنين، والوفاة، والجنسية، وغيرها.. المهم لقد لفت نظري التكدس الواضح، بل الازدحام اليومي في هذه المكاتب، مما يولد لديك سؤالاً مهماً أين وثائق وشهادات كل هؤلاء المواطنين؟ وأين ضاعت؟ ولماذا لم يحافظوا عليها؟ مع العلم بأن ضياعها يكلف فاقديها أموالاً، ووقتاً، وجهداً، لو علمها أي شخص لأودع أوراقه الثبوتية في خزينة البنك.. لكن اهمال بعضنا لتلك الأوراق وعدم احساس الجميع بأهميتها يجعلها في ثانويات الأشياء التي تستوجب المحافظة عليها.. فاهمال مثل هذه المستندات غير مُجد، وغير وارد، يجهد الطرفين معاً.. وحقيقة الأمر يدعو للاستغراب خاصة فيما يتعلق بمن يضيعون شهاداتهم الأصلية.. أما ما يدعو للدهشة والاستغراب معاً هو كمية المواطنين الذين يتقدمون لطلب استخراج شهادات التسنين.. وأكثر ما يدعو للدهشة أنهم يستخرجونها في العام «2010» بعد أن تعددت وكثرت المراكز الصحية التي تسجل المواليد، فكل الذين يطلبون هذه الشهادة من صغار السن «يعني ما صغار شديد»، لكن الأمر غير المقنع أن لا يكون لديهم شهادات ميلاد، كما أنه من غير المعقول أن يكون كل طالبي شهادات الوفاة لم يستخرجونها من قبل، حتى إذا استخرجوها فهم يكونون ممن اهملوها واضاعوها، ولم يتبينوا اهميتها، فكان مصيرها مصير شهادات الميلاد.. كل ذلك والناس ناسين أو متناسين أهمية وثيقة دخولهم للحياة، وأهمية خروجهم منها، فلكل واحدة أهمية لا يجهلها أحد. المهم سادتي أنا أعلن هنا استغرابي فقط.. ولا أحمل القضية طرف واحد فالقضية مشتركة، والضياع قد يكون لا إرادي أي أنه ليس السبب.. في ضياع أوراقه الثبوتية، وفي ظني أنه من المهم أن تعمل الحكومة في اتجاه الرقم الوطني الذي يوثق للإنسان منذ ولادته وحتى وفاته دون أي عنا.. ونتمنى أن يتم تنفيذه خاصة وأننا نتابع الخطوات الأولية.. له بالمناسبة وحتى تعتقدون أنني قد قسيت على بعضكم ممن ضاعت شهادته.. فقد كتبت هذه السطور وأنا داخل السجل المدني بالخرطوم استخرج شهادة ميلاد لىّ وأخرى للكاركتيرست «فارس»، إذن نحن من أولئك الذين لم أدع وصفاً إلا وذكرته فيهم.. ورغم ذلك أوصيكم ونفسي بالمحافظة على كل أوراقكم الثبوتية في مكان أمين.. فهي مهمة جداً جداً.