الطفولة عالم جميل ومختلف عن حياة البقية فلهم حياتهم الخاصة والحلوة، كل منا يريد أن تحمله كبسولة الزمن وترجعنا لذلك العالم البريء.. كما ذكر ذلك الكاتب رجاء العتيبي الذي تحدث عن الطفولة وعشق الناس للطفولة، لِما رأوا فيها من المحبة والصفاء والبراءة، إن تلك قناعة لا يختلف عليها اثنان، بل أن الإنسان لا يختلف مع نفسه حول هذه الرؤية السائدة، وكم يتمنى هذا الإنسان أن يعود طفلاً يبني بيتاً من طين لا ترهقه ديون البناء ولا طلبات المقاول.. كم يتمنى أن يعود طفلاً ينام عند غروب الشمس ويصحو هو والعصافير في موعد واحد.. كم يتمنى أن يعود طفلاً يتخاصم مع زميله أول النهار ويتصالحان آخره.. وكم يتمنى أن يعود طفلاً لا يشعر بقيمة الموضة والموديل.. كم يتمنى أن يعود طفلاً يرقد خالي الذهن إلا من بعض الكوابيس الليلية التي تعاود الأطفال من حين لآخر، هذه الحقائق وغيرها الكثير هي التي تجعل الإنسان يفكر أن يعيش زمن الطفولة.. لكي يهرب من واقعه الرتيب وحياته المعقدة.. يريد أن يحتمي بالطفولة من ألسنة الناس وأحقادهم ونظراتهم.. ومع ذلك ترى الإنسان يتجاهل كل ذلك ليقول إنه يرغب في سنوات الطفولة من أجل براءتها، وفي داخل نفسه شيء غير هذا.. إنه الهروب لا شيء غيره من يريد أن يستبدل عقله بعقل طفل صغير لا يعي ما يدور حوله؟! من يريد أن يستبدل شبابه وقوته بضعف الصغار وحاجاتهم؟! من يريد أن يستبدل حريته بقضبان الطفولة؟! من يريد أن يستبدل العلم والثقافة بجهل الطفولة لمعنى الحياة؟ إذا كانت البراءة هي مبتغى كل منا.. فلماذا لا نعيشها في سننا الكبيرة، لماذا لا نجعل براءة الطفولة تكبر معنا.. تنمو وتترعرع وتزدهر في شبابنا ومشيبنا.. مشكلة الإنسان أنه حين يعيش الطفولة لم يكن يشعر بها فهو يتحسسها إحساساً في اللاشعور وبالتحديد عنما نكبر، لا يرى فيها سوى البراءة.. فهو يعشق البراءة ويتمنى معانقتها للمرة الثانية.. ولكن هيهات.. ونحمد الله أن العودة للطفولة ليست بمشيئة الناس وإلا لضقنا بكثرة الأطفال من حولنا.