وما زلنا في رحاب اللواء الركن يونس محمود.. ويبهجنا أن نهديه عاطر التحايا وكثير السلام.. وبحاراً من الود.. ولكن قبل هذا السيل العطري من التحايا.. دعوني أرسل له حروفاً من عزاء وتعازي.. وكلمات من تعاطف ومواساة في فقده الجلل.. وكيف أن أحلامه الشاهقة.. وراياته التي رفرفرت في سماء الوطن أوان انفجرت عاصفة الإنقاذ وأعلام تحمل حروف النبوءات الجريئة، وكيف كانت أحلاماً خلابة وهم ينظرون وينتظرون الوطن محلقاً في سماء الدنيا، وكيف أنه سعيد أيام يثرب القدسية.. وكيف أن دروب السودان.. موعودة بأن يمشي عليها البدريون وتابع التابعون.. وقبل أن أفصل في «سادية» حزم وعودهم التي أطلقوها في سماء الدنيا.. ومواصلة لفيض وفيوض عزائي إلى الجنرال.. الذي أتصوره الآن يعيش في أسى بالغ وحزن مقيم، وهو ينظر إلى الرايات والبيارق والأعلام وكيف طُويت وأُودعت مخازن النسيان.. وما أبشع وأقسى الأحلام عندما تذبح أو تستشهد أو تنحر.. أنا لا أرى كلمات تصلح للغناء وتصلح أن تكون الآن هي كاميرا «رقمية» بالغة الدقة والكفاءة تصويراً لحالة بل لسان حال الجنرال.. ويا لروعتك يا «وردي» وأن تصور الهزيمة أو الفجيعة في أنضر صورها.. فإلى الخسارة. خسارة قلبي في حبك واخساره خسارة أملي وأملك واخساره يا خسارة دمعي ودمعك واخساره كنا بنبني الجنة ولما خلاص قربنا إنت هدمت سعادتك ليه واخساره يا جنرال.. حق لك أن تحزن بل تنتحب.. فقد تبددت أحلام هائلة كنتم تبشرون بها الناس في تلك الأيام المفزعة.. وها هي هباء منثوراً تذروها الرياح.. أنا يا جنرال لست شريراً.. و لكني «غصباً» عني سأعيد لك بعض كلماتك وأنت تبشر الناس بدولة الإسلام والعدالة.. واسألك بعدها.. أين كل ذلك الآن.. وكلماتك نصاً «تمكيناً لرايات الإسلام وإعلاء لكلمة الله.. ونشراً لقيم العدل وصوناً للكرامة.. ما كان لها أن ترغب بأنفسها عن تمكين دولة الإسلام من حالات الاستضعاف إلى السلطة والقوة».. ونسألك يا جنرال.. أين كل ذلك.. ثم ما رأيك أن يأتي إخوانك وبعد خمس وعشرين سنة وتزيد.. ليقولوا لنا «تاني ما في شريعة مدغمسة».. ونواصل سيل أسئلتنا والتي نأمل أن يكون سيلها أشد عنفاً وعنفواناً من سيل «أبو قطاطي» ذاك الذي «وكت يكسح ما يفضل شيء»، هل الذي تفجرت الإنقاذ من أجله شريعة الإسلام المطهرة أم شريعة الإنقاذ المدغمسة.. وهل شرع الله يقبل زيادة أو نقصاناً حرفا أو نقطة أو شولة ناهيك عن دغمسة.. وسؤال آخر.. هل أشرقت أنوار وأضواء الإسلام المبهرة بعد إشراق شمس الإنقاذ.. وهل وجدتمونا نتحلق حول أصنام هبل ويغوث ونسرا.. أم جئتم ووجدتمونا في «دار الندوة».. لقد جاءت الإنقاذ ووجدت أقدام أهل السودان راسخة واثقة في تربة الإسلام الطاهرة المطهرة.. ونأتي إلى راية تزكية المجتمع.. ونطلب منك أن تكون منصفاً أميناً و«حقانياً» وراجع المجتمع السوداني قبل اطلالتكم وكل مفاصل السلطة في أيديكم.. لا أطلب منك أن «تنحت» ذاكرتك لترهقها ذكرى وتذكراً.. فقط راجع دفاتر الشرطة وقاعات المحاكم اسأل عن جرائم الانفلات الأخلاقي أو السقوط الأخلاقي.. اسأل عن «ضبطيات» المخدرات وإدمان المخدرات.. اسأل عن الأطفال مجهولي الأبوين.. اسأل وسجل وأرصد.. ثم ضع فاصلاً.. أو استخرج «ورقة» جديدة.. وأسأل عن كل ذلك بعد ثورتكم المجيدة.. وقارن.. وأضرب كفاً بكف.. وبسمل وحوقل وحتماً سوف تتنهد وتردد.. لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.. إن الفقرة الوحيدة التي حاول «الإخوان» أن يطبقونها على أرض الواقع هو حديثكم في صباح ذلك اليوم يوم انطلاقة ثورتكم هي «تمكين دولة الإسلام» وحتى هذه تحولت من خط سيرها فصارت «تمكيناً» للإخوان والأحباب وبفضلها تدفقت دموع الناس جداول وهم يجدون أنفسهم صرعى بسيف «الصالح العام». بكرة نتلاقى