ارتفعت حمى التحضير داخل أروقة المؤتمر الوطني توطئه لانطلاقة المؤتمرات العامة للحزب بالولايات، والتي ستبدأ في السادس من الشهر المقبل بولاية سنار وتختتم نهايته بالقضارف، وما تزال بعض الولايات تجري في مؤتمرات قطاعاتها، لكن ما حدث في بعضها يثير القلق رغم اطمئنان الحزب بمضيه في إكمال الترتيبات الخاصة بتلك المؤتمرات.. كانت آخر ملامح هواجس الرهق المتوقع في تلك المؤتمرات ما جرى في محلية المناقل بولاية الجزيرة، حيث تصارع الوطنيون ب «العكاكيز» ورسموا صورة شائهة للشورى أفضت إلى تدخل الشرطة لفض التعارك. ولعل قيادة الحزب كانت متحسبة لذلك، فقد شرعت منذ وقت مبكر بتأسيس لجان لمحاسبة المتفلتين ولمثيري القلاقل داخل المؤسسة التنظيمية أسندت لرئيس البرلمان السابق القيادي بالحزب أحمد إبراهيم الطاهر لتتولى محاسبة عضوية الحزب على التفلتات التنظيمية التي تقع في المركز والولايات وفق لائحة أجيزت مؤخراً.. وبرر أمين قطاع التنظيم بالوطني حامد صديق في بيان صحفي، الخطوة بأنها محاولة لقطع الطريق أمام أي انحرافات تترافق مع مؤتمرات الولايات القاعدية التكميلية للمؤتمر العام، والقضاء على أي تكتلات ربما تحدث عند انتخاب مرشح الولاية لمنصب الوالي، إلى جانب حماية عضوية الحزب من تصفية الحسابات الشخصية مع بعض النافذين في الحزب على حد قوله. وقد أجرت تلك اللجنة تمريناً ساخناً العام الماضي عندما قامت بمحاسبة قيادات بالحزب غادروا أسواره على رأسهم د. غازي صلاح الدين وإن كان الأخير لم يمثل أمام اللجنة في أعقاب تبنيهم مذكرة، وُسمت ب «الإصلاحية» انتقدت تعاطي الحكومة مع المحتجين على رفع الدعم فيما عرف بأحداث سبتمبر، وكانت قرارات اللجنة صارمة وصلت مرتبة فصل البعض وتجميد عضوية آخرين لدورة تنظيمية كاملة. وفي ظل الأوضاع الراهنة وما بدأ يرشح هنا وهناك بشأن المرشحين المحتملين لمنصب الوالي، تظهر حالة من الترقب للمؤتمرات العامة بالولايات ما يجعل الحزب يرفع على المستوى المركزي من درجة التأهب للمؤتمرات على كافة الأصعدة، ومن خلال متابعتنا اللصيقة لما يجري في الحزب، نلحظ التعامل بالمكشوف من قبل أمانة الإعلام التي يتولاها الوزير ياسر يوسف، إذ تم اعتماد إعمال سياسة الباب المفتوح وتمليك المعلومة حتي لا يقع الحزب في فك التضارب والنفي المنقوص خاصة وأن التقنية الحديثة أوجدت مواقع التواصل الاجتماعي التي من الممكن جداً أن تكون وثقت ل «عكاكيز» المناقل - وإن لم نرَ هكذا صورة حتى الآن - ولعله كان طبيعياً أن يكون أمين دائرة الصحافة بأمانة الإعلام مجدي عبد العزيز وطاقم الأمانة محجوب أبو القاسم ومالك فقيري وجمال وآخرين منتشرين في ملاعب «مجموعات الواتساب»، وحتى كابتن الفريق الإعلامي ياسر يوسف ونائبه قبيس أحمد المصطفى يشكلان حضوراً مقدراً في تلك الوسائط وتشبيك علاقة المركز بالولايات. نجاح المؤتمرات العامة هو المؤشر الحقيقي لنجاح المؤتمر العام للوطني الذي سيتم فيه اختيار مرشح الحزب للرئاسة، وفيما يبدو أن الحزب الحاكم على مستوى المركز وولاية الخرطوم تبدو الأحوال هادئة إلى حد كبير، ففي الأسبوع الماضي تم عقد مؤتمرين مهمين لشباب وطلاب الوطني بولاية الخرطوم شهدهما نائب رئيس الحزب البروفيسور إبراهيم غندور ورئيس قطاع العلاقات الخارجية د. مصطفى عثمان - على التوالي - وقد شهدا نجاحاً مقدراً واختتما في هدوء تام، ومرد ذلك تأثر الخرطوم بالمركز العام للحزب والإحكام الدقيق لتلك المؤتمرات والتدافع الموضوعي وإعمال الشورى واكتمال حلقاتها داخل الحزب بالخرطوم كما قال لي أمين الإعلام بوطني الخرطوم هاشم القصاص في حديث سابق. بدأ العد التنازلي لمؤتمرات الولايات والخوف أن تجرف سيول التفلت بيوت الشورى، وتبرز علامات التفلت بشكل كبير بحالة عدم الرضا ليس تجاه من يتم ترشيحهم، بل حتى بشأن مستوى المشاركة، وكان أمين الشباب بالمؤتمر الوطني صديق المبارك صرح ل «آخر لحظة» في وقت سابق، مبدياً عدم رضاهم عن حجم مشاركتهم في الحكومة رغم أنه امتدح أداء المشاركين من إخوانهم في السلطة، وقال إن الشباب المشاركين في الجهازين التشريعي والتنفيذي قدموا مردوداً ًطيباً بشهادة الكبار. ومهما يكن من أمر فإن تحدياً كبيراً سيجابه الحزب في المرحلة المقبلة وتحديداً من بداية سبتمبر المقبل، فما حدث من احتجاجات عامة جراء رفع الدعم يمكن أن تكون صورة طبق الأصل داخل الحزب بوقوع احتجاجات جراء رفع «أسماء» غير مرغوب فيها وليست صاحبة سبق في الحزب وبالتالي فإن الحزب مطالب أن يثبت أنه مؤسسة تنظيمية حاكمة جديرة بقيادة الوطن وليس الوطني.